هل يخلق الله عز وجل الشر

السؤال : من الأدعية التي نسمعها في شهر رمضان المبارك دعاء “واكفنا شر ما قضيت” هل الله عز وجل يخلق الشر ؟
يجيب فضيلة الشيخ الدكتور سعد بن عبد الله السبر
هذه المسألة ذكرها أهل العقائد كالطحاوي رحمه الله تعالى في العقيدة الطحاوية وشرحها بن ابي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية فمسألة هل يخلق الله عز وجل الشر، أهل السنة والجماعة عقيدتهم أن الله عز وجل يخلق الخير والشر والمعتزلة قالوا أن الله لا يخلق الشر فعندما نفوا خلق الله للشر أثبتوا خالقين مع الله، تعالى الله عن ذلك فجعلوا كل من يفعل شراً هو الخالق لفعله وهذا لا شك بانه إثبات ألهة مع الله وهذا لا يجوز بل هذا أمر كفري والعياذ بالله أن نجعل مع الله ألهة والجبرية قالوا بأن الإنسان مجبور على عمله وكل هذا باطل بل إن الله عز وجل يقول ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾ فكل فعل نفعله من خير وشر الله الذي خلقه، ولكن هل نحن مجبورين على فعل الشر ؟ لا وكما ذكرت في المقدمة أعطانا الله العقل وأعطانا الله الأداوت التي نجتنب بها الشر ، نعرف الشر ثم نجتنبه فلذلك بقول الله عز وجل ﴿ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ ﴾ قال المفسرون من عرف الخير ولم يعرف الشر وإتبع الخير فهو هالك ومن عرف الشر فلا شك أنه هالك ولم يعرف الخير، ومن عرف الخير وإتبعه وعرف الشر وإجتنبه هو الناجي، فإذاً الله عز وجل خالق كل ما في الكون، هل يخلق الله شراً محضاً كما سألت ؟ لا يخلق الله شراً محضاً ، الله عز وجل خلق هذه الشرور لأنها تفضي إلى خير، فكيف يفضي خلق الذنوب إلى خير ؟ يتبين من يطيع الله عز وجل، يتبين من العاصي من الطائع، يتبين هذا الأمر لتظهر صفات الله عز وجل، من صفاته القوى المنتقم فلو لم يكن عصاة فمن من ينتقم وهذا ذكره بن ابي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية ولو لم يكن هناك من يعصي ويتوب على من يتوب الله عز وجل ولو لم يكن هناك امرو للإمتحان وهي وجود هذه الشرور مثل خلق إبليس، قال الله عز وجل ﴿ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ ۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾ فهنا إبتلاء وأختبار من الذي يتبع من الذي يثبت ومن الذي لا يثبت بعد أن اعطاهم الله الرسل مبشرين ومنذرين بعد أن أعطاهم الله خلقاً حسناً ﴿ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾ أعطاه العقل علمه وأعطاه العلم كله ثم بعد ذلك ترك له الإختيار فهل يختار الخير ام يختار الشر أما الشر المحض فليس إلى الله، فكل مخلوقات الله عز وجل في الشرور فهي تفضي إلى الخير، أما اختيار الشر فهذا لكل إنسان لنفسه فلذلك قال الله عز وجل ﴿ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ﴾ ما هو المقصود من نفسك من أختيار وكسب نفسك قال الله عز وجل ﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ﴾ هل تركنا نختار ولم يبين لنا الحق من الباطل، الشر من الخير بل بين لنا ذلك كله رسلاً مبشرين ومنذرين وأنزل الكتب لنعرف الخير من الشر فإذاً لا يخلق الله شراً محضاً، الطبيب يعطيناً دواء مر ونشربه لماذا ؟ لأنه بعد إرادة الله هذا العلاج يفضي إلى العافية فلذلك أخذنا هذا العلاج فلا يوجد في مخلقوقات الله عز وجل شئ يفضي إلى شر محض لا ينفع من أي وجه من الوجوه بل خلق الله عز وجل للشر فيه خير لغيره والمقصود بغيره كما ذكرت قبل قليل أما الشر الذي ليس فيه خير قال النبي ﷺ والشر ليس إليك.
شاهد الفتوى – هل يخلق الله عز وجل الشر :-