الشبو الضياع والموت د. سعد السبر

68

الحمد لله أباح لنا الطيبات، وحرم علينا الخبائث والمسكرات والمخدرات، أحمده سبحانه وأشكره على جزيل نعمائه وسابغ عطائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدده لاشريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين. أما بعد فأُوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل فهي الوقاية من المخدرات والمسكرات . ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ([1]).

أيها المؤمنون: إن الله أوجب على المسلمين حفظ أنفسهم من المسكرات ِوالمخدراتِ وكلِ حرامِ، فنهى عن الخمرِ؛ لأنه يضرهم ويُدمرهم ويُدمر مجتمعاتِهم وأُسرَهم، فقال عز وجل:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ([2]) .

 أيها المسلمون: إن النبي صلى الله عليه وسلم حرّم الخمر والمسكرات شربها وبيعها وتعاطيها؛ لما فيها من دمارٍ وتدميرٍ للدين والعقل والأسر والمجتمعِ، فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كُنْتُ سَاقِيَ القَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، وَكَانَ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الفَضِيخَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا يُنَادِي: «أَلاَ إِنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ» قَالَ: فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ، فَأَهْرِقْهَا، فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا، فَجَرَتْ فِي سِكَكِ المَدِينَةِ. البخاري ومسلم ([3])، وإن الأعداء يخترعون أنواعا جديدة من المخدرات لترويجها ونشرها بين الشباب والفتيات ؛لتدميرهم، ومن أخطرها مادة الشبو ، فعلينا أن نبين للشباب والفتيات وهم صغار خطورة المخدرات وعواقبها الوخيمة على النفس وعلى المجتمع والوطن والدين، ولنعلم بأن الشبو والميث وكرستال والآيس كلها أسماء لمخدر واحد ،وهو من أشد المخدرات التي  صنعها الأعداء ،يحصل الأدمان  بتعاطيها من الجرعة الأولى، والشبو مادة كيميائية خطيرة وهو يدمر خلايا المخ بشكل سريع، فاحذروا يا شبابنا ، واحذروا يا بناتنا ، فالشبو والمخدرات كلها حرب حقيقة خفية على الشباب والفتيات، الشبو هو الضياع والموت ، فأفيقوا وانتبهوا واحذروا وحذروا ، فانقذوا أنفسكم وأنقذوا الأبناء والبنات ، فالمخدرات كلها قتل ودمار وموت وهلاك للمجتمعات.

إخوة الدين: إن كل المخدرات بجميع أنواعها محرمةٌ ؛ لأنها تُسكر تُغطي العقل وتحجبه؛ ولأن  كل ما أسكر حرام، فعن عَائِشَةَ، قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ البِتْعِ، فَقَالَ: «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ» ([4]) البخاري ومسلم ، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا لَمْ يَتُبْ، لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ» مسلم ([5])  .قال عمر رضي الله عنه : (وَالخَمْرُ مَا خَامَرَ العَقْلَ ) ([6]). فاحذر يا ابني، واحذري يا ابنتي الغالية، فالأمر عظيم ، وأنتم مستقبل الوطن  بعد الله، ورجال الغد، ونساء الغد. فانتبهوا واحذروا.

عباد الله: إن المخدرات من الخبائث .قالت اللجنة الدائمة للإفتاء: إن المخدرات من الخبائث، وقد حرم الله على عباده جميع الخبائث، ولم يحل لهم إلا الطيبات كما في قوله سبحانه في سورة المائدة: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} وقوله في سورة الأعراف في وصف نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} ولما في المخدرات من الأضرار العظيمة وقد قال – عليه الصلاة والسلام -: (لا ضرر ولا ضرار) ابن ماجه وصححه الألباني  ([7]) .قال الشيخ ابن باز رحمه الله: القات من أخبث ما يتعاطاه الناس لما فيه من المضرة، وهكذا الدخان، وهكذا جميع المسكرات والمخدرات يجب الحذر منها، المؤمن يحذر ما حرم الله عليه، ويبتعد عن كل ما يضره ([8]).

رجال مكافحة المخدرات رجال الجمارك: أنتم حراس المجتمع والأمن بعد الله جزاكم الله خير الجزاء على ما تقدمون لدينكم وولاتكم ووطنكم، وأبشروا فأنتم على ثغر للمسلمين عظيم، وفقكم الله وسددكم وحفظكم وأيدكم وجزاكم الله عنا خير الجزاء سيروا على بركة الله لحماية بلادنا المملكة العربية السعودية وشبابنا وفتياتنا.

أيها الموحدون: علينا أن نتعاون مع رجال المخدرات ونبلغَ عن كل مروج ومتعاط للمخدرات للحفاظ على وطننا وأبناءنا وبناتنا، فالأعداء مستمرون في عداءهم على ديننا ووطننا وولاة أمرنا وشبابنا وفتياتنا، والأعداء يعملون وفق أجندات خارجية لمحاربتنا بالمخدرات ونشرها. قال الشيخ ابن باز رحمه الله:لا ريب أن مكافحة المسكرات والمخدرات من أعظم الجهاد في سبيل الله، ومن أهم الواجبات التعاون بين أفراد المجتمع في مكافحة ذلك؛ لأن مكافحتها في مصلحة الجميع؛ ولأن فشوها ورواجها مضرة على الجميع، ومن قتل في سبيل مكافحة هذا الشر وهو حسن النية فهو من الشهداء، ومن أعان على فضح هذه الأوكار وبيانها للمسئولين فهو مأجور، وبذلك يعتبر مجاهدا في سبيل الحق وفي مصلحة المسلمين وحماية مجتمعهم مما يضر بهم ([9]) 

 وكتبه / د. سعد السبر

12 جمادى الآخرة 1444

 

 

([1]) سورة آل عمران، آية: 102.

(([2] سورة المائدة، آية:90.

(([3] رواه البخاري بَابُ صَبِّ الخَمْرِ فِي الطَّرِيقِ حديث رقم 2464

صحيح البخاري (3 / 132)

(([4] رواه البخاري  بَابٌ: الخَمْرُ مِنَ العَسَلِ، وَهُوَ البِتْعُ حديث رقم 5585  صحيح البخاري (7 / 105)

(([5] رواه مسلم  بَابُ بَيَانِ أَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَأَنَّ كُلَّ خَمْرٍ حَرَامٌ حديث رقم 2033صحيح مسلم (3 / 1587)

(([6] رواه البخاري   بَابُ قَوْلِهِ: {إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المائدة: 90]حديث رقم4619صحيح البخاري (6 / 54)

(([7] فتاوى اللجنة الدائمة – 1 (22 / 137).

(([8] فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر (9 / 236)

(([9] مجموع فتاوى ابن باز (4 / 410)

قد يعجبك ايضا