الصدقات والمؤسسات الموثوقة & للدكتور محمد المصري

بسم الله الرحمن الرحيم
عنوان الخطبة
الصدقات والمؤسسات الموثوقة
ألقاها الشيخ الدكتور/ محمد جاد بن أحمد صالح المصري
بجامع أبي هريرة يوم الجمعة 21 / 6 / 1431 هـ
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً {آل عمران:102} {النساء:1} {الأحزاب:70} {الأحزاب:71}
أما بعد :
فإن أحسن الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
إخوة الإسلام :
أما بعد:
أوصيكم ونفسي بتقوى الله جل وعلا هو سبب الفلاح والنجاة والسعادة وتفريج الكروبات ومن يتقي الله يجعل له مخرجاص ويرزقه من حيث لا يحتسب
إخوة الإسلام :
في هذه الحياة الدنيا متاعب وأعباء فقر ويتم وأحداث جسام والمسلم لاغني له عن اخيه يشد عضده ويقوي عزمته ويخفف شدته وينفس كربه ويفرج همه طمعاً في الأجر وطلب للفضل وبهذا يقوم المجتمع على أسس قوية وقواعد متينة في نظام من التكافل والتعاون
بينما أصحاب نبينا جلوس حول رسول الله في صدر النهار، كأنه البدر، بل أبهى، أحاطت به نجوم السماء، ينهلون من فيض خُلقه وعلمه , قد سعدوا رضي الله عنهم ، وحق لهم ذلك، فكيف لا يسعد من تكحلت عيناه برؤية خير البشر، مؤمناً به و تشنفنت أذناه بسماع خطاب أفضل الأنبياء والمرسلين ؟! كيف لا يسعد من يجلس بين يدي إمام الهدى وقدوة الخليقة؟! كيف لا يسعد من يستقي تعاليم الإسلام من معينه الصافي، ومنهله العذب ؟! .
يسمع وينفذ وهكذا كانوا إذ دخل عليهم قوم حفاة عراة، مجتابي النمار أو العباء، فعباءة أحدهم لا تكاد تستر بعض جسده، متقلدي السيوف، عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر، بهم من الفاقة ما لا يعلمه إلا الله، قد تناوشهم العوز والحاجة، ودفعهم الجوع والفقر حتى ساقتهم أقدامهم إلى أكرم الخلق صلوات ربي وسلامه عليه ، وأرحم الناس بالناس، جاءوا إلى من عاش هَمَّ أمته هماً واحداً ضاقت معه نفسه, حتى ما عادت تنشغل بغير الإسلام وأهل الإسلام، جاءوا وقد أحسنوا المجيء، وأفلحوا في الاختيار. كيف لا؟ وقد قصدوا من يلهج إلى مولاه سبحانه أن يرزقه حب المساكين فامتلأ قلبه بحبهم، فغدا أبا المساكين، وملاذ الفقراء والمُعْوزِين، فلما رآهم صلوات ربي وسلامه عليه تَمَعَّر وجهه، ثم دخل بيته وخرج مضطرب الحال منشغل التفكير، مهموماً مغموماً، فأمر بلالاً فأذن وأقام، فصلى ثم خطب فقال: ” يأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً , ” يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ” . تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره ـ حتى قال : ـ ولو بشق تمرة)) قال جرير: (فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، قال: ثم تتابع الناس، حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة).
هنا انفرجت أساريره عليه السلام، وزال همه وانزاح غمه، وهو يرى أصحابه وأبناء أمته يشعرون بحاجة إخوانهم، ويهتمون لهمهم ويرسمون في صورة رائعة شعور الجسد الواحد والأمة الواحدة بأشجار الإخاء وزهور المحبة، فقال عليه الصلاة والسلام مبيناً قاعدة مهمة في هذا الدين تدل على سموه وعلوه وعظمته ويسره: ((من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء)) رواه مسلم .
إنها الصدقة شعار المتقين، ولواء الصالحين المصلحين, زكاة للنفوس، ونماء في المال، وطهرة للبدن، مرضاة للرب، بها تدفع عن الأمة البلايا والرزايا، تطهّر القلوب من أدران التعلق بهذه الدنيا وأوضارها وشهواتها وملذاتها.
( خُذْ مِنْ أَمْوٰلِهِمْ صَدَقَةً تُطَهّرُهُمْ وَتُزَكّيهِمْ بِهَا وَصَلّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) .
إنها أعظم مضمار سباق تشهده الدنيا خرج أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يوماً يقول : ” لأسبقن أبا بكر اليوم فخرج بنصف ماله أتى به النبي فقال يا عمر ما تركت لأهلك قال تركت لهم مثله , فجاء الصديق رضي الله عنه بماله كله فقال يا أبا بكر ما تركت لأهلك قال : تركت لهم الله ورسوله ” إنه عمق الإيمان وصدق الإيمان وإخلاص التوكل عليه .
فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه لا يسلمه للفقر ولا يسلمه للحاجة ولا يسلمه لعدو ولا يخذله حيث يحتاج إليه , والجزاء من جنس العمل فمن خذل أخاه المسلم خذله الله عز وجل أحوج ما يكون إليه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها يا ربي أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها .
اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وغلبة الدين وقهر الرجال
إخوة الإيمان لقد جاء في الصدقة فضائل وفوائد نستمع إلى خير الهدي , هدي محمد
أول هذه الفضائل أن الصدقة تطفئ غضب الرب .
أولاً: أنّها تطفىء غضب الله سبحانه وتعالى كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «إن صدقة السر تطفىء غضب الرب تبارك وتعالى» ( صحيح الترغيب )
ثانيًا: أنّها تمحو الخطيئة، وتذهب نارها كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «والصدقة تطفىء الخطيئة كما تطفىء الماء النار» ( صحيح الترغيب )
ثالثًا: الصدقة سبب للوقاية من النار كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «فاتقوا النّار، ولو بشق تمرة».
رابعًا: أنّ المتصدق في ظل صدقته يوم القيامة كما في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل امرىء في ظل صدقته، حتى يقضى بين الناس». قال يزيد: “فكان أبو مرثد لا يخطئه يوم إلا تصدق فيه بشيء ولو كعكة أو بصلة”، قد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: «رجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» ( في الصحيحين ) .
خامسًا: أنّ في الصدقة دواء للأمراض البدنية كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «داووا مرضاكم بالصدقة». يقول ابن شقيق ــ رحمه الله ــ : “سمعت ابن المبارك وسأله رجل: عن قرحةٍ خرجت في ركبته منذ سبع سنين، عالجها بأنواع العلاج، وسأل الأطباء فلم ينتفع به،
فقال عبدالله ابن المبارك : اذهب فأحفر بئرًا في مكان حاجة إلى الماء، فإني أرجو أن ينبع هناك عين ويمسك عنك الدم، ففعل الرجل فبرأ” والقصص في هذا كثيرة . فالصدقة لها تأثير عجيب في دفع أنواع البلاء ولو كانت من فاجرٍ أو ظالمٍ بل من كافر فإنّ الله تعالى يدفع بها أنواعًا من البلاء، وهذا أمر معلوم عند النّاس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض مقرون به لأنّهم قد جربوه.
ثامنًا: الصدقة يعين الله بها المتصدق ويهيئ الله بها طرق السداد والرشاد وبذلك ينال السعادة كما قال الله تعالى في وصف أبي بكر رضي الله عنه .
تاسعًا: أنّ العبد عندما يصل حقيقة البر بالصدقة لم تنال البر حتى تنفقوا مما تحبون لما سمعها أبو طلحة رضي الله عنه وكانت له مزرعة وكان فيها بئر من أحلى مياه المدينة أتى إلى النبي فقال يا رسول الله إني سمعت قول الله لك لتنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) وإن أحب مالي إلي بيرحاء وكان مستقبل القبلة وإني أضعها بين يديك تضعها حيث شئت في سبيل الله فقال الرسول اجعلها في الأقربين .
عاشرًا: أنّ صاحب الصدقة يبارك له في ماله كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: «ما نقصت صدقة من مال» ( في صحيح مسلم ) .
فالصدقة علاج لهذا الداء العظيم الذي يبتلي به الأمم حينما تسيطر عليهم الأثر وحب الذات
الحادي عشر: أنّ المنفق المتصدق يدعو له الملك كل يوم صباحاً ومساءاً بخلاف الممسك فإنه يدعوا عليه أجارنا الله وإياكم يقول النبي لا يبقى لصاحب المال من ماله إلاّ ما تصدق به كما في قوله تعالى: }وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ {سورة البقرة: 272]. ولما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها عن الشاة التي ذبحوها ما بقى منها: قالت: ما بقى منها إلاّ كتفها. قال »: بقي كلها غير كتفها ] «في صحيح مسلم. “فالمتصدق كلما تصدق بصدقة انشرح لها قلبه، وانفسح بها صدره، فهو بمنزلة اتساع تلك الجبة عليه، فكلمَّا تصدَّق اتسع وانفسح وانشرح، وقوي فرحه، وعظم سروره، ولو لم يكن في الصَّدقة إلاّ هذه الفائدة وحدها لكان العبدُ حقيقيا بالاستكثار منها والمبادرة إليها وقد قال تعالى ( وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ ) ( سورة الحشر: 9 ) .
السادس عشر: أنَّ المنفق إذا كان من العلماء فهو بأفضل المنازل عند الله كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «إنَّما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالًا وعلمًا فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقًا فهذا بأفضل المنازل .
السابع عشر: أنَّ النبَّي صلى الله عليه وسلم جعل الغنى مع الإنفاق بمنزلة القرآن مع القيام به، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: «لا حسد إلاّ في اثنين: رجلٌ آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار، ورجل آتاه الله مالًا فهو ينفقه آناء الليل والنهار»، فكيف إذا وفق الله عبده إلى الجمع بين ذلك كله؟ نسأل الله الكريم من فضله.
الثامن عشر: أنَّ العبد موفٍ بالعهد الذي بينه وبين الله ومتممٌ للصفقة التي عقدها معه متى ما بذل نفسه وماله في سبيل الله يشير إلى ذلك قوله جل وعلا ( إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقتَلُونَ وَعداً عَلَيْهِ حَقّاً فِى التَّورَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالقُرءَانِ وَمَنْ أَوفَى بِعَهدِهِ مِنَ اللهِ فَاستَبشِرُواْ بِبَيعِكُمُ الَّذِى بَايَعتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظِيمُ ) سورة التوبة: 111 ) .
التاسع عشر: أنَّ الصدقة دليلٌ على صدق العبد وإيمانه كما في قوله صلى الله عليه وسلم : ( والصدقة برهان ) ( رواه مسلم ) .
العشرون: أنَّ الصدقة مطهرة للمال، تخلصه من الدَّخن الذي يصيبه من جراء اللغو، والحلف، والكذب، والغفلة فقد كان النَّبي صلى الله عليه وسلم يوصي التَّجار بقوله: «يا معشر التجار، إنَّ هذا البيع يحضره اللغو والحلف فشوبوه أي اخلطوه و زينوه بالصدقة» رواه أحمد والنسائي وابن ماجة، صحيح الجامع .
أخوة الإسلام :
فإن سئلت عن أفضل الصدقات فهي باختلاف الأحوال فالصدقة الخفية أقرب إلى الإخلاص من المعلنة وفي ذلك يقول الله عز وجل
كيف والسبعة الذين يظلهم الله في ضله يوم لا ضل إلا ضله رجل تصدق بصدقة فأخفاها لكن قد يكون الإعمال سبب لخير كير كما في حديث المتصدقين : ((من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء)) رواه مسلم .
أيضاً الصدقة في حال الصحة والقوة وحال وجود المال أفضل منها من الوصية بعد الموت فإن كثيراً من الناس يبخل بماله حتى يمنع منه ورثته فيكون بخيلاً في دنياه وبخيلاً بعد موته فيوصي بعد موته والنبي يقول : ” أفضل الصدقة أن تصدَّق وأنت صحيحٌ شحيحُ، تأمل الغنى وتخشى الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، ألا وقد كان لفلان كذا ” .
الصدقة التي تكون بعد أداء الواجب كما في قوله عز وجل ( وَيَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ العَفْوَ ) سورة البقرة: 219]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صدقة إلاّ عن ظهر غنى… »، وفي رواية: «وخير الصدقة ظهر غنى» كلا الروايتين في البخاري .
بذل الإنسان ما يستطيعه ويطيقه مع القلة والحاجة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: أفضل الصدقة جهد المُقل، وابدأ بمن تعول» رواه أبو داود]، وقال صلى الله عليه وسلم: سبق درهم مائة ألف درهم قالوا: وكيف؟! قال: كان لرجل درهمان تصدق بأحدهما، وانطلق رجل إلى عرض ماله، فأخذ منه مائة ألف درهم فتصدق بها» رواه النسائي، صحيح الجامع، قال البغوي رحمه الله: “والإختيار للرجل أن يتصدق بالفضل من ماله، ويستبقي لنفسه قوتا لما يخاف عليه من فتنة الفقر، وربما يلحقه الندم على ما فعل، فيبطل به أجره، ويبقى كلاً على النّاس، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على أبي بكر خروجه من ماله أجمع، لَّما علم من قوة يقينه وصحة توكله، فلم يخف عليه الفتنة، كما خافها على غيره، أمّا من تصدق وأهله محتاجون إليه أو عليه دين فليس له ذلك، وأداء الدين والإنفاق على الأهل أولى، إلا أن يكون معروفا بالصبر، فيؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة كفعل أبي بكر، وكذلك آثر الأنصار المهاجرين، فأثنى الله عليهم بقوله : ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) سورة الحشر: 9] وهي الحاجة والفقر”. . قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنَّ الله يقول في كتابه ( لن تَنَالُواْ البِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ) إن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنّها صدقة لله أرجو برَّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث شئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بخ بخ مال رابح، وقد سمعت ما قلت فيها، إني أرى أن تجعلها في الأقربين». فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول، فقسَّمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه”. ، وأخصُّ الأقارب ـ بعد من تلزمه نفقتهم
اثنان:
الأول: اليتيم؛ لقوله جلَّ وعلا ( فَلا اقتَحَمَ العَقَبَةَ (11) وَمَا أدرَاكَ مَا العَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَو إِطعَامٌ فِى يَومٍ ذي مَسغَبَةٍ (14 ) (يَتِيماً ذَا مَقرَبَةٍ (15) أَو مِسكِيناً ذَا مَتْرَبةَ ) سورة البلد:11-16]. والمسبغة: الجوع والشِّدة.
الثاني: القريب الذي يضمر العداوة ويخفيها؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح» رواه أحمد وأبو داود والترمذي صحيح الجامع .
وإليك أخي المسلم بعضاً من مجالات الصدقة الجارية:
1-سقي الماء وحفر الآبار؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة سقي الماء» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة:صحيح الجامع .
2- إطعام الطعام؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما سُئل: أي الإسلام خير؟ قال: «تُطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» في الصحيحين.
3- الإنفاق على نشر العلم، وتوزيع المصاحف، وبناء البيوت لابن السبيل، ومن كان في حكمه كاليتيم والأرملة ونحوهما، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره، أو ولدا صالحا تركه، أو مصحفا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه بعد موته» رواه ابن ماجة:صحيح الترغيب .
ولتعلم أخي أنّ الإنفاق في بعض الأوقات أفضل منه في غيرها كالإنفاق في رمضان، كما قال ابن عباس رضي الله عنه: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود النّاس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان بلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة”. ، وكذلك الصدقة في أيّام العشر من ذي الحجة، فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام» يعني أيّام العشر. قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع من ذلك شيء» رواه البخاري]، وقد علمت أنّ الصدقة من أفضل الأعمال التي يُتقرب بها إلى الله.
ها هية جمعية القرآن الكريم في هذا البلاد لها حساب خاص تستطيع أن تتصدق منه لتحويل الحساب إليه هذه جميعة جميعة خاصة بعلاج مرضى الكلى وجمعية أخرى لعلاج مرضى القلب بحسابات خاصة وحساباتا مكشوفة وشفاقفية واضحة الصدقة عليها صدقتان صدقة في السر وإعانة لإخوانكم المحتاجين والحذر الحذر من البخل واسمع إلى هذا الملف العجيب الذي قصه الله سبحانه في كتابه عن صاحب الجنة وأبنائه حين كان يؤدي حق الله فيه وينتصدق شكراص لله على ما وهبه فأنعم الله عليه فلما مات كان من خبر أبنائه ما بخلوا به حيث قص الله عليه قوله جل وعلا : .
اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك لما أدخلت بصدقتك السرور والفرح على المريض حتى شفي وعلى المدين حتى قضي دينه لما نفست كرب أخيك وفرجت همه فرج الله همك وقضى دينك وشفا مرضك ودفع البلاء عنك فاستنزلوا الرزق بالصدقة فقد فرض الله الزكاة تسبيب للرزق فلا تبخل بحق الله في مالكك يا عبد الله فهو الواهب وهو المانع فإن منعت أجارنا الله وإياك فإن مَنعت مُنعت فأي المنعين أشد فإن لله في كل نعمة حقاً فمن أداها زاده منها ومن قصر عنها خاطر بزوال نعمته الصدقة تحصين الصدقة حفظ الصدقة عطاءٌ وزيادة بذل وسيادة فسوسوا إيمانكم بالصدقة وحصنوا أموالكم بالزكاة وادفعوا أمواج البلاء بالدعاء استنزلوا الرزق بالصدقة أين المتاجرون بالصدقات أين المتاجرون بالبذل والإنفاق أين المتاجرون بدفع الزكوات أين الذين يتاجرون في هذا كله مع الله وهل يخسر تاجر يتاجر في تجارة مع الواسع العليم لكن تثبت تثبت يا عبد الله ولا تضع هذا المال إلا حيث أمرك الله به أحذر أن تضعه في أيدي المفسدين أو في أيدي المخربين أو في أيدي الإرهابيين فالله تعالى أمرك أن تتثبت قبل أن تدفع المال {إبراهيم:31} ،اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وغلبة الدين وقهر الرجال هذا وصلوا على خير عباد الله نبي الهدى والرحمة محمد بن عبدالله فقد أمركم الله في محكم كتابه فقال عز من قائل كريما اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر وارضى اللهم عن الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن
سائر الصحابة والتابعين وعنا معهم برحمتك ومنك يا أرحم الراحمين اللهم آمنا في أوطاننا
واحفظ وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم ارزقهم البطانة الصالحة الله اللهم إلى هداك واجعل عملهم في رضاك يا رب العالمين اللهم إن عبدك عبد الله بن غديان في ذمتك وحبل جوارك اللهم فاغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من خطاياه كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأنزل على قبره الضياء والنور والفسحة والسرور وجازه بالحسنات إحسانا وبالسيئات عفواً وغفرانا اللهم اجزه عن أمة الإسلام خير ما جزيت عالماً قدم علماً لأمته يا رب العالمين اللهم واجمعنا به في الفردوس الأعلى مع والدينا وأزواجنا وإخواننا وأخواتنا وعلمائنا وجيراننا وولاة أمورنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
د. محمد جاد بن أحمد صالح المصري