اخبار السعوديةاخبار عاجلةغير مصنف

إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ الدكتور سعد السبر

الحمد لله أسبغ عليا نعمه وتابع جوده وفضله وأمرنا بعد الإسراف، أحمده سبحانه وأشكره على جزيل نعمائه وسابغ عطائه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الساعة والقيام.  أَمَّا بُعْدُ : فَأُوصِيكُمْ أَيُّهَا اَلنَّاسُ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اَللهِ فَهِيَ دَلِيلُ اَلسَّعَادَةِ فِي  دَارِ اَلْخُلُودِ ، وَهِيَ اَللَّذَّةُ والأُنْسُ وَالسُّرُورُ (يَا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقَوْ ااَللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) ([1]).
أَيُّهَا اَلْمُؤمنون : إن الله أمرنا بالأكل والشرب ،ونهانا  عن التبذير وعن الإسراف ، فقال عز وجل : {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27) } ([2])وقال الله تعالى:( {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَ اشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) }. قال الطبري في تفسيره: قوله (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ) فإنه يعني: إنّ المفرّقين أموالهم في معاصي الله المنفقيها في غير طاعته أولياء الشياطين، وكذلك تقول العرب لكلّ ملازم سنة قوم وتابع أثرهم: هو أخوهم (وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) يقول: وكان الشيطان لنعمة ربه التي أنعمها عليه جحودا لا يشكره عليه، ولكنه يكفرها بترك طاعة الله، وركوبه معصيته، فكذلك إخوانه من بني آدم المبذّرون أموالهم في معاصي الله، لا يشكرون الله على نعمه عليهم، ولكنهم يخالفون أمره ويعصُونه، ويستنون فيما أنعم الله عليهم به من الأموال التي خولهموها عزّ وجل سنته من ترك الشكر عليها، وتلقِّيها بالكُفران  ([3])، فالله نهانا عن الإسراف في المأكل والمشرب والملبس وفي كل الحياة، فالحذر الحذر من الإسراف والهدر ، فالنعم تدوم بالشكر، والشكر يكون بشكر الله ثم بحفظ النعم ، فقال الله تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم : 7]. و قال الله تعالى:{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } ([4]) ،وَمِنْ شُكْرِ اللهِ تَعَالَى: احْتِرَامُ نِعَمِهِ، وَالْبُعْدُ عَنِ الإِسْرَافِ وَالْهَدْرِ الْغِذَائِيِّ؛ فَمُحْزِنٌ وَمُخِيفٌ أَنْ تَكُونَ التَّكْلِفَةُ السَّنَوِيَّةُ لِلْفَقْدِ وَالْهَدْرِ الْغِذَائِيِّ فِي بِلاَدِنَا تُقَدَّرُ بِنَحْوِ أَرْبَعِينَ مِلْيَارِ رِيَالٍ.
أيها المؤمنون: إن النبي صلى الله عليه وسلم وضح كيف نقتصد ولانسرف ونهانا عن الإسراف، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «طَعَامُ الِاثْنَيْنِ كَافِي الثَّلاَثَةِ، وَطَعَامُ الثَّلاَثَةِ كَافِي الأَرْبَعَةِ» رواه البخاري ومسلم.[5])، وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُوا، وَتَصَدَّقُوا، وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ، وَلَا مَخِيلَةٍ» رواه النسائي ،الألباني حسن.
أيها الموحدون : الحذر الحذر من كثرة الأكل والإسراف في الأكل، فعَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ، لاَ يَأْكُلُ حَتَّى يُؤْتَى بِمِسْكِينٍ يَأْكُلُ مَعَهُ، فَأَدْخَلْتُ رَجُلًا يَأْكُلُ مَعَهُ فَأَكَلَ كَثِيرًا، فَقَالَ: يَا نَافِعُ، لاَ تُدْخِلْ هَذَا عَلَيَّ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «المُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ» رواه البخاري ومسلم، وعن جَابِرَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ، وَطَعَامُ الِاثْنَيْنِ يَكْفِي الْأَرْبَعَةَ، وَطَعَامُ الْأَرْبَعَةِ يَكْفِي الثَّمَانِيَةَ» رواه مسلم .
عباد الله: إن النبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من عدم وضع المال في حقه، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «… وَإِنَّ هَذَا المَالَ حُلْوَةٌ، مَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ، وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ، فَنِعْمَ المَعُونَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ» رواه البخاري ومسلم التحذير من  التبذير في الولائم الحذر من أذية الناس بتصوير الولائم والتفاخر بالتبذير فيها
20-10-1446

( [1]) سورة آل عمران، آية : 201.
([2] ) سورة الإسراء، آية:26-27
([3] ) تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (17 / 430) .
([4] ) سورة النحل، آية: 112.
([5]) شرح صحيح البخاري لابن بطال (9 / 471) .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى