خُطْبَةُ عِيدِ الفِطْرِ المُبَارَك 1445هـ

46

خُطْبَةُ عِيدِ الفِطْرِ المُبَارَك 1445هـ

الْحَمْدُ للهِ، سَهَلَ لعِبَادِهِ طُرَقَ العِبَادَةِ ويَسرَ، نَحْمَدُه -تَعَالى- عَلى نِعَمِهِ التي لا تُحْصَرُ، ونشكُرُهُ عَلى فَضْلِهِ وإحْسَانِهِ، وحُقَّ لَهُ أنْ يُشكَرَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ كُلُ شيءٍ عِندَهُ بأجلٍ مُقدَّرٍ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ خَيْرُ مَنْ صَامَ وَصَلَّى وزكَّى وحَجَّ واعْتَمَرَ، صلَّى اللهُ عَلِيهِ وعَلى آلِهِ الذينَ أذْهَبَ اللهُ عَنْهُمُ الرِجْسَ وطَهْرَ، وعَلى أصْحَابِهِ السَابِقِينَ إلى الخَيْراتِ؛ فنِعْمَ الصَحبُ والمَعْشَرُ، والتَابِعِينَ لَهُم بإحْسَانٍ، وسلَّمَ تَسْليمًا كَثِيرَاً.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إلا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ، اللهُ أَكْبَرُ كَبيرَاً، والحَمْدُ للهِ كَثيراً، وسُبْحَانَ اللهِ بُكرَةً وأصِيْلاً، اللهُ أكْبَرُ كُلْمَا صَامَ صَائمٌ وأفْطَرَ، اللهُ أَكْبَرُ كُلْمَا تَابَ تائبٌ واسْتَغفرَ، اللهُ أكْبَرُ كُلْمَا لاحَ صَبَاحٌ وأسْفَرَ.
أمَّا بَعدُ: فاتَّقوا اللَّهَ – مَعَاشِرَ المُؤمِنينَ والمُؤمِنَاتِ -، ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ [البقرة: 197]. واشكرُوهُ عَلى نعمهِ وهُداهُ، فَقَدْ وَفَقَكًم لِلصيامِ والقيامِ، واسْألوُه القَبولَ، وتَعوذُوا باللهِ مِنْ الخَيْبَةِ والحِرْمَانِ، واعْرِفُوا نِعْمتَهُ عَليْكُم بهَذا العيدِ السعيدِ فإنَّه اليومُ الذي توجَ اللهُ بِهِ شهرَ الصيامِ، وافتتحَ بِهِ أشْهُرَ الحَجِ إلى بيتِهِ الحَرَامِ، وأجْزَلَ فيِهِ للصَائمينَ والقائمينَ جَوائِزَ البرِ والإكْرَامِ.

يومُكُم هَذَا -مَعَاشِرَ المُسْلمينَ- يَومٌ عَظِيمٌ وعِيدٌ كَرِيمٌ، أحَلَ اللهُ لَكُم فِطْرَهُ، وحَرَّمَ عَليكُم صِيامَهُ، يومُ برٍ وإحْسَانٍ، وفيهِ يحمدُ المسلمونَ رَبَهُمُ على نِعْمَةِ الإسلامِ، ويكبرونَهُ عَلى مَا أولاهُمُ مِنَ الفضلِ والإنعَامِ، وهوَ يَومُ الجوائزِ؛ فيَا فوزَ العَاملينَ، ويَا فَرْحَةَ الصَائمينَ بهَذا اليومِ العَظيمِ! ويَا خَيْبَةَ المُفَرطِينَ المحْرُومينَ!

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إلا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ

العيدُ تعبيرٌ صَادِقٌ عَنِ انتمَاءِ الأمةِ لدِينهَا، واعتزازِهَا بشخصيتِهَا؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ :«إنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيْدُنَا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةَ، العِيدُ فَرَحٌ بِمَا أبَاحَ اللهُ، واسْتمتاعٌ بالطيبَاتِ مَعَ اجْتنابِ مُنْكراتِ الأخْلاقِ، وإنَّمّا تتبينُ أخلاقُ الأمِمِ في أعْيَادِهَا،
﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾] يونس: 58[.
العِيدُ فَرَحٌ وشُكرٌ بمَا أتمَّ اللهُ عَلى عِبَادِهِ مِنَ النَّعْمَةِ وبمَا وَفْقَ للطَاعةِ، فأعْيَادُ الإسلامِ جاءَتْ بَعْدَ طَاعَةٍ وعِبادَةٍ؛ فالفِطْرُ بَعْدَ الصومِ، والأضْحَى بَعْدَ الحَجِّ، فمَا أجْمَلَ اقترانَ السُرورِ بالشُكْرِ، قال : «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ». مُتفقٌ عليِهِ.

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إلا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.

تَعَاوَنُوا -عِبَادَ اللهِ- عَلى البرِ والتَقْوَى، ولا تَعَاونوا عَلى الإثمِ والعُدْوانِ؛ ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103]، ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 46]، وعَليْكُمُ بالجَمَاعَةِ، والسمْعِ والطَاعَةِ فِي المَعْرُوفِ، ولا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، واحْمَدُوا اللهَ عَلى نِعْمَةِ الأمنِ فِي الأوْطَانِ؛ تَحْتَ رَايَةٍ وَاحِدَةٍ، وبلدَةٍ آمِنَةٍ، ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ [قريش: 3، 4].

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إلا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ

العِيدُ سَلامٌ ووئامٌ، وتهنئةٌ ودُعَاءٌ، ونُفُوسٌ صَافِيَةٌ مِنَ الضَغَائِنِ والشحْنَاءِ؛ ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ [الإسراء: 53]، فابتهِجُوا بعِيدِكُم، وتسَامَحُوا، وأزِيلُوا الضغَائنَ عَنْ قلوبِكُم، وكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخْوَانًا، وعَلى الحَقِ أعْوانًا، لا ظُلمَ ولا عُدْوَانَ، المُسلمُ أخوُ المُسلمِ، لا يَظلِمُهُ، وَلا يَخْذِلُهُ، وَلا يَحْقِرُهُ، وَأفْشُوا السلامَ، وَصِلُوا الأرْحَامَ، وصَلوا بالليلِ، والنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلوا الجَنَّةَ بِسَلامٍ.

المزيد من المشاركات

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إلا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ

دَاومُوا عَلى الأعْمَالِ الصَالِحَةِ، ولا تقْطَعُوا مَا عَوْدتُم أنْفُسَكُم عَليهِ مِنْ الصِيامِ والقيامِ، فمَا أجْملَ الإحْسَانَ يتبعُهُ الإحْسَانُ، ومَا أقبَحَ العِصْيانَ بَعْدَ الإحْسَانِ، وقدْ نَدْبَكُم إليها نَبيكُم : «مَنْ صَامَ رَمَضانَ ثُمَّ أَتَبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

فأرُوْا اللهَ مِنْ أنْفسِكُم خَيْرًا، ولا تُوَدِعُوا بوَدَاعِكُم رَمَضَانَ العِبادَةِ، ولا تَرْجِعُوا بَعْدَ الذْكْرِ إلى الغَفْلَةِ، وَلا تهْجُرُوا المَسَاجِدَ وتُعْرِضُوا عِنِ الطَاعَةِ، واجعلوا الاستقامة شِعَارَكُم، ومَرْضَاةَ اللهَ غَايتَكُم، وحَافِظُوا عَلى أعْمَالِكم وكُنُوزِكُمُ التِي ادْخرتُمُوهَا لآخِرتِكُم، ﴿وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: 33]، ﴿وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا﴾ [النحل: 92].
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إلا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ
يَا نِسَاءَ المُسلمينَ: اتقينَ اللهَ فِي أنْفُسِكُنَّ، وأقِمْنّ الصَلاةَ، وَآتِينَ الزكاةَ، وأطعِنَ اللهَ ورَسُولَهُ، وتَصَدْقنَ، وَأكثِرْنَ الاسْتِغِفَارَ، واتّقينَ النَّارَ، وقُمْنَ بحقِ الأزواجِ، وحُسْنِ تَرْبيةِ الأولادِ، وعليكُنَّ بالحِجَابِ والاحتشَامِ، وليكُنْ لَكُنَّ فِي أمْهَاتِ المُؤمِنينَ أُسْوةٌ، وفِي بَنَاتِ النبيِ  قُدوةٌ، واحْذَرْنَّ التَبرجَ والسَفُورَ، فقدْ صَانَكُنَ اللهُ بالحِجَابِ، ومَا فُرضَ الجِلبَابُ إلاّ طَهَارَةً للقُلوبِ وحِمَايةً للأعْرَاضِ.

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إلا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ

اللهُمَّ أعِزَّ الإسلامَ والمُسلمينَ، واحْمِ حَوزَةَ الدِينَ، وانْجِ عِبَادَكَ المُستَضْعَفِينَ فِي فلسطِينَ، وكُنْ لَهُم وَليًا وظَهيرًا، واحقنْ دِمَاءَ المُسلمينَ فِي السُودَانِ، وَكُلِ مَكَانٍ.

اللهُمَّ وفِّق خَادَمَ الحَرمينَ الشَريفينَ، ووليَ عَهدِهِ لمَا تُحبُ وترضى، يَا ذَا الجَلالِ والإكْرَامِ.

اللهُمَّ اجْعلْ بِلادَنَا بِلادَ إيمَانٍ وأمَانٍ، ورَخَاءٍ وسَعَةِ رِزقٍ، واصْرِفْ عنهَا الشرورَ والفتنَ، مَا ظَهَرَ مِنهَا ومَا بَطنَ.

الَّلهُمَّ أعِدْ عَلينَا رَمَضَانَ أعْوَامَاً عَدِيدَةً، وأزْمنَةً مَدِيدَةً، ولا تَجعَلْ هَذَا آخرَ العَهْدِ برَمَضَانَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

_______
للشيخ محمد السبر جامع موضي السديري بالرياضhttps://t.me/alsaberm

قد يعجبك ايضا