خطب الجمعهخطب الشيخ سعد السبر

متى نبني ما انهدم – خطب الجمعة

 

شبكة السبر – خطب الجمعه

كتبه د/  سعد بن عبدالله السبر

إمام وخطيب جامع الشيخ عبدالله الجارالله رحمه الله

الحمد لله الذي سير بقدرته الفُلك والفلَك ، ودبر بصنعته النور والحلَك ، أحمده وهو بالحمد جدير وأقر بأنه مالك التصوير والتصبير ،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، تعالى عن وزير وتنزه عن نظير، قبل من خلقه اليسير، وأعطى من رزقه الكثير، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، وأشهد أن محمد عبده رسوله البشير النذير وعلى آله وصحبه الغر الميامين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد فأُوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل ،فتقوى اللّه مفتاح سداد، وذخيرة معاد، وعتق من كلّ ملكة، ونجاة من كلّ هلكة (1) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (2) ( وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (3)

أيها المؤمنون : إن رمضان ينتهي، والحج ينقضي ، و الأعمار تمضي ، والموت يُفني ، وكل شئ إلى نهاية يجري، والحي دائم لاينام ولا يغفي (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) (4)، والأعمال تُحصى ، والكرام يكتبون ، والديان يعلم ، ونحن سائرون نبني ونهدم ، فمتى نبي ولانهدم ؟؟؟؟

أيها المتقون :بكروا واستعجلوا واحرصوا على الخيرات والطاعات والعبادات (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (5)

، سارعوا وسابقوا إلى تكبيرة الإحرام. إلى أداء الفرائض (6) ، وإلى الإخلاص ، وإلى التوبة من الربا (7) ، والآية عامة في الجميع ، ومثلها(فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) (8) (9)،بادروا إلى جميع الطاعات بالعموم (10) وروى الدارقطني عن ابن عمر قال قال رسول الله : “خير الأعمال الصلاة في أول وقتها” ، فسابقوا إلى ست من شوال والقيام بالفرائض يا من أعتقه مولاه من النار إياك أن تعود بعد أن صرت حرا إلى رق الأوزار أيبعدك مولاك من النار و تتقرب منها و ينقذك منها و أنت توقع نفسك فيها و لا تحيد عنه ،مجلس الذكر مأتم الأحزان، هذا يبكي لذنوبه، وهذا يندب لعيوبه، وهذا على فوت مطلوبه، وهذا الإعراض محبوبه أتدرون هذا التائب لم أنّ؟ وهذا الحزين كيف حنَّ؟ن ذكر عهدا كان قد صفا ثم تكدر، فأنزعج لحال حال وتغير. من سمع نوح الحمام ظن أنه لحسن صوته غنى بل لما ذكر من ماضي العيش إنما يبكي المذنب على ديار قد عمرها بالتقوى، كيف أخربتها الذنوب؟

يا من كان له معاملة فترك، يامن خلط الدستور وضرب على الحساب، زمان الوصال يستحق البكاء، أطلال الحبيب تستوجب القلق الوقت يقتضيك يا عاص، فبادر بالتوبة، منادي الوصال على باب القبول يصيح (وَسارِعوا ) يا من كان له قلب: أين قلبك؟ يا زمان الخيف: هل من عودة إن كنت فقدت قلبك فلا تيأس من وجوده ، سر بِوادي الطَلَبِ، مُستَغيثاً بِلِسانِ الطَربِ (11)

ودع طبعك لسفر التوبة، وارفق شرعك في طريق الصحبة، واجهد راحلتيك لتلحق الرفقة، وتهيأ للإحرام قبل الوقفة، وانفذ الوية الشوق إلى منى قبل نخلة، لعل رسالة الحب تصل من صاحب الكعبة.

إخوة الدين :كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل و إكماله و إتقانه ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله و يخافون من رده و هؤلاء الذين : ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ)(12) كونوا لقبول العمل أشد اهتماما منكم بالعمل ألم تسمعوا الله عز و جل يقول : ( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين)(13) (14) بعض السلف كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان ثم يدعون الله ستة أشهر أن يتقبله منهم (15)

إخوة العقيدة : ماذا فات من فاته خير رمضان ؟ و أي شيء أدرك من أدركه فيه الحرمان ؟ كم بين من حظه فيه القبول و الغفران ؟ و من كان حظه فيه الخيبة و الخسران ؟ رب قائم حظه من قيامه السهر و صائم حظه من صيامه الجوع و العطش (16)

إن كانت الرحمة للمحسنين فالمسيء لا ييأس منها و إن تكن المغفرة مكتوبة للمتقين فالظالم لنفسه غير محجوب عنها غيره

( إن كان لا يرجوك إلا محسن … فمن الذي يرجو و يدعو المذنب )

لم لا يرجى العفو من ربنا و كيف لا يطمع في حلمه و في الصحيح : (أنه بعبده أرحم من أمه ) (17) (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) (18) (19) .

——————————————————————————–

(1)منال الطالب لابن الأثير 364 عن علي رضي الله عنه

(2) سورة آل عمران ، آية : 102 .

(3)سورة الزمر ، آية : 102 .

(4)سورة الرحمن ، آية : 102 .

(5) سورة آل عمران ، الآية : 133

(6)وقال علي بن أبي طالب :إلى أداء الفرائض

(7) عن عثمان بن عفان إلى الإخلاص وعن الكلبي إلى التوبة

(8) سورة البقرة ، آية : 148

(9)تفسير القرطبي ـ موافق للمطبوع 4/ 203

(10)تفسير القرطبي 2/ 165

(11)اللطائف ص: 22

(12)سورة المؤمنون ، آية : 60 .

(13) سورة المائدة ، آية : 27 .

(14)روي عن علي رضي الله عنه

(15)لطائف المعارف فيما المواسم العام من الوظائف ص: 232

(16)لطائف المعارف فيما المواسم العام من الوظائف ص: 232

(17) متفق عليه

(18) سورة الزمر ، آية : 53.

(19)لطائف المعارف فيما المواسم العام من الوظائف ص: 232

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى