خطب الجمعهخطب الشيخ سعد السبر

آهات ولوعات مبتعثين – خطب الجمعة

شبكة السبر – خطب الجمعه

كتبه د/  سعد بن عبدالله السبر
20/1/1433

إمام وخطيب جامع الشيخ عبدالله الجارالله رحمه الله

الحمد لله فضلّ المتعلمين وأعلى منزلتهم ، وأبقى ذكرهم وجعلهم أهل خشيته ونشر دينه ، أحمده سبحانه وأشكره على فضله ومنه وكرمه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له في ألوهيته وفي ربوبيته وفي أسمائه وصفاته جل وعز وتقدس وتنزه عن مثيل ونظير وشبيه ومثيل وكفو وند ، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) (1) ، وأشهد أن محمدا عبدُه ورسوُله أعلمُ الخلق وأفصحُ البشر صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صفوة لورى وأفضل من وطئ الثرى وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد فأُوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فهي أمنكم وأمانكم ونجاتكم وملاذكم وشعاركم ودثاركم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (2)

أيها المسلمون : ضحكاتٌ ومبشراتٌ خرجت من مبتعثين ومبتعثات منهم المادح والمادحة والشاكر والشاكرة، آهات ولوعات تفجرت وملئت الأرض والسماء من مبتعثين ومبتعثات منهم الباكي والباكية والنائح والنائحة ، يمدحون الإبتعاث ؛ لأن فيه علماً ومعلوماتٍ ، ولأن فيه خيرا وفضلا ، وتطويرا ونفعا للبلاد والعباد ، وفيه علوماً حديثةً ، ومعلوماتٍ جديدةً ؛ ولأن الدولة وفقها الله بذلت ومازالت تبذل وسعها لفتح مجالات للعلم والتعلم وزيادة رقعة التعليم والمتعلمين والمثقفين ، ولأن بعض المبتعثين زاد تمسكه بدينه وبعضهم أصبح داعية إلى الله ، واهتدى على يديه بعض الكفار وأسلموا .

أيها الإخوة : آهات مبتعثين ومبتعثات تفجرت من داخل صدورهم وتفطرت بها قلوبهم ، لأنهم وجدوا صعوبات ووقعوا في لجُات قبل الإبتعاث ، وفي الابتعاث ركبوا الصعاب وعاش المشاق ، وضيعوا دين رب الأرباب ، وولغوا في الأعراض ، وتباعدوا عن دين النبي والأصحاب ، وجالسوا العهر وبالغوا في الانحطاط ، وعاشوا في البار والحانات ، وناموا في أحضان العٌهر والعاهرات ، وفتياتٌ بِعن أعراضهن ، ودنسن دينهن .

أيها المؤمنون : إن صفوة الأذكياء وخيرة الشباب من أبناء المسلمين يدرسون الثقافة العصرية في أوربا وأمريكا ويخوضون خلال ذلك في لجة الحضارة الغربية ويعيشون الانطلاق الأخلاقي والتحلل السلوكي , والنظرة المادية المسرفة والاتجاهات الإلحادية والسياسية من قومية واشتراكية وليبرالية فيرجع معظم دعاة متحمسين إلى تقليد الحضارة الغربية ونشر قيمها ومفاهيمها وتصوراتها بل رجع كثير منهم مشبعين بروح الغرب , يتنفسون برئة الغرب , ويفكرون بعقل الغرب ويرددون في بلادهم صدى أساتذتهم المستشرقين وينشرون أفكارهم ونظرياتهم بإيمان عميق وحماسة زائدة ولباقة وبلاغة وبيان , ومن هنا يكون خطر هؤلاء أعظم من خطر أساتذتهم . (3) ، وما شاهدناه وشاهده الجميع على بعض المبتعثين والمبتعثات من ملاحظات خير دليل وأقوى شاهد ، فبالله عليكم الليبرالية والعلمانية من أحضرها لبلادنا ونشرها وأراد غرسها في بلادنا وحياتنا إلا بعض المبتعثين ،و بعض المبتعثين شوهدوا وهم شبابٌ يتحللون من دينهم، منهم من يرتد عن دينه، ومنهم من يبيع دينه ويعيش في البارات والمراقص ، فجور وزنا وخمور ، وفتياتٌ سافرن لوحدهن ركبن الصعب والصعاب وذللن وأصبحن ذليلاتٍ خاسراتٍ عاهراتٍ فاجرات تعود وهي تحمل في بطنها العهر والفجور وترب الخمر وتُعاقر الخمور ، واسمعوا هذا الخبر مجلس الشورى خلال مناقشة للتقرير السنوي لوزارة التعليم العالي ـ قصة تعرض لها مجموعة من المبتعثين في احدى الجامعات الاميركية، حيث قدم لهم عضو في هيئة التدريس بتلك الجامعة كتاب الانجيل باللغة العربية طالبا منهم قراءته ومناقشته في وقت لاحق، وهو ما دفع الطلاب الى رفع هذه الحادثة الى الملحقية الثقافية في الولايات المتحدة الاميركية ، ويُنكر صحفي في إحدى صحفنا اليومية ويُكذب الخبر والموضوع مرفوعٌ للملحقية فأي عقل وأي فكر ؟ ويستشهد ويقول لم يوجد سعودي تنصر ، وأرد عليه أنا شخصيا قابلت شابا سعوديا مُلحداً ، بل رد عليه بعض المبتعثين في نفس مقاله وصحيفته بأنهم موجودون في الغرب ويواجهون في جامعات نفس المشكلة والدعو للنصرانية (4) وصحيفة الأخدود الإلكترونية تعنشر خبرا لشاب من بلدنا تنصر وفر لنيوزلندا (5) .

أيها الموحدون مبتعث بعد أن أنهت بعثته يتصل ويسأل و يقول كنت في بار وتعرفت على فتاة وشربنا الخمر وعاقرنا الفجور وعدنا لبلانا واستمرت العلاقة والفجور والآن بلغنا طريق الحقيقة التي تُخفي الصدور اتفقنا على الزواج وتمت الخِطبة ولكن كيف أعيش معها وهي عاشت في البار والمرقص والفجور؟؟ فقلت له الآن الآن حرّمت البار والخمر والفجور ؟؟ بعد أن ولغتَ في عرضها ودنستَ عرض أهلها وانتهكتَ الستر وأرخيتَ الستور !!.

عباد الله : إن المقترحات إزاء هذه المخاطر الجمة ما يلي :

1- لا ابتعاث إلا عند الضرورة , ويمنع الابتعاث في علوم الدين واللغة إلى ديار الكفار , ويقتصر على ما تدعو إليه الضرورة في العلوم التجريبية والتطبيقية .

2- لا ابتعاث إلا بعد الماجستير .

3- انتقاء الطالب والطالبة المراد ابتعاثهما .

4- تعريف الطالب والطالبة المبتعثثين بدينها وتسليحها بسلاح العلم , وإظهار عوار الديانات الأخرى , والأنظمة السياسية القائمة على أساس غير الإسلام .

5- تعريف الطالب والطالبة بالمشكلات التي سيواجهونها عند السفر , مثل أنواع الأطعمة والأشربة المحرمة وما إلى ذلك .

6- مساعدة الطلاب والطالبات في اختيار الجامعات الجيدة .

7- إرسالهم إلى البلاد التي فيهم تنظيمات طلابية إسلامية وتعريفهم بها وربطهم بعناصرها

8- إلزام الطالب والطالبة المبتعث بأن يكونا متزوجين , وأن تكون زوجته معه , ويكون زوجها معها (6) .

قال الشيخ ابن اباز رحمه الله : الطريق إلى السلامة من هذا الخطر والبعد عن مساوئه وأضراره فيتلخص في إنشاء الجامعات والكليات والمعاهد المختلفة بكافة اختصاصاتها للحد من الابتعاث إلى الخارج, وتدريس العلوم بكافة أنواعها مع العناية بالمواد الدينية والثقافة الإسلامية في جميع الجامعات والكليات والمعاهد; حرصا على سلامة عقيدة الطلبة, وصيانة أخلاقهم, وخوفا على مستقبلهم, وحتى يساهموا في بناء مجتمعهم على نور من تعاليم الشريعة الإسلامية, وحسب حاجات ومتطلبات هذه الأمة المسلمة, والواجب التضييق من نطاق الابتعاث إلى الخارج وحصره في علوم معينة لا تتوافر في الداخل. (7)

وقال رحمه الله : إذا دعت الضرورة للابتعاث يجب أن يكون لذلك لجنة علمية أمينة لاختيار الشباب الصالح في دينه وأخلاقه المتشبع بالثقافة والروح الإسلامية, واختيار مشرف على هذه البعثة معروف بعلمه وصلاحه ونشاطه في الدعوة ليرافق البعثة المذكورة, ويقوم بالدعوة إلى الله هناك, وفي الوقت نفسه يشرف على البعثة, ويتفقد أحوالها وتصرفات أفرادها, ويقوم بإرشادهم وتوجيههم, وإجابتهم عما قد يعرض لهم من شبه وتشكيك وغير ذلك. وينبغي أن يعقد لهم دورة قبل ابتعاثهم ولو قصيرة يدرسون فيها جميع المشاكل والشبهات التي قد تواجههم في البلاد التي يبتعثون إليها, ويبين لهم موقف الشريعة الإسلامية منها, والحكمة فيها حسب ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , وكلام أهل العلم مثل أحكام الرق, وتعدد الزوجات بصفة عامة, وتعدد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بصفة خاصة, وحكم الطلاق, وحكمة الجهاد ابتداء ودفاعا وغير ذلك من الأمور التي يوردها أعداء الله على شباب المسلمين حتى يكونوا على استعداد تام للرد على ما يعرض لهم من الشبه. (8)

——————————————————————————–

(1) سورة الشورى ، آية : 11.

(2) سورة آل عمران ، آية : 102 .

(3)الابتعاث ومخاطره (ص: 23) تأليف: محمد بن لطفي الصباغ

توزيع: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية

(4) مقال لمحمد آل الشيخ نشر في جريد الجزيرة السعودية نُشر يوم الخميس 24/10/1432 العدد رقم14238خميس 24 شوال 1432 العدد 14238

http://al-jazirah.com.sa/20110922/lp4d.htm

(5)http://www.okhdood.com/?act=artc&id=5908

(6) انظر الابتعاث ومخاطره (ص: 30)

(7)مجموع فتاوى ابن باز(30)جزءا (1/ 386)

(8)مجموع فتاوى ابن باز(30)جزءا (1/ 387)

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى