أحكام شعبان وفضله && للشيخ سعد السبر

الحمد لله الذي رزقنا الهداية ، وأرشدنا سبل الوقاية ، من نار وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين ، إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ، نحمده ونشكره على نعمة التوحيد والخضوع ، والإنابة والرجوع ، وأشهد أنه لا معبود يُعْبدُ بحقٍ غيره ، بيده الرزق والخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ، نُثْبِتُ من أسمائه وصفاته ما أثبته لنفسه – عز وجل – ، وأثبته له رسوله – صلى الله عليه وسلم – ، من غير إلحاد ولا تحريف ولا تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل ، وأشهد أن محمدا خاتم النبيين وآخر الرسل ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام البررة تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد : فاتقوا ربكم أيها الناس ، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، واعلموا أن الدنيا دار ممر وليست دار مقر ، فلا تغرنكم الحياة الدنيا وزينتها ، (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب) ، أنيبوا إلى ربكم وارجعوا إليه وانطرحوا عند بابه لعله أن يقبلكم عنده ، وأن يصفح عنكم عصيانه ومحاربته ، ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين . أيها المؤمنون : لقد أظلنا الربع الأول من شهر شعبان ، فمن اغتنم خيرا فهو الغنيمة ، ومن فرّط فليغتنم الفرصة فيه ، وروى مسلم عن أبي سلمة عن عائشة -رضي الله عنها – أنها قالت : (كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم –يصوم حتى نقول لا يفطر ، ويفطر حتى نقول لا يصوم .وما رأيت رسول الله –صلى الله عليه وسلم-استكمل صيام شهر قط إلا رمضان وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان ) ()، فلتعوِّد نفسك أيه المسلم على الصيام ، قال ابن رجب الحنبلي-رحمه الله- : (صيامه –يعني شعبان- كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة و كلفة بلقد تمرن على الصيام و اعتاده ، و وجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام و لذته فيدخلفي صيام رمضان بقوة و نشاط ، و لما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع فيرمضان من الصيام و قراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان و ترتاض النفوس بذلك علىطاعة الرحمن ) ، وكانحبيب بن أبي ثابتإذا دخل شعبان قال : هذا شهرالقراء . فأكثروا فيه قراءة القرآن ، وأما تعظيم ليلة النصف من شعبان وإحيائها وتخصيصها بالاجتهاد في العبادة دون غيرها فأنكره العلماء وقالوا : ذلك كلهبدعة ، وأما ما يكون في صلاة الألفية من الاجتماع للصلاة في المساجد الجامعة والأسواق فإن هذا الاجتماع لصلاة نافلة مقيدة بزمان وعدد وقدر من القراءة بدعة لم تشرع . قال ابن تيمية : فإن الحديث الوارد في الصلاة الألفية موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث ، وما كان هكذا لا يجوز استحباب صلاة بناءً عليه (). وختاما أوصيكم يا أخوة العقيدة بتطبيق سنة النبي صلى الله عليه وسلم والاجتهاد في محاذاتها وعدم الميل عنها والحيْدِ عن طريقها فمن استمسك بها فقد حاز الدارين ، ومن تركها فقد خسر خسرانا مبينا .( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله …)
() رواه مسلم (3/160) .
() اقتضاء الصراط المستقيم (1/303) .