أهمية التعاون مع رجال التعداد السكاني @@ للدكتور محمد المصري

بسم الله الرحمن الرحيم
أهمية التعاون مع رجال التعداد السكاني
الشيخ الدكتور/ محمد جاد بن أحمد صالح المصري
إن التخطيط مطلب شرعي باعتباره وسيلة لضبط الأهداف وتحديد تحقيقها في أقل فترة ممكنة , وبأقل جهد أو تكلفة , ويدل على ذلك إشارات وردت في القرآن والسنة .
1-فمن القرآن قوله تعالى : . {الأنفال:60}.
وجه الدلالة : إن في الآية إشارة إلى طلب التخطيط والتنظيم , حيث وجه الله رسوله إلى أعداد القوة بكل مبادئها , ومعلوم أنه لا بد لذلك من تخطيط .
2-في قصة نبي الله يوسف عليه السلام ما يلد على التخطيط , . {يوسف}.
وجه الاستدلال : أن نبي الله يوسف عليه السلام وضع الخطة الآتية من اجل مواجهة ما سيحدث للبلاد من ضيق :
أ-ضرورة العمل المتاح لزيادة الإنتاج . ويتضح ذلك من خلال قوله تعالى : {يوسف:47}
ب – أهمية التخزين السليم لصيانة الثمار , وذلك من قوله تعالى : {يوسف:47}
ج-أهمية الاقتصاد في الاستهلاك , وذلك من خلال قوله تعالى : {يوسف:47}
د-وجوب تحقيق فائض ضروري لإعادة الاستثمار ,ويتضح ذلك من خلال قوله جل وعلا : {يوسف:48}
3-ومن السنة حديث سعد بن أبي وقاص أن النبي دخل على سعد يعوده بمكة , فبكى , قال : ” ما يبكيك ” فقال : ” قد خشيت أن أموت بالأرض التي هاجرت منها , كما مات سعد بن خولة , فقال النبي ” اللهم أشف سعداً , اللهم اشف سعداً ” ثلاث مرار . قال يا رسول الله ! إن لي مالاً كثيراً , وإنما يرثني ابنتي ,أفأتصدق بمالي كله ؟ قال : ” لا ” قال : فبالثلثين ؟ قال : ” لا ” قال : فالنصف ؟ قال :” لا ” قال : :” الثلث والثلث كثير ، إن صدقتك من مالك صدقة وإن نفقتك على عيالك صدقة ، وإن ما تأكل امرأتك من مالك صدقة وإنك أن تدع أهلك بخير ( أو قال بعيش ) ، خير من أن تدعهم يتكففون الناس “. وقال بيده .
وجه الاستدلال من الحديث : أن توجيهه صلى الله عليه وسلم بترك بعض المال للورثة يؤكد أهمية المحافظة على مستقبل الأبناء ، ولا يحصل هذا إلا بالتخطيط . مما يدل على مشروعية التخطيط للأفراد وتخطيط الدولة من باب أولى فإن مصلحة الأمة أهم من مصلحة الأفراد .
4- ومن فعل الصحابة رضي الله عنهم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يضع الخطط المناسبة لمواجهة ما قد يصيب المسلمين من نوائب ، أو ما يحتاجون إليه في أمر الجهاد ، ومن ذلك أنه حمى أرضاً بالربذة لنعم الصدقة ليستفيد منها فقراء المسلمين ، فعن زيد بن أسلم
عن أبيه أن عمر رضي الله عنه استعمل مولى له يدعى هنياً على الحمى فقال : يا هني اضمم جناحك عن المسلمين ، واتق دعوة المظلوم ، فإن دعوة المظلوم مستجابة ، وادخل رب الصريمة ، ورب الغنيمة ، وإياي ونعم ابن عوف ونعم ابن عفان ، فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعا إلى نخل وزرع ، وإن رب الصريمة ورب الغنيمة إن تهلك ماشيتهما يأتني ببينة ، فيقول يا أمير المؤمنين ، اختار لهم أنا لا أبالك ؟ والحاصل أن الإسلام لا يمنع من التخطيط الاقتصادي أو وضع خطط التنمية المناسبة بل هو مطلب شرعي بشرط أن تسير هذه الخطط وفق ما تسمح به القواعد الإسلامية .
وحتى يكون لهذا التخطيط ثمرته فإن الدول تهتم بمعرفة أعداد سكانها سواء من المواطنين أم من المقيمين وقد حرصت المملكة العربية السعودية وعلى مدار العقود الماضية على أن تكون خططها مناسبة لهذا العدد وستبدأ المرحلة القادمة اعتباراً من شهر جمادى الأولى لهذا العام 1431هـ وفق برامج محددة وقت زمني محدد وأنفقت ولا تزال تنفق ملايين الريالات في سبيل إنجاحه وحتى لا تضيع هذه الجهود المباركة سدى ولأن هذا المشروع إنما تهدف الدولة منه تحقيق الرفاه لشعبها والمقيمين فيها وجب على عموم المواطنين والمقيمين التعاون معها وذلك بالتعاون مع موظفي التعداد وذلك بتزويدهم بالمعلومات الصحيحة وعدم كتم أي معلومات
يريدونها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :” فإن صدقا وبيًنا بورك لهما في بيعهما ، وإن كذبا وكتما محقت بركت بيعهما ” وكتمان المعلومات من الغش وتزويدهم بمعلومات غير صحيحة من الكذب وكلاهما خلق لا يليق بالمسلم أن يتصف به إضافة إلى ما يؤدي به ذلك من نتائج وخيمة على المجتمع حيث يؤدي إلى أن تبني الدولة خططها ــ لا قدر الله ــ على معلومات كاذبة مما يؤدي إلى إفشال الخطط التي تهدف إلى مصلحة الوطن والمواطن .
والواجب على المسلم أن يستشعر أهمية التعاون مع الدولة كما قال تعالى : {المائدة:2}
والتعاون من السمع والطاعة بالمعروف الذي أمر الله به في كتابه بقوله : {النساء:59}
وفي الصحيح قول النبي : ” اسمعوا وأطيعوا ” .
وفيه أيضاً قول النبي : ” من يطع الأمير فقد أطاعني ومن أطاعني دخل الجنة , ومن يعص الأمير فقد عصاني ومن عصاني دخل النار ” .
فلربما يمتنع بعض الناس عن التعاون مع رجال التعداد بمبررات شتى فبعضهم يشيع أن هناك من يدخل البيت ويستغل التعداد في غير هدفه وآخرون يظنون أن التعداد نوع من التجسس وثالث يرون أنه لا يجوز لأحد الاطلاع على أعدادهم خوفاً من الحسد أو غير ذلك , وهكذا يدور في بعض مجتمعاتنا بعض المخذلين والمرجفين ــ نسأل الله لهم الهداية ــ يزرعون شبهاً يظنونها مبررات, وكلها باطلة فنشر الإشاعات في المجتمع أمرها خطير وعواقبها مدمرة ومن يقوم بها مهدد بالوعيد في القبر بان يشرشر شدقه إلى قفاه جزاء وفاقاً على ما قام به والتعداد هدفه معرفة أعداد المقيمين والمواطنين لوضع الخطط المناسبة لخدمتهم وليس في ذلك أي نوع من التجسس وأول من قام به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب والمعلومات التي تؤخذ إنما هي للاستخدام لأغراض التعداد ولا تستتغل لأي أغراض أخرى عدى ذلك وأي كلام سوى هذا فهو من الكذب والافتراء ولا يجوز أن يكون الخوف من الظنون الفاسدة مانعاً من السمع والطاعة لمن ولاه الله أمرنا ويحرص على ما فيه منفعتنا فالحذر الحذر من التلكؤ في تزويد رجال التعداد بالمعلومات الصحيحة والدقيقة والحذر الحذر أن تكون سبباً لإفشال مشروع وطني ناجح بتزويدهم بمعلومات كاذبة أو بكتمان معلومات ضرورية فضلاً عن التعامل بأخلاق لا تليق بالمسلم من إيذاء القائمين على التعداد فهم إخواننا يقومون بخدمتنا فأقل ما نقدمه لهم الدعاء لهم قال : ” من صنع إليكم معروفاً فكافؤه فإن لم تجدوا ما تكافؤه فادعوا له ” وأفضل من
ذلك إكرامه وذلك من الإيمان كما قال نبينا : ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ” , والحذر من شتمه وإيذائه فقد قال نبينا : ” سباب المسلم فسوق “, وقال : ” المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ” وقال : ” كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ” .
د. محمد جاد بن أحمد صالح المصري