الدعوة للدكتور محمد المصري

لما كان دين الإسلام هو الدين الخاتم والرسالة الأخيرة من رب العالمين للخلق أجمعين كان اهتمام مصدريه الأساسيين ـــ الكتاب والسنة ـــ بالدعوة إلى الله وإيضاح ما يناسب الخلق من العبادة اهتماماً كبيراً فقد وصف الله نبيه  بأنه داعية إليه فقال سبحانه: {الأحزاب:45} {الأحزاب:46} ولأن دين الإسلام هو الحق فالدعوة إلى الحق واجبة قال تعالى: {الحج:67} والدعوة إلى الله هي طريق محمد  وطريق أتباعه إلى قيام الساعة {يوسف:108} وصف تعليم الناس دين الإسلام ودعوتهم إليه أنه أفضل الأقوال إذا كانت هذه الدعوة عن إيمان وصحبها عمل صالح {فصِّلت:33} وإذا اهتدى الناس بالدعوة إلى الله فللداعية مثل أجورهم قال نبينا  :” من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من معه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ” رواه مسلم واعتبر هداية واحد من المدعويين أفضل من أنفس الأموال وأغلاها يقول نبينا  لعلي بن أبي طالب  :” انفذ على رِسلك فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ” .
والأصل في الدعوة أن تكون جماعية كما أمر الله تعالى المؤمنين بذلك بقوله سبحانه {آل عمران:104} والتزاماً بهذا الأمر الرباني فقد نصت المادة 23 من النظام الأساسي للحكم في المملكة أنه على الدولة أن تقوم “بواجب الدعوة إلى الله” ، وقد أوكلت بتطبيق هذه المادة وزارة خاصة هي وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد والتي لم تأل جهداً منذ إنشائها في القيام بهذا الواجب مستعينة بالعلماء وطلبة العلم والدعاة إلى الله سبحانه كما أنها تقوم بجهود مشكورة لتأهيل الدعاة الرسميين من خلال الدورات المكثفة التي تهتم بالتواصل مع الآخرين ،كما أن الدولة تدعم المؤسسات الخيرية الدعوية كالندوة العالمية للشباب الإسلامي وهيئة الإغاثة الإسلامية ونحوها من المؤسسات الدعوية في سبيل نشر الإسلام في أرجاء العالم وتنظم وزارة الشؤون الإسلامية في شهر شوال القادم مؤتمراً حول الدعوة إلى الله عز وجل هدفه بيان أنه وإن كانت الدعوة إلى الله أصلها أن تكون جماعية إلا أنها قد لا تلغي دور الفرد الدعوي مهما كانت درجته العلمية أو المعنوية عملاً بقول النبي  :” بلغوا عني ولو آية ” فالدعوة كما تكون مباشرة من خلال العلماء والدعاة فإنها تكون بوسائل مستجدة فنشر أشرطة العلماء ودروسهم وأشرطة الدعاة ، ونشر كتبهم ، ونشر المطويات هو في قدرة عوام الناس ، كما أن دعم هذه الوسائل بالمال ونشرها هو مهمة تجار المسلمين كما أن الدعوة بالقدوة من خلال التمسك بالشريعة عموماً وبالأخلاق الإسلامية خصوصاً وهو دور عموم الناس .
وينتظر من هذا المؤتمر أن يركز على الدعوة إلى الله من خلال أجهزة الإنترنت ومن خلال استثمار القنوات الفضائية العامة والخاصة في الدعوة إلى الله بل وتطوير قدرات الدعاة على التواصل مع الجمهور سواء جمهور المسلمين أم عامة الناس والمطلوب تكثيف الترجمة الدعوية لمختلف لغات العالم سواء كانت لغات عالمية أو لغات خاصة وهي ما ينقص الدعوة اليوم فما أكثر الدعاة بلغة العرب ولكن ما أقلهم باللغات الأجنبية خصوصاً اللغات قليلة الانتشار مع أهمية تعليم الدعاة لها ، بل إنني آمل من وزارتنا الفتية أن تبادر في تشجيع الدعاة على هذا كما أن الأمل في جامعة الإمام وغيرها من الجامعات الإسلامية أن تقوم بتشجيع خريجيها على تعلم اللغات إن لم تلزمهم بها حتى يتم نشر الخير في كافة أقطار الدنيا بالحكمة والموعظة الحسنة وقدوتهم في ذلك رسول الله  الذي أمر زيد بن ثابت بتعلم اللغة السيريانية والله ولي التوفيق.