مقالات وخطب الدكتور محمد المصري

المسابقات التليفزيونية للدكتور محمد المصري


تحرص القنوات بمختلف توجهاتها على جذب الجماهير العريضة من مختلف الشرائح وتبحث عن البرامج الجماهيرية بغض النظر عن مدى موافقتها للشرع من عدمه، ومن أهم البرامج المسابقات الثقافية ، بل إن بعض الفضائيات تقوم على هذه المسابقات والتي تُعد مصدر دخل مغر لأصحابها ومصدر دخل محتمل بالنسبة للمشاهدين ، ويراعي المسلم في مشاهدته واستماعه وكسبه ما يرضي ربه عز وجل عملاً بقول الله تعالى:{ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (36) سورة الإسراء ، ويقول النبي  :” لن تزول قدما عبد حتى يُسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن علمه ماذا عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟”.

والحكم على المسابقات الفضائية يختلف باختلاف محتواها من جهة وبمصدر جوائزها من جهة أخرى ، أما من ناحية المحتوى فإن كان محتواها نافعاً لدين المكلف أو دنياه كمسابقات القرآن الكريم أو السنة النبوية، أو المسائل والألغاز الفقهية ، أو كانت مسابقات تحث على مكارم الأخلاق ، وتحذر من سفاسفها ، أو تهتم بتاريخ المسلمين أو أوطانهم أو تحببهم في بعضهم البعض فلا مانع من الاشتراك فيها مشاهدة,أو تسابقاً ، أو دعماً مادياً أو معنوياً لها لما تتضمنه من تفقيه المكلف في دينه وشحذ ذكائه فيما هو نافع وهي أمور مطلوبة وربما دخل بعضها في عموم قول النبي  : ” من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة “.

وأما إن تضمنت تلك المسابقات مخالفات شرعية كأسئلة عن المطربين والمطربات والممثلين والممثلات والأفلام والسينما نحوها مما ورد الشرع الحكيم بالتحذير من مضموناتها أو كان من يقدم هذه المسابقات نساء متبرجات أو مشاهد محرمة أو تضمنت سخرية بالدين أو دعاته أو غير ذلك من المفاسد فإنها مما يجب الإعراض عنه وقد امتدح الله المؤمنين بأنهم { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} (72) سورة الفرقان {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} (3) سورة المؤمنون ولما يتضمنه الاشتراك في هذه المسابقات من تكثير سواد أهل السوء في المجتمع وترويج سوقهم .

أما من جهة مصدر الجوائز فإن كانت الجوائز مرصودة من جهة محايدة مثل الحكومة أو الجمعيات أو المؤسسات الخيرية أو العلمية أو من جهة مستقلة أو فرد مستقل غير مشترك في تلك المسابقة فهذه الجوائز جائزة مع عدم إغفال النظر عما تقدم من حكم المحتوى .

وأما إن كان مصدر الجوائز اتصالات الجمهور سواء عن طريق القناة أو عن طريق شركات الاتصال الهاتفية فإن جوائز هذه المسابقات حتى لو كان محتواها طيباً تعد قماراً نهى الله عنه في قوله سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ(91) } سورة المائدة .

والميسر كل معاملة دائرة بين الغنْم والغرم ، ولا يدري فيها المعامل هل يكون غانماً أو غارماً ، وفي هذه المسابقات يغرم المشترك ثمن اتصاله الهاتفي على أمل أن يغنم ألوفاً أو ملايين وقد لا يغنم شيئاً وهو الغالب الأعم للمشاركين وليتنبه المسلم إلى ألاعيب هذه الفضائيات التي تكسب من ورائهم الكثير ، والتي يهدف كثير منها إلى كسب المال عن طريق نشر الرذيلة والدعوة لها كما عليه أن يتنبه إلى أن كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به والسحت هو الحرام والقمار والميسر من الحرام ، وكل مال ناتج عن سؤال مناف للشرع أو الأخلاق فهو سحت فعلينا الحذر منه ويحرص المسلم على المباح وهو أصل المعاملات وأكثرها ولله الحمد وإنما منع وحرّم ما فيه ضرر على الخلق في دينهم أو أبدانهم أو عقولهم أو أعراضهم أو أموالهم والحلال بيّن ولله الحمد فلا مانع من العمل على تحصيله والحرام بيّن ولله الحمد فيجب علينا اجتنابه بل ينبغي للمسلم تجنب ما لم يتضح حكمه من المشتبهات حتى لا يقع في الحرام والله أسأل أن يكفينا بحلاله عن حرامه وأن يغنينا بفضله عمن سواه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى