مقالات الشيخ سعد السبر

الحج وأحكامه

أيام قلائل ويحل علينا موسم هو من خير المواسم ، وأجلها عند الله سبحانه وتعالى ، فيه تنال البركات ، وتحطُّ السيئات ، روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام -يعني الأيام العشر- قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء ). ألا والله إنها الغنيمة الباردة ؛ والموفق من وفقه الله ،والمحروم من حرمه الله ، فاغتنموا هذه العشر التي أهلَّت عليكم بخيراتها الوافرة .

أيها الأحبة أجل الأعمال في هذه العشر ، وأحبها إلى الله ، هو حج بيت الله من استطاع إليه سبيلا.الركن الخامس ومبنى من مباني الإسلام العظام قال تعالى ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) قال قتادة لما أمر الله إبراهيم أن يؤذن في الناس بالحج نادى أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا وقال تعالى ( ليشهدوا منافع لهم) قيل التجارة في الموسم والأجر في الآخرة وقال صلى الله عليه وسلم ( تابعوا بين الحج والعمر فإنهما ينفيان الفقر والذنوب ) متفق عليه وقال صلى الله عليه وسلم (من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة). ولما سمع بعض السلف هذا قال‏:‏ غفر لهم ورب الكعبة‏ ، كان بعض السلف يقول لمواليه عند الحجر الأسود‏:‏ تنحوا عني حتى اقر لربي بذنوبي قال الحسن : الحج المبرور هو أن يرجع زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة. وأنشد :

يا كعبة الله دعوة اللاجي ** دعوة مستشعر ومحتاج

ودع أحبابه ومسكنه ** فجاء ما بين خائف راجي

ُ إن يقبل الله سعيه كرما ** نجا، وإلا فليس بالناجي

وأنت ممن تُرجى شفاعته ** فاعطف على وافد بن حجاج

ولله در ابن القيم حين يصور ذلك الموقف العظيم

ومغفــــرةً ممن يجودُ ويُكرِم وراحوا إلى التعريف يرجون رحمةً

فلله ذاك المـوقفُ الأعظمُ الذي كموقف يومِ العرضِ بل ذاك أعظمُ

إخوة العقيدة من تيسر أمره ، وبلغ سن الرشد ، وتوفرت له كل شرائط الحج ، وجبت عليه حينئذٍ فريضة الحج ، وحرُم عليه التأخيرُ

( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) وعن سعيد بن جبير وابراهيم النخعي ومجاهد وطاوس‏:‏ لو علمت رجلاً غنياً وجب عليه الحج ثم مات قبل ان يحج ما صليت عليه وبعضهم كان له جار موسر فمات ولم يحج فلم يصل عليه‏.‏ وكان ابن عباس يقول‏:‏ من مات ولم يزك ولم يحج سال الرجعة الى الدنيا وقرا قوله عز وجل ‏”‏ رب ارجعون لعلي اعمل صالحاً فيما تركت ‏”‏ قال‏ : الحج قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: أي ومن جحد فريضة الحج فقد كفر والله غني عنه. بل صح عن عمر بن الخطاب أنه قال: (من أطاق الحج فلم يحج فسواء عليه مات يهودياً أو نصرانياً). ، و عن الحسن البصري قال: قال عمر بن الخطاب: (لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار إلى كل من عنده جدة – غنى- فلم يحج، فيضربوا عليه الجزية ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين). .

وقال القرطبي رحمه الله: قال علماؤنا: تضمنت الآية أن من مات ولم يحج وهو قادر، فالوعيد يتوجه إليه، ولا يجزئ أن يحج عنه غيره، لأن حج الغير لو أسقط عنه الفرض لسقط عنه الوعيد. والله أعلم. ,وقال سعيد بن جبير: لو مات جار لي، وله ميسرة ولم يحج، لم أصل عليه. وقال الحسن البصري وغيره: إن من ترك الحج وهو قادر عليه فهو كافر..

وورد في الأثر (يقول الرب جل وعز إن عبدا أوسعت عليه في الرزق فلم يعد إلي في كل أربعة أعوام لمحروم) وفي الصحيح عن أبي هريرة قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا). فقال رجل : كل عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم)

سُئِلَ ابن عثيمين _رحمه الله_ : هل وجوب الحج للمستطيع على الفور أم للتراخي .

فقال: الصحيح أنه واجب على الفور، وأنه لا يجوز للإنسان الذي استطاع أن يحج بيت الله الحرام أن يؤخره. مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (31 / 13 ) – س ( 3 ).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى