الترخيص للسينما في بلاد التوحيد للدكتور محمد المصري

الحد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن السينما ، ما بين داع إلى ما أسماه ضرورة الترخيص بإنشاء دور لعرضها في بلادنا الغالية كرافد ثقافي ، ومصدر ترفيهي ، وما بين رافض لذلك لما يتضمنه الترخيص لها من فتح باب شر لانهاية له ، ومساهمة في نشر الوعي الشرعي حول هذا الموضوع الحيوي ولأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره فإن السينما عالمية كانت أو عربية أو محلية في الأعم الغالب تتضمن ما يلي :-
1. أفكاراً تعبر عن رأي المؤلف والسيناريو والمخرج والمنتج لها وهي تهدف لزرع وصياغة أفكار تخالف ثقافة المجتمعات ، ولا تلتفت إلى الضوابط الشرعية .
2. تجتزئ السينما العربية من الأدلة الشرعية ما يناسب مجتمعاتها ، وما تهدف من خلاله إلى إيصال أفكارها المبنية على الأهواء والشهوات والمحاربة لتعاليم الدين وقيمه لاسيما ما يخالف الأهواء والشهوات ولتقاليد المجتمع المسلم .
3. تتضمن السينما غالباً علاقات بين الرجال والنساء وبصور جذابة ، فالنساء لاسيما الفتيات في أجمل صورة وأبهى حلّة يتجاذبن أطراف الحديث مع الرجال لاسيما الشباب علاقات الحب والارتباط لا فرق فيه بين الزواج وغيره.
4. تفخيم أدوار أناس معنيين ” بطل الفيلم وبطلته ” بهدف غرس ما يعرضانه من أفكار في أذهان الجمهور وهي أفكار تخدش الحياء.
5. تعرض غالب الأفلام مقدمات ممارسات جنسية ، وصور إغراء متنوعة بهدف جذب أنظار الجمهور ، وقد تتضمن ممارسات جنسية فاضحة .
6. لا تكاد تخلوا أفلام السينما من تعاطي المخدرات والمسكرات والمفترات وبصور جذّابة أحياناً .
7. تحوي كثير من الأفلام مشاهد من القتل والسرقات ، والاغتصاب حتى صارت أحد مصادر تسهيل هذه الأمور وتعلمها للمجرمين .
8. تشويه صور القدوات ” كالعلماء والدعاة والمعلمين ” في المجتمع من خلال تصويرهم بأشكال هزلية والسخرية بهم وبما يحملون من أفكار .
9. تشويه المجتمع من خلال إبراز الصور السلبية فيه وتعميمها على المجتمع .
لهذا وغيره فإن الترخيص بعرض السينما في بلادنا الغالية التي نصت المادة الأولى على أن لمملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة قائمة دينها الإسلام ودستورها كتاب الله وسنة رسوله  أمر مرفوض شرعاً لما تتضمنه من المخالفات الشرعية المجمع على تحريمها ومن ذلك :
1. الدعوة إلى الفواحش ما ظهر منها وما بطن سواء صراحةً أو ضمناً وقد حذر الله عز وجل من يفعل ذلك بقوله .
2. تتضمن السينما مشاهد محرمة إجماعاً لقول الله تعالى وفي السينما مخالفة صريحة لدعوى الإيمان في الآيتين والتي تطالب المسلم والمسلمة بغض البصر وحفظ الفرج وتعتبر ذلك دليل إيمانه .
3. أن في السينما مجاهرة في المعصية سواء من المؤلف أو الممثل أو المشاهدين وقد قال نبينا  ” كل أمتي معافى إلا المجاهرون ” وربما قال قائل إن هذه الأضرار موجودة في القنوات الفضائية ومواقع الإنترنت فيقال لهم نعم هي موجودة فيها ولكن المشاهد المستتر بستر الله ليس كالمعلن ومع ذلك فنحن بالعموم ندعو الجميع للتوبة إلى الله عز وجل والعودة إلى الحق قال الله تعالى ولا يجوز لنا أن نقلد غيرنا تقليداً أعمى فلا نأخذ من الآخرين إلا ما لا يتعارض مع تعاليم ديننا .
فالقول بأنه لا بأس بالترخيص بدور السينما مع وضع الضوابط المناسبة قول يدل على عدم معرفة بواقع السينما فليس في السينما إلا ترويج للفواحش والعلاقات المحرمة والأنماط المنحلة .
والقول بإن السينما أشبه بالوعاء الذي تتحكم بمحتوياته كلام مجمل والواقع يدل على أن المحتوى كله محرم وبالتالي فالترخيص بإنشائها أو السماح لها هو ترخيص بالحرام.
أما الاستدلال بوجود التلفاز والقنوات الفضائية وأنه لافرق بينهما هو استدلال بالحرام على ما هو أشد حرمة وإنما تساق هذه الشبهة في حق من يبيح للمسلمين مشاهدة القنوات الفضائية أو الاستثمار فيها أما الفوائد الثقافية الموجودة في السينما فهي أضرار محضة (فمن يرد الله خيراً يفقه في الدين) ويكفينا من الثقافة ما لا يتعارض مع ديننا وشريعتنا أما إعلان المعاصي والدعوة إلى الشهوات والشبهات فأضرار محضة لا يقرها دين ولا شرع.
وأما القول بان السينما موجودة في جميع دول العالم وليس من المعقول أن جميع دول العالم على خطأ ونحن على صواب فحجة قال الله عنها وقال عنه سبحانه .
وهذه الدول العربية والإسلامية هل أدى الترخيص لدور السينما فيها لتقدمها صناعياً ، أو تطورها ثقافياً أو حضارياً أم أنها لا تزال وستظل ضمن العالم الثالث ما لم تعرف أن طريق تطورها وتقدمها هو الحرص على ما ينفعها في آخرتها وعدم الأخذ من الصناعات والثقافات إلا بما لا يتعارض مع مبادئها.
والحاصل أن مصلحة بلادنا واستقرارها الاجتماعي وأمنها وسلامتها يكمن في تمسكها بدينها الذي أنشئت عليها منذ تعاهد الإمام محمد بن سعود والإمام محمد ين عبد الوهاب رحمهما الله على ذلك وعلى مبادئها سار الإمام المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله وأبناؤه البررة سعود وفيصل وخالد وفهد رحمهم الله وأقسم على الاستمرار على هذا المبدأ ملكنا المفدى عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله وهو الذي يجب أن نتكاتف عليه جميعاً حرصاً على سعادتنا في الدنيا ونجاتنا في الآخرة والله الموفق .