اخبار عاجلة

من خانت ربها وأهلها خانت زوجها & للشيخ سعد السبر

الحمد لله أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة ورضي لنا الإسلام دينا ، وجعلنا متحابين متآلفين مجتمعين ، أحمده سبحانه على نعمة هدايتنا لصراطه المستقيم ودينه القويم ، وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد الأحد الفرد في ألوهيته الصمد في ربوبيته لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد في أسمائه وصفاته ( ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ) () ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الرؤوف الرحيم الحبيب المحب الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الغر الميامين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد فأُوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل فهي شعار الحب ودليل المحبين ( يا أيها اللذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) ()

أيها المؤمنون : إن الإيمان أساس الحياة وسبب الخلق والإيجاد ؛ لأنه يقوم على دين أساسه الحب والمحبة ، والألفة والتآلف ، والتوآد والتقارب ، ولأنه يريد للبشر أن يعيشوا بقلوب بالحب متفجرة وبالود نابضة ، ويريدهم أن يعيشوا ناثرين للحب وللمحبة مؤسسين للصفاء والمودة ، فيُحبوا الله ورسوله ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداد يُحبونهم كحب الله واللذين آمنوا أشد حباً لله ) () ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ) () ( ، ويُحبوا دينهم ، ويُحبوا أهلهم والناس أجمعين ، ويُحبوا ويعشقوا ويغرموا بزوجاتهم . ديننا يريد من المسلمين أن يتحابوا ولا يخجلوا من الحب ، فأمرهم بالنكاح وحثهم عليه ورغّبهم فيه ولا يخافوا لومة لائم ؛ لأن ديننا يعرف تأثير الحب على أنفس الناس ، وأنه مصدر راحتهم وأمنهم ، ولأن ديننا يثبت الغرائز ولا يحاربها بل يريد من البشر أن يكونوا مؤمنين موقنين بدينهم طائعين لربهم ونبيهم ، ولا يكون ذلك إلا بالحب الذي به نأنس ونألف ونُؤلف ونقرُب ونتقارب .

أيها المسلمون : إن الحب كلمة من حرفين الحاء والباء أساسهما اللزوم والثَّبات أمّا اللزوم فالحُبّ والمَحبّة، اشتقاقه من أحَبَّه إذا لزمه () فيكون حبُ الشيء لزم وثبت في قلب العبد ، و هذه الكلمة الجميلة وجدها الصحابة من نبيهم فأحبوا ربهم ودينهم ، وأحبوا أهلهم ، وأحبوا وعشقوا وغرموا بزوجاتهم ، فأشعوا الحب والنور على الأرض والناس أجمعين ، بثوا دينهم ، ونثروا حبهم على المعمورة ، فأحب الكفارُ دينهم لدماثة خلقهم وطيب سمتهم وحلاوة أخلاقهم وجميل صنعهم فدخلوا في الإسلام أفواجا .

أيها الإخوة : إن المسلمين الأُول فتحوا القلوب قبل البلدان لأنهم بسطوا الحب وزرعوه في الطرقات ، وأرسلوه في الأثير ؛ ليقول للناس نحن مؤمنون أتقياء قلوبنا رقيقةٌ هينةٌ لينةٌ نشعر بمن حولنا ونُحب أمتنا ومُجتمعنا؛ لذا لم يفقد أبناؤهم وبناتهم الحب في بيوتهم وعاشوا في أحضانهم ينثرون الحب ويزرعونه في مداخل ومخارج أبنائهم وبناتهم لم يتركوا أبنائهم وبناتهم يبحثون عن حب نصراني وثني من فلانتين ولم يتركوهم يهيمون على وجوههم حتى يقعوا في أدغال عيد الحب المبتدع المحدث ليُفسد عقيدتهم ويُدمر أخلاقهم لم يتركوا الأبناء والبنات لعيد الحب العيد الروماني الجاهلي النصراني الوثني ولم يتركوهم كما كان عُباد يونيشس وأتيس يجتمعون في عيد الحب في مساء أحد السبوت صنع النصارى أيضاً، حيث كان العشاء ينتهي بقراءة فقرات الكتاب المقدس، وفي آخر الطقوس قبلة الحب بين الرجال والنساء وقد ندد القديس ترتليان بهذه العادة القبيحة، واعتبرها موصلة للإباحة الجنسية. ()

أيها الأحبة : إن السلف لم يتركوا أبنائهم وبناتهم يبحثون عن الحب خارج بيوتهم فيبحثوا يمين وشمالا فلم يجدوا إلا إحداث أعيادا في الدين وبدعا ليرتاحوا ويريحوا أنفسهم ويُطيبوا أرواحهم ، فيكونوا محدثين مبتدعين قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” الأعياد من جملة الشرع والمنهاج والمناسك التي قال الله سبحانه ( عنها ) : ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) () وقال : ( لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه ) () كالقبلة والصلاة والصيام ، فلا فرق بين مشاركتهم في العيد ، وبين مشاركتهم في سائر المناهج ؛ فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر ، والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر ، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع ، ومن أظهر ما لها من الشعائر ، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره ، ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة .

وأما مبدؤها فأقل أحواله أن تكون معصية ، وإلى هذا الاختصاص أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( إن لكل قوم عيدا وإن هذا عيدنا ) () وهذا أقبح من

مشاركتهم في لبس الزنار (لباس كان خاصا بأهل الذمة ) ونحوه من علاماتهم ؛ فإن تلك

علامة وضعية ليست من الدين ، وإنما الغرض منها مجرد التمييز بين المسلم والكافر ،

وأما العيد وتوابعه فإنه من الدين الملعون هو وأهله ، فالموافقة فيه موافقة فيما

يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه ()

وقال رحمه الله أيضا : ” لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم ، لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نيران ، ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك. ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك ، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار الزينة .

وبالجملة : ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم ، بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام ، لا يخصه المسلمون بشيء من خصائصهم () .

وقال الحافظ الذهبي رحمه الله ” فإذا كان للنصارى عيد ، ولليهود عيد ، كانوا مختصين به ، فلا يشركهم فيه مسلم ، كما لا يشاركهم في شرعتهم ولا قبلتهم () . وعن أنس رضي الله عنه قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما ، فقال : ما هذان اليومان ؟ قالوا كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما : يوم الأضحى ، ويوم الفطر ) () وهذا يدل على أن العيد من الخصائص التي تتميز بها الأمم ، وأنه لا يجوز الاحتفال بأعياد الجاهليين والمشركين .

أيها الشباب : إن عقيدتكم لاتُحرم عليكم الحب ولا تنهاكم عنه إلا إذا كان حراما شركا فلا تُحبوا من تجعلوه إلها مع الله ( إنه من يشرك بالله فقد حرّ الله عليه الجنة ومأواه النار ) () ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يُحبونهم كحب الله ) () ، وإن عقيدتكم تُحرم عليكم أن يكون حُبُكم حراما فجورا فأحبوا حبا شرعيا لزوجاتكم وأزواجكم

أيها الفتيات : حذاري من حرفي العشق والحرام ومن الذئاب البشرية فهم يضحكوا عليك بالحاء والباء الحب وهم والله وبالله وتالله لن يُحبكوك بل يريدوا عفتكم وشرفك ودينك ثم بعد ذلك يرموك في زبالة التاريخ ، فلم يتزوج رجل فتاة فجر بها وضحك عليها شاب يُسقط فتاة في الرذيلة فتتوسل إليها ليتزوجها فيُجيب من خانت ربها وأهلها خانت زوجها فكيف أتزوجها أو أثق بها .

كتبه سعد بن عبدالله السبر

إمام وخطيب جامع الشيخ عبدالله الجارالله رحمه الله

المشرف العام على شبكة السبر

www.alsaber.net

24/3/1433

——————————————————————————–

( ) سورة الشورى ، آية : 18 .

( ) سورة آل عمران ، آية : 102 .

( ) سورة البقرة ، آية : 165

( ) متفق عليه من حديث أنس ابن مالك

( ) معجم مقاييس اللغة لابن فارس (2/ 26)

( ) إظهار الحق، رحمة الله الهندي (1/240) ، المسيح عليه السلام بين الحقائق والأوهام، محمد وصفي، ص (126-134)، مسيحية بلا مسيح، كامل سعفان ص (83)، ما هي النصرانية، العثماني، ص (168)، المسيحية، أحمد شلبي، ص (148-149)، المسيح في مصادر العقائد المسيحية، أحمد عبد الوهاب، ص (136).

( ) سورة المائدة ، آية : 48 .

( ) سورة الحج ، آية : 67 .

( ) أخرجه البخاري في “صحيحه”، كتاب العيدين: باب سنَّة العيدين لأهل الإسلام: 544/2، رقم 951، ومسلم في “صحيحه”: كتاب صلاة العيدين: باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد: 2/607، 608، رقم 892 من حديث عائشة رضي الله عنها. .

( ) اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية (1/207).

( ) مجموع الفتاوى لابن تيمية (25/329) .

( ) انظر أحكام أهل الذمة: 2/659-778 للعلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى. وقد شرح في كتابه هذا الشروط العمرية شرحًا مستوفى مفيدًا. مطبوع بتحقيق الدكتور صبحي الصالح رحمه الله تعالى.

( ) ورواه أبو داود (1134) صححه الألباني في صحيح أبي داود .

( ) سورة المائدة ، آية : 72 .

( ) سورة البقرة ، آية : 165 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى