عاصفة الحزم – خطب الجمعة

شبكة السبر – خطب الجمعه
كتبه د/ سعد بن عبدالله السبر
7/6/1436
إمام وخطيب جامع الشيخ عبدالله الجارالله رحمه الله
الحمد لله ناصرِ الموحدين، ومُذِلّ المشركين أحمده وأشكره على نعمة التوحيدِ والأمنِ والتمكينِ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبدُه ورسولُه خيرُ من جاهدَ الكفارَ والمشركينَ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد فأُوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل ، فإن الله ينصر ويحفظ من يتقيه ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (1).
أيها المسلمون: إن الله تفضل علينا بنعمٍ عظيمةٍ أعظمُها نِعمةُ التوحيدِ والأمنِ، نعمةُ امتن الله بها علينا وعلى قريش قبلنا فقال(لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)) (2)، وإن الله أنعم علينا بالتوحيد وبالملِك المُوحدِ البارِ سلمانَ بنِ عبدالعزيز فعند توليه فَرِح الناسُ بتوليه، وبايعوه، وفرحوا بأوامره وعطاياه ، وفرحوا بالمال، ولكنَّ فرحهم بالأمنِ والتوحيدِ أشدُ وأعظم ، فإن نعمةَ الأمن بعد التوحيدِ أعظمُ النِعمِ، مَنْ فقدها فقد الخير ، وتعسرت عليه السُبل، وضاقت عليه الأرض بما رحُبت، ومَنْ رُزِقَ الأمنُ عبد الله براحة وسكينة وخشوعٍ ووقارٍ؛لأن عرضه محفوظ، وماله غيرُ مسروق.
أيها الموحدون: إن النبي نهانا عن تمني لقاء العدو، فعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ العَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ» ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ» (3)، فالنبي أمرنا بعدم تمني لقاء العدو، ولكن إذا لقيناهم علينا الصبر ، وإنَّ ما قامت به حكومتُنا الرشيدةُ أيدها الله ووفقها وسددها في نصرة أهلنا في اليمن فهو واجبٌ على المسلمين جميعا أن ينصروا أهلهم إذا طلبوا عونهم على مَنْ ظلمهم وبغى عليه ، وسبَ رسولَ الله وزوجاتِه، وكذبَ الله ورسوله، واعتقدَ أن القرآن مُحرَّفٌ، وأن الله جاهلٌ،واعتقد سائر العقائد الرافضية الكفرية التي يعتقدها الرافضة الحوثيون، وما يُخفونه من الكفر وتكفيرِ المسلمين عامةَ أكبرُ مما يُظهرونه، بل كفروا الأنبياءَ والمرسلين، فهم بغوا على أهل التوحيد والسنة في اليمن وتجبروا وأفسدوا ، ودمروا البلاد وقتلوا العباد ، وأشاعوا في اليمن والأرض الفساد، وإن النصر لإخواننا ليس من تمني العدو ، ولكنه من اجبار العدو لنا على نصرة أهلنا في اليمن، فعلينا النصر والصبر والثبات.
أيها الإخوة: إنَّ قولَ علمائِنا في الرافضةِ وكُفرِهم معلومٌ وظاهرٌ لاخفاء فيه، فلقد كان أبوحنيفة- رحمه الله وهو فارسي- إذا ذكر الشيعة عنده كان دائماً يردد:مـن شــك فـي كـفـر هـؤلاء، فـهـو كـافـر مـثـلـهـم ,وقال الاما م قال مالك : الذي يشتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ليس لهم نصيب في الإسلام .السنة للخلال ( 2 / 557 ) وجاء في كتاب السنة للإمام أحمد قوله عن الرافضة : ( هم الذين يتبرأون من أصحاب محمد ويسبونهم وينتقصونهم ويكفرون الأئمة إلا أربعة : علي وعمار والمقداد وسلمان وليست الرافضة من الإسلام في شيء ) . السنة للإمام أحمد ص 82 .وقال البخاري :رحمه الله : ( ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي ، أم صليت خلف اليهود والنصارى ولا يسلم عليهم ولا يعادون ولا يناكحون ولا يشهدون ولا تؤكل ذبائحهم) .خلق أفعال العباد ص 125 . وقال ابن حزم رحمه الله عن الرافضة عندما ناظر النصارى وأحضروا له كتب الرافضة للرد عليه: ( وأما قولهم يعني النصارى ) في دعوى الروافض تبديل القرآن فإن الروافض ليسوا من المسلمين ، إنما هي فرقة حدث أولها بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة .. وهي طائفة تجري مجرى اليهود والنصارى في الكذب والكفر ) .الفصل في الملل والنحل ( 2 / 213 ) .وقال القاضي عياض رحمه الله : ( نقطع بتكفير غلاة الرافضة في قولهم إن الأئمة أفضل من الأنبياء ) .وقال : (وكذلك نكفر من أنكر القرآن أو حرفاً منه أو غير شيئاً منه أو زاد فيه كفعل الباطنية والإسماعيلية ) . وقال ابن تيمية رحمه الله عن الرافضة : ( أنهم شر من عامة أهل الأهواء ، وأحق بالقتال من الخوارج ) .مجموع الفتاوى ( 28 / 482 .)
وقال السمعاني : رحمه الله : ( و اجتمعت الأمة على تكفير الإمامية ، لأنهم يعتقدون تضليل الصحابة وينكرون إجماعهم وينسبونهم إلى ما لا يليق بهم ) . الأنساب ( 6 / 341 ) .وقال أبو زرعة الرازي : ( إذا رأيت الرجل ينقص أحداً من أصحاب رسول الله فاعلم أنه زنديق ). وقال شيخ الإسلام في الصارم المسلول: (ومن أقترن بسبّه أن عليًا إله، أو أنه كان مع النبي وإنما غلط جبرائيل في الرسالة، فهذا لا شك في كفره، بل لا شك في كفر من توقف في تكفيره).وقال أيضا : (ومن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً، أو أنهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضاً في كفره، لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضوع، من الرضى عنهم والثناء عليهم؛ بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين).ثم قال: (وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام) .وعلق على ذلك محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ كما في الدرر فقال: (فهذا حكم الرافضة في الأصل، وأما الآن فحالهم أقبح وأشنع لأنهم أضافوا إلى ذلك الغلو في الأولياء والصالحين من أهل البيت، وغيرهم واعتقدوا فيهم النفع والضر في الشدة والرخاء ويرون أن ذلك قربة تقربهم إلى الله ودين يدينون به فمن توقف في كفرهم والحالة هذه وارتاب فيه فهو جاهل بحقيقة ما جاء به الرسل ونزلت به الكتب فليراجع دينه قبل حلول رمسه).و قال محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتابه الرد على الرافضة: (بأنهم كفار. وبين بأنهم كفروا من وجوه. وقد أجمع أهل المذاهب الأربعة من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على القول بكفر المتصف بذلك).وقال ابن باز الشيعة فرق كثيرة فيهم الكافر الذي يعبد علياً ويقول: يا علي، ويعبد فاطمة والحسين وغيرهم، ومنهم من يقول: جبريل عليه الصلاة والسلام خان الأمانة وأن النبوة عند علي وليست عند محمد، وفيهم أناس آخرون، منهم الإمامية – وهم الرافضة الاثنا عشرية – عباد علي ويقولون: إن أئمتهم أفضل من الملائكة والأنبياء ومن أخبثهم الإمامية الاثنا عشرية والنصيرية ويقال لهم الرافضة (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد الثامن والعشرون )
أيها المتقون: إن الحوثيين في اليمن يعملون بأمرِ الفرسِ المجوسِ في إيران؛ لتدميرِ التوحيدِ والموحدِين وإزالةِ السنةِ من الأرض ، ولكن هيهات هيهات لهم ، فإن الله ناصرٌ دينَه ورافعٌ دينه ولو كره الكافرون المشركون،وإن الحوثيين ذراعُ المجوسِ في اليمن حاربوا القرآن وأهل، وأغلقوا حلقات القرآن، ودمروا المساجد، واستهدفوا العلماء والمصلحين والقادة ، وسلبوا اليمن ودمروها ، وهددوا الحرمين ودول الخليج ؛ خدمةً للفرسِ المجوسِ في إيران، فهذه التصرفات أوجبت على الأمة الموحدة العربية والإسلامية الوقوف في وجههم ، ونصرة أهلنا في اليمن وحماية التوحيد وجنابه، فإن اليمن موحدٌ وسكانه أهلنا الموحدون واجبٌ علينا نصرتهم والوقوف معهم فمصيرنا مصيرهم وحياتنا حياتهم ؛ لأن الربَ واحدٌ والمعتقدُ واحدٌ، فنحن اليمن واليمن نحن، فمَنْ الموحدون إن لم ينصروا الموحدين في اليمن ، ومَنْ المسلمون إن لم يردوا المشرك الباغي عن إخوانهم وعقِيدَتهم ومقدَساتِهم ، وبُلدانِهم؟، والله يقول (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) (4)، وحق المسلم على المسلم النصرة ورد الظلم، فعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» (5) ، وحق الجار على جاره عظيم، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ
قَالَ: «مَا زَالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» (6)، فهبت عليهم هعاصفة الحزم بأمر الله وتوفيقه، هبت عاصفة الحزم؛ لتردعهم ، وتوقفهم، وتقول لهم إن الموحدين أحياء يتنفسون لهم رئة موحدةٌ تتنفس التوحيد، وبها تحيا وعليه تموت؛ ولأجله تُقاتل، وتُقتل، فعاصفة الحزم ؛ ليَفيق الراف الحوثي من غيه ويرجع من فجوره وبغيه .
أيها المؤمنون: إن الواجب علينا الوقوفُ مع أهلِنا في اليمنِ ونُصرتِهم، والوقوفَ مع ولاتنا وجيشنا وجيوشنا المسلمة بالدعاءِ والنصرِ والتأييدِ، والتعاونِ على الخير والإعتصمامِ بحبل الله وعدمِ التفرق ، ولُزومِ الجماعةِ، والحذرِ من الخروجِ والخوارجِ ومنهجِهم الباطلِ الفاسدِ المخالفِ لشرعِ الله، فهم كِكلابُ النار كما صح بذلك الخبر عن خير البشر قال عز وجل (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (7) ،وعلينا تركُ القيلِ والقالِ ونشرِ الشائعاتِ التي تُعينُ العدو علينا ، وتؤثرُ على المعنويات؛ لأنها ترويعٌ وفسادُ للمجتمعِ والبلادِ والعبادِ ، وإعانةٌ للكفار علينا، وفي الفتن المسلم مأمور بلزوم الجماعة واجتنبا الفرق ، ولزوم العبادة والطاعة، وترك التفرق والتشرذم، فاليوم يومُكم، فانصروا أهلُكم في اليمن بالدعاء بالتعاون والاجتماع والاعتصام بدين الله ونبذ ما سواه، والله ناصر جنده وهازم الأحزاب .
هذا كلام قلته فوق هذا المنبر في شهر محرم عام 1433 فتأملوه .
أمة الإسلام إخوانكم يستغيثون ويصيحون فهل من مغيث أو مجيب أينكم معاشر الموحدين أهل السنة والجماعة أهلكم في دماج يُقتلون لأنهم موحدون يُقتلون لأنهم أهلُ الحديث ونقلةُ السنة يُقتلون لأنهم يُعلمون العالمَ حديثَ النبيِ صلى الله عليه وسلم سُنَته وهدَيه. دماجُ لاتبكي دماج لاتخافي دماج لاتحزني دماج الله يحميك دماج إن تخاذلنا فلن يخذلك الرب جل جلاله وعز جاهه وتقدست أسماؤه.
واليوم أقول الحمد لله الذي نصر أهلنا في اليمن والشكر بعد الله للملك الموحد سلمان فهو امتداد لأبيه قامع الشرك والمشركين، وحفيد من أحفاد عمر كاسر الفرس ومدمر دولتِهم .
______________________________
(1) سورة آل عمران، آية: 102.
(2) سورة قريش، آية:1-4.
(3) أخرجه البخاري بَابٌ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ أَوَّلَ النَّهَارِ أَخَّرَ القِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ حديث رقم 2966 صحيح البخاري (4 / 51)، وأخرجه البخاري أيضا في بَابٌ: لاَ تَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ حديث رقم 3024
(4) سورة الأنفال، آية:72.
(5) أخرجه البخاري بَابٌ: أَعِنْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا حديث رقم2443 صحيح البخاري (3 / 128)
(6) أخرجه البخاري باب الوصاة بالجار حديث رقم 6014 صحيح البخاري (8 / 10)
(7) سورة آل عمران، آية:103.