خطب الشيخ سعد السبر

قرة أعين الموحدين وراحة المؤمنين – خطب الجمعة

شبكة السبر – خطب الجمعه

كتبه د/  سعد بن عبدالله السبر

30/6/1432

إمام وخطيب جامع الشيخ عبدالله الجارالله رحمه الله


الحمد لله جعل قرة أعين الموحدين في الصلاة وراحة المؤمنين في أدائها أحمده سبحانه وأشكره على نعمه المتتابعة وألطافه المتسابقة ، وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد الأحد الفرد الصمد لم يكن له شريك في الملك والخلق ،ولا وصاحبة ولا ولد ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خير من أٌقام الصلاة وآتى الزكاة وحج البيت الحرام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد فأُوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل ( يَا أَيُّهَا الذِّينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَـمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (1)

أيها المسلمون : غارت البحار وقل الخوف من الغفار ، ويبست أشجار التسبيح ، وجفت أنهار الذكر ، وتبُدل الذي هو خير بالأدنى ، وضعف ميزانها وقدرها ، وخبئت جذوتها في القلوب ، وعُقدت الألسن عن وقتها ، وقُيدت الأرجلُ عن السير لها، وحُيل بينهم وبينها، حتى صارت هما وغما وضيقا وحرجا ، وفُقدت الراحة والأنس والسرور والربيعُ فيها ، وصارت أرحنا منها ، ولا تُرحنا بها ، إنها الكتابُ الموقوت ، والنورُ في الظُلم ، والراحة وقت الخوف إنها الصلاة . الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم آخر وصايا نبيكم

أيها المؤمنون : الصلاة ميزان التوحيد، وصلة بين العبد ورب العبيد ، النور والأمن والأمان والراحة والاطمئنان ، الصلاة التي رفعت العبيد ووصلتهم بالملأ الأعلى ، راحة الأنبياء والفريضة عليهم (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) أو واجب بعد التوحيد والركن الثاني من أركان الإسلام ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) (2) وقال (فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ۗ ) (3) .

وعن أنس قال لم يكن رسول الله (يقبل من أجابه إلى الإسلام إلا بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة) (4) أوجبها الله (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) (5) قال الحسن موقوتا أي واجبا (6) ، وعن إبراهيم بن يزيد قال بعث عمر بن عبدالعزيز رجلا إلى مصر فقال له إن اليوم الجمعة فأقم حتى تصلى فإنا قد بعثناك في عجلة للمسلمين فلا يعجلنك ما بعثناك أن تؤخر الصلاة عن ميقاتها فإنك لا محالة تصليها وتلى هذه الآية أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات قال لم يكن إضاعتهم تركها ولكن أضاعوا المواقيت (7).

أيها الموحدون : إن ترك الصلاة سبب لغضب الجبار و لدخول النار قال أبو عبدالله المروزي وحُكي عن الكفار أنهم لما سئلوا بعد دخولهم النار فقيل لهم ( مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ(42)قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) (8) فلم يذكروا شيئا من الأعمال عذبوا عليها قبل تركهم الصلاة ، وإن ترك الصلاة سبب للخسران المبين ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) (9)

، وقال أبو عبدالله المروزي وقال الله تبارك وتعالى فيما يؤبخ به الكافر ( فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى ) (10) ولم يضم إلى التصديق شيئا غير الصلاة (وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ ) (11) فالكذب ضد التصديق والتولي ترك الصلاة وغيرها من الفرائض ثم أوعده وعيدا بعد وعيد فقال ( أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى) (12) (13) ،وقال رسول الله ( إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) (14)، و عن عبدالله بن عمرو عن النبي   قال (من حافظ على الصلاة كانت له نورا وبرهانا ونجاة من النار يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة يوم القيامة وكان يوم القيامة)(15) ،و عن بريدة بن الحصيب قال قال رسول الله : (بيننا وبينهم ترك الصلاة فمن تركها فقد كفر) (16) ورواه ابن حبان بلفظ (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة)(17) ، وقال عمر رضي الله عنه لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة ،وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه لا دين لمن لا صلاة له (18) ، وقال حاتم الأصم فاتتني الصلاة في الجماعة فعزاني أبو إسحاق البخاري وحده ولو مات لي ولد لعزاني أكثر من عشر آلاف لأن مصيبة الدين أهون عند الناس من مصيبة الدنيا (19)

أيها الأحبة : إن الصلاة سببٌ لتكفير الذنوب ومغفرة علام قال المروزي : لم يخص الله تعالى عملا من أعمال الدين فجعله يكفر به الخطايا ويطهر به المذنبين كما خص الصلاة بذلك فقال إن الحسنات يذهبن السيئات فجاءت الأخبار أنها نزلت في الصلوات الخمس (20)،و عن ابن مسعود ” أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي فذكر ذلك له كأنه يسأل عن كفارتها ؟ فأنزلت عليه ( وَأَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ) (21) فقال : يا رسول الله ألي هذه ؟ قال : هي لمن عمل بها من أمتي(22) ،وكان يوسف بن أسباط يقول يا معشر الشباب بادروا بالصحة قبل المرض فما بقي أحد أحسده إلا رجل يتم ركوعه وسجوده وقد حيل بيني وبين ذلك، وقال سعيد بن جبير ما آسى على شيء من الدنيا إلا على السجود (23) ، وقيل لخلف بن أيوب ألا يؤذيك الذباب في صلاتك فتطردها قال لا أعود نفسي شيئا يفسد علي صلاتي قيل له وكيف تصبر على ذلك قال بلغني أن الفساق يصبرون تحت أسواط السلطان ليقال فلان صبور ويفتخرون بذلك فأنا قائم بين يدي ربي أفأتحرك لذبابة ويروى عن مسلم بن يسار أنه كان إذا أراد الصلاة قال لأهله تحدثوا أنتم فإني لست أسمعكم (24)

——————————————————————————–

(1) سورة آل عمران ، آية : 102 .

(2) سورة التوبة ، آية :5.

(3) سورة التوية ، آية :11 .

(4)تعظيم قدر الصلاة للمروزي (1 / 95)

(5) سورة النساء، آية : 103 .

(6)تعظيم قدر الصلاة للمروزي (1 / 118)

(7)تعظيم قدر الصلاة للمروزي (1 / 123)

(8) سورة المدثر، آية :42-43 .

(9) سورة المنافقون ، آية : 9 .

(10)سورة القيامة ، آية :31 .

(11)سورة القيامة ، آية :32 .

(12) سورة القيامة ، آية 34-35 .

(14)تعظيم قدر الصلاة – (1 / 127)

(15) رواه مسلم

(16)رواه الإمام أحمد وحسّنه الألباني والأرنؤوط .

(17) رواه الترمذي، والنسائي وابن ماجه وقال الترمذي حديث حسن صحيح غريب

(18)تعظيم قدر الصلاة للمروزي (2 / 1003)

(19)إحياء علوم الدين للغزالي (1 / 149)

(20)الغيوب تعظيم قدر الصلاة للمروزي (1 / 139)

(21) سورة هود، آية : 114 .

(22)أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن حبان

(23)إحياء علوم الدين – (1 / 149)

(24)إحياء علوم الدين – (1 / 151)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى