اخبار عاجلة

كيف تقوي مناعة طفلك؟ للدكتور فارس العنزي

د. فارس قليل العنزي

استشاري وأستاذ علم المناعة المشارك بجامعة الخرج

http://faculty.ksu.edu.sa/fqalenzi/arabic

كيف تقوي مناعة طفلك؟

المناعة في الطفل :

إذا تساءلنا ماهي المناعة فلنا أن نعلم أنها دفاع الجسم البشري ضد غزو الجراثيم التي تسبب الأمراض المختلفة، وهي القوة التي يكتسبها الإنسان ليقاوم العدوى ويتغلب عليها، ويكتسب الإنسان نوعاً من المناعة الطبيعية بالتعرض المتكرر للجراثيم، أما الأطفال عند الولادة ولوقت قصير بعدها فيكتسبون بعض المناعة من الأم عبر المشيمة وهذه هي المناعة المورثة التي تمنح المولود كحماية مؤقتة.

هل يمكن تقوية مناعة الأطفال؟ نعم وتقوية المناعة لدى الأطفال من الأمور المهمة لكل من الوقاية والتقليل من تأثير الأمراض. هناك العديد من الطرق التي يمكن أن يقوم بها الوالدان لتقوية مناعة أطفالهما. سنراجع في هذا المقال ثمانية طرق من شأنها تقوية مناعة طفلك.

أولاً: تحصين الطفل :

التطعيمات وعلاقتها بالمناعة

ينتقل المولود فجأة إلى بيئة جديدة لا تؤمن له نفس الراحة والحماية التي كان ينعم بها وهو داخل الرحم، ليأتي إلى هذا العالم مسلحاً بمناعة شبيهة بمناعة أمه، وهذه المناعة الطبيعية التي انتقلت إليه من أمه عبر المشيمة لا تقيه من كافة الميكروبات إلا لفترة من الزمن لأنها تزول خلال الأشهر الأولى من حياته فيصبح بدون مناعة وعرضة للأمراض. ومن المعروف الآن أنه إذا توفر للطفل التلقيح المبكر فإنه يستطيع أن ينتج أجساماً مضادة، ومع أن الأجسام المضادة المنتقلة من الأم إلى المولود تحدث مفعولاً جزئياً مانعاً يؤثر على تشكيل الأجسام المضادة الناتجة عن التلقيح، فإن هذا المفعول الجزئي لا يمنع جهاز الطفل نفسه من إنتاج الكفاية من الأجسام المضادة الفاعلة.

فالتطعيم في سن مبكر ابتداءً من الشهر الأول يثير حس الطفل إلى الجرعات المنبهة الأخرى من اللقاح أو إلى غزوة لاحقة من نفس نوع الجراثيم. وهناك عدد من أمراض الطفولة يمكن الوقاية منها وباستطاعتنا حماية الطفل من مثل هذه الأمراض عن طريق التلقيح. والطريق الأفضل لمنع حدوث عدد من الأمراض مثل: الحصبة، والنكاف، والحصبة الألمانية، والالتهاب الكبدي الوبائي (ب)، وجدري الماء (العنقز) ، والسعال الديكي، والكزاز ، والدفتيريا، وشلل الأطفال وغيرهامن الأمراض الأخرى هو التأكد من أن طفلك قد تلقى التحصين الملائم. و يوجد حاليا 10 أنواع من التطعيمات تعطى عن طريق الحقن أو الفم خلال فترة تمتد منذ الولادة الى عمر سنتين ربما يحتاج الامر إلى جرعات منشطة بين الأعمار 4 و 6 سنوات والأعمار 11 و 12 سنة.

كيف تعمل التطعيمات؟

اللقاحات عبارة عن فيروسات أو بكتيريا مضعفة تم شل القدرة المرضية فيها ، وبالتالي يسهل إعطاءها للطفل حتى يتمكن جهازه المناعي من بناء أجسام مضادة لبعض الأمراض مثل ( الحصبة – السعال ألديكي – الدفتيريا – الحصبة الألمانية – النكاف- الجدري الكاذب – شلل الأطفال – الدرن – الالتهاب الكبدي الوبائي ). فالتطعيمات أذن تحمي من الأمراض المعدية التي يمكن أن تسبب أمراض خطرة أو الوفاة. هذه الأجسام المضادة تساعد الجسم على التعرف على الجراثيم وبالتالي منع المرض من الحدوث إذا تعرض الشخص إلى العدوى في المستقبل. تكوين الأجسام المضادة ضد الجراثيم المسببة للأمراض تسمى مناعة.

هل التطعيمات آمنة ؟

في الغالبية العظمى من الحالات لا تسبب التطعيمات آثاراً جانبية شديدة، ولكن بعض التطعيمات ربما تسبب بعض الألم البسيط والورم في مكان الحقن. وبعض الأطفال يصابون بحمى بسيطة ويحتمل أن يشعروا بالنعاس. في الحقيقة، الإصابة بأمراض مرحلة الطفولة الخطيرة أخطر بكثير من تعرض الطفل لعرض جانبي ناتج عن التطعيم.

ثانياً: الرضاعة الطبيعية

لقد عرفنا أن الطفل عند الولادة يستمد مناعته من المناعة الطبيعية التي يحصل عليها من الرضاعة الطبيعية من حليب الأم، وتعتبر هذه هي المرحلة الأولى لمناعة الطفل، ثم تأتي المرحلة الثانية من المناعة وهي المناعة المكتسبة والمتمثلة في التحصين باللقاحات التي تقوم بتعريف الجهاز المناعي لدى الطفل بنوعية الفيروس أو البكتريا ليقوم الجهاز المناعي لدى الطفل ببناء الأجسام المضادة لكل لقاح فيروسي أو بكتيري وبالتالي بناء خط دفاع مناعي للجسم ضد الإصابة المفاجئة ببعض الفيروسات والبكتيريا .

قال تعالى في كتابه الكريم : بسم الله الرحمن الرحيم (( والوالداتُ يرضعنَ أولادهنَّ حولينِ كاملينِ لمنْ أرادَ أن يتمَّ الرضاعة)) البقرة (233) صدق الله العظيم.

بالرغم من أن عملية الإنجاب والإرضاع هي عملية فطرية فسيولوجية، أودعها البارى جل و علا في الإنسان، إلا أنها في الإنسان تكتسب أهمية خاصة، وتحتاج إلى عناية خاصة. فحليب الأم هو أفضل غذاء للطفل الرضيع، وهو الغذاء الطبيعي لكل مولود، وخاصة في الأشهر الأولى من عمره ، ولهذا يجب تشجيع كل الأمهات على الرضاعة الطبيعية لما لها من أهمية وفوائد، من أهمها: أنه حليب جاهز دوماً، وبالحرارة المناسبة (فهو بارد صيفاً دافئ شتاء)، والكمية المناسبة، ولا يحتاج أي وقت لتحضيره، فهو يتدفق بمجرد وضع الطفل فمه على ثدي الأم، وهو حليب طازج ونظيف وسهل الهضم وخالٍ من أية ملوثات جرثومية، وهذا يجعل الأطفال الذين يرضعون من حليب أمهاتهم أقل عرضة للالتهابات المعوية وغيرها، ثم هناك مميزات أخرى لم تكتشف بعد.

مميزات الرضاعة الطبيعية

كذلك فإن مشاكل الحساسية وعدم تحمل حليب البقر التي نشاهدها لدى الأطفال الذين يرضعون من قنينة الرضاعة، لا نشاهدها عند أطفال الرضاعة الطبيعية. ولقد ثبت بأن الكثير من الأعراض الشائعة في الأطفال مثل: الإسهال، والنزف المعوي، والتقيؤ، والمغص، والأكزيما، وغيرها هو أقل انتشاراً في الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية. وكذلك فإن الالتهابات التنفسية والدموية مثل: التهاب الأذن الوسطى، وذات الرئة، وتسمم الدم، والتهاب السحايا (الحمى الشوكية)، وجميع أمراض الحساسية، والأمراض المزمنة هي كذلك أقل انتشاراً لدى الأطفال الذين يرضعون من أمهاتهم ، منها في غيرهم .

أما بالنسبة للفوائد المناعية، فإن حليب الأم يحتوي على أجسام مضادة من نوع (IgA) للبكتريا والفيروسات، وهي تمنع الميكروبات من الالتصاق بجدار الأمعاء و بالتالي تقي الأطفال من أمراض الإسهال، كما أنها تحمي الأطفال من مخاطر اللقاح ضد شلل الأطفال.

إن حليب الأم كذلك غني بعنصر لاكتوفيرين (Lactopherin ) وهو بروتين مرتبط بالحديد، وله مفعول مثبط للبكتريا وبشكل خاص ميكروب أيشريشيا (E. Coli)، وهي البكتيريا المسؤولة عن أغلب التهابات الأطفال. كما أن أنزيم لايباز (Lipase) القادم من حليب الأم، الذي يتنشط بواسطة الأملاح الصفراوية في أمعاء الطفل يصبح قادراً على قتل الطفيليات المعوية، وبالتالي يحمي الطفل من الإسهال المسبب بواسطة الطفيليات مثل الجارديا والأميبا (Amebiasis & Giardiasis) ولقد ثبت وجود مناعة في حليب الأم ضد مرض الدرن الرئوي أيضاً .

يحتوي لبن السرسوب، والذي يفرز بعد الولادة مباشرة على ثلاثة ملايين خلية من الخلايا البيضاء في المللميتر الواحد وهذه هي الخلايا المتخصصة في حماية الجسم من الميكروبات، كما يحتوي على تركيز عالي من الخلايا الالتهامية المناعية وهي من أهم أنواع الخلايا المناعية، ولقد وجد العلماء أن هذه الأجسام المناعية التي يحتويها هذا السائل العجيب تحمي الطفل حتى سن سنتين بإذن الله.

وعليه، فإن لبن الأم هو اللبن المناسب جداً والمثالي للطفل من حيث المكونات الطبيعية والرضاعة الطبيعية تحدث ارتباطا نفسيا بين الأم والطفل. أن لبن الأم يحتوي على مضادات ضد البكتريا والفيروسات ومعظم الأمراض وهذه الأجسام المضادة تنتقل من الأم إلى الطفل مع اللبن وهي تحميه من النزلات المعوية والإسهال وأمراض الجهاز التنفسي كالالتهاب الرئوي وأمراض الحساسية كالربو الشُعبي والإكزيما وغيرها. فالرضاعة الطبيعية غالباً ما تكون كافية بالنسبة للطفل الوحيد. لكن لبن الأم قد يحتوي كمية قليلة من فيتامين «د» و فيتامين «أ» وفيتامين «سي» لذا يستحب إعطاء هذه الفيتامينات ابتداءً من الشهر الرابع.

ثالثاً: النوم الهادئ والمريح للطفل

أكدت الأبحاث الطبية الحديثة أن خلايا الجسم تتجدد أثناء النوم، حيث اتضح أن معدل هرمون النمو الذي يساعد على تكوين البروتين الخاص ببناء الأنسجة يزداد، كما يقل معدل الهرمون الذي يسبب هدم الخلايا وتحللها، كما ثبت علمياً أن النوم العميق له تأثير إيجابي على الصحة العامة .

وتؤكد الأبحاث العلمية كذلك أن التغيير في عدد ساعات النوم يجعل الطفل أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، وعلى الأم أن تعلم أن الطفل حديث الولادة يحتاج إلى قرابة 18 ساعة على الأقل من النوم الهادئ، ويبدأ تدريجياً في تقليل ساعات نومه، ففي السن الأكبر قليلاً يحتاج من 12 إلى 13 ساعة، وفي سن قبل المدرسة يحتاج إلى 10 ساعات فقط.

رابعاً: الاهتمام بتوفر الخضروات والفواكه ضمن طعام الطفل :

يجب على الأم تقديم الكثير من الخضروات والفاكهة في طعام طفلها، لأن هذه الأطعمة تحتوي على نسبة عالية من الفيتامينات والأملاح المعدنية اللازمة لتكوين المناعة الطبيعية، وتقوم الفيتامينات بدور مهم في قيام جهاز المناعة بوظيفته على الوجه الأكمل.

لقد لوحظ أن نقص فيتامين ( أ ) ينتج عنه ضمور في الغدة الزعترية، ويصاحب ذلك قصور في وظائف الخلايا المناعية، كما أن باقي الفيتامينات مثل: ( ج )، (ب2)، (ب21)، وحمض الفوليك، يؤثر نقصها سلبياً على نشاط الجهاز المناعي عندما تنخفض كميتها بالجسم، كما أن نقص الأملاح المعدنية مثل الحديد والنحاس والزنك يقلل من نشاط جهاز المناعة. كما وجد ايضا أن أكثر المواد الغذائية تأثيراً على المناعة هي المواد الدهنية، فمثلاً ارتفاع نسبة الكوليسترول يعمل على إضعاف جهاز المناعة.

خامساً: عدم استخدام الأدوية إلا للضرورة فقط :

ربما تلجأ بعض الأمهات إلى المضادات الحيوية مثلاً عند تعرض طفلها لأي نزلة برد وهذا خطأ كبير، فالمضادات الحيوية لا توصف إلا للأمراض البكتيرية ولكن أغلبية أمراض الأطفال تكون نتيجة فيروسات. كما تعتقد بعض الأمهات بأن المضاد الحيوي لن يضر طفلها إذا لم يفده، والحقيقة أن المضاد الحيوي وباقي الأدوية تضر بالأطفال ضرراً بالغاً لأنها تقلل من كفاءة الجهاز المناعي و تؤدي الى تكوين مقاومة لهذا المضاد أذا كثر أستخدامه.

سادساً: الاهتمام بالنظافة الشخصية والابتعاد عن مصادر العدوى:

وهذا من شأنه منع انتشار الجراثيم المسببة للأمراض، وهذا لا يعني زيادة مناعة الطفل، ولكنها طريقة مثلى لتقليل الضغط على الجهاز المناعي للطفل. ويعتمد ذلك على تعليم وتعويد الطفل على اتباع العادات الصحية السليمة ومراعاة قواعد النظافة والصحة العامة مثل: غسل الأيدي قبل الأكل وبعد قضاء الحاجة وبعد اللعب، وتغطية الفم والأنف عند السعال، والتخلص من إفرازات الفم والأنف في المناديل الورقية، وعدم الاستخدام المشترك للأدوات الشخصية مثل فرشاة الأسنان أو الفوط أو المناديل. كما يجب أن يكون الطعام والشراب نظيفاً، ومكافحة الحشرات الناقلة للأمراض، والابتعاد عن الأماكن المزدحمة والاهتمام بتهوية غرف المنزل، وتجنب الاختلاط بالمرضى، واستشارة الطبيب دورياً أو عند ظهور أي عرض مرضي.

سابعاً: تجنب التدخين السلبي:

ثبت أن دخان السجائر الذي يحوي مواد يمكنها أن تقتل خلايا الجهاز المناعي، ولقد ثبت في الدراسات الحديثة أن مادة النيكوتين لها تأثير مدمر على خلايا الجهاز المناعي، فهو يثبط الجهاز المناعي بحيث يجعله مهيئاً للإصابة بالأمراض المناعية المختلفة، كما أثبتت الدراسات أن الطفل يكون أكثر عرضة من الكبار للآثار الضارة للتدخين السلبي لأن الأطفال ببساطة يتنفسون بمعدلات أكبر. والتدخين يؤثر أيضاً على نمو الذكاء عند الأطفال، فإذا لم تكن لدى الأب المدخن القدرة على الامتناع عن التدخين فعليه على الأقل الامتناع عن التدخين داخل البيت.

ثامناً: اجعلي ممارسة التمارين نشاطاً عائلياً:

تشير الدراسات إلى أن ممارسة التمارين تزيد عدد الخلايا القاتلة الطبيعية عند البالغين. أجعلي من اللياقة عادة دائمة عند أطفالك كوني خير مثال يحتذى به: و تشمل نشاطات العائلة الممتعة مثل ركوب الدراجات، والتنزه على الأقدام و كرة القدم، والسلة، وكرة المضرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى