خطب الشيخ سعد السبر

واعبد ربك حتى يأتيك اليقين – خطب الجمعة

شبكة السبر – خطب الجمعه

كتبه د/  سعد بن عبدالله السبر

6/10/1430

إمام وخطيب جامع الشيخ عبدالله الجارالله رحمه الله


الحمد لله ذي العزة والجبروت تفرد بالدوام والبقاء كل شئ هالك إلا وجهه , أحمده سبحانه على فضله ونعمائه وسابغ عطائه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ألوهيته وفي ربوبيته وفي أسمائه وصفاته جل عن الند وعن الشبيه وعن المثيل وعن النظير ليس كمثله شئ وهو السميع البصير , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الغر الميامين وسلم تسليما كثير إلى يوم الدين أما بعد فأُوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل فهي خير الزاد وأفضل عتاد ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )(1)

أيها الموحدون انقضى رمضان و طوى بساطه ورحل عنكم مودعا فإن ذهب رمضان , فالله حي باقي دائم لا يحول ولا يزول ولا يموت من كان يعبد الله في رمضان فإن رمضان قد انتهى وولى , ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وعبادته ليس لها شهر محدد , ومن عمل صالحا في رمضان فليحمد الله ومن عمل غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه وليعلم أن باب التوبة مفتوح ما لم تُغرغر الروح وتشرقُ الشمس من مغربها , ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (2)  فلنكثر من التوبة والأوبة ولنتذكر الحوبة , ولنستعذ بالله من الشيطان الرجيم ولنُكثر من الاستعاذة والتحصن بالجبار جل جلاله ولنعلم علم اليقين أن الشيطان ضعيف ٌ, فالله تبارك وتعالى سمى الإنسان ضعيفا (3) وقال في آية أخرى (  إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا )(4) والضعيفان إذا اقتتلا ولم يكن لواحد منهما مُعين لم يظفر بصاحبه فأمر الله الإنسان الضعيف أن يستعين بالرب اللطيف من كيد الشيطان الضعيف ليعصمه منه ويُعينُه عليه , ومن كان في معونته الإله العظيم لم يضره كيد الشيطان الرجيم من كان في معونته الملِكُ الوهاب لم يضره كيد الشيطان الكذاب من كان في معونته الملك القهار لم يضره كيد الشيطان الفَرْار من كان في معونته الملك الرحمن لم يضره كيد الشيطان .

فالله الله عباد الله لا تقبلوا وسواس الشيطان المخدوع واستعملوا قلوبكم وصدوركم بالآيات والخشوع وأسيلوا على ما فرطتم غزير الدموع . أعوذ بالله من عواقب الخلاف أعوذ بالله من الجرأة والاستخفاف أعوذ بالله من العصيان وقلة الاعتراف أعوذ بالله من الباطل وشره أعوذ بالله من الشيطان ومكره أعوذ بالله من العصيان وذكره أعوذ بالله من فساد القلب أعوذ بالله من ترادف الذنب على الذنب أعوذ بالله من سخط الملك الرب . حكي عن سهل بن عبد الله التستري رحمة الله عليه قال رأيت إبليس اللعين في المنام فقلت له أي شيء أشدُ عليك فقال استعاذةُ المستعيذِ برب العالمين الذي هو أرحمُ الراحمين (5)

أيها المؤمنون لاتكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا لاتنقضوا البناء فقد شيدت وتعبتم , وليكن لوائُكم ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ) (6)  فكلما قست قلوبكم وعظمت ذنوبكم فتذكروا (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ) (7) سمعها سارق يسرق بالليل فتاب ورجع وأصبح من الصالحين الفالحين ونُقلت أقواله وحُفظت أفعاله , وأصبح قدوةً يُحتذى ومثالا يُقتفى

إخوة العقيدة ليكن شعاركم (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) (8) , قال الحسنُ البصريُ – رحمهُ اللهُ – : إنَّ الله لمْ يجعلْ لعملِ المؤمنِ أَجلاً دونَ الموتِ ثُمَ قرأ (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) (9)  ,فالعبادة ليس لها وقت معدود ولانفس محدود بل هي وظيفة العمر وسبب الخلق ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (10) فلئن انقضى رمضان فباب الطاعة مفتوح , ومتنوع , فصيام ست من شوال والاثنين والخميس وعشر ذي الحجة وعاشوراء في كل العام وقيام الليل في كل الليالي والصلاة والصالحات وبر الوالدين وصلة الأرحام مدة حياتك و في كل وقتك ( وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا)(11)  وقال (أحب الأعمال إلى الله : الصلاة لوقتها ، ثم بر الوالدين ، ثم الجهاد في سبيل الله (متفق عليه , فالمداومة على الطاعة دأب الصالحين وشعار المتقين (أحب الأعِمال إلى الله أدومها وإن قلّ) متفق عليه بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات …

الحمد لله وكفى وأشهد لا إله إلا الله وحده لاشريك له والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد فاتقوا الله أيها المسلمون

إخوة الدين ليكن همكم وشُغلكم ( وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ )(12)  ( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) (13)  فسارعوا للصالحات تفلحوا وتفوزوا فسابقوا لصيام ست من شوال لقول النبي (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر } رواه مسلم وغيره. قال الإمام النووي – رحمه الله -: قال العلماء( وإنما كان كصيام الدهر، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين) ونقل الحافظ ابن رجب عن ابن المبارك: ( قيل: صيامها من شوال يلتحق بصيام رمضان في الفضل، فيكون له أجر صيام الدهر فرضاً).

أيها التائبون صيام هذه الست بعض رمضان دليل على شكر الصائم لربه تعالى على توفيقه لصيام رمضان، وزيادة في الخير، كما أن صيامها دليل على حب الطاعات، ورغبة في المواصلة في طريق الصالحات. قال الحافظ ابن رجب – رحمه الله ( فأما مقابلة نعمة التوفيق لصيام شهر رمضان بارتكاب المعاصي بعده، فهو من فعل من بدل نعمة الله كفراً ) الآ وصلوا وسلموا على نبيكم نبي الرحمة

__________________________________

(1) سورة آل عمران آية 102

(2) سورة النور آية 31

(3)(بستان الواعظين لابن الجوزي )

(4) النساء 76

(5) بستان الواعظين لان الجوزي

(6) سورة الحديد آية 16

(7) سورة الحديد آية 16

(8) سورة الحجر آية 99

(9) سورة الحجر آية 99

(10)سورة الذاريات آية 56

(11)سورة مريم آية 31

(12) سورة آل عمران 133

(13)سورة البقرة آية 148

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى