التبغ منافعه ومفاسده

الحمد لله أحل لنا الطيبات وحرّم علينا الخبائث، أحمده سبحانه وأشكره على واسع فضله وجزيل عطائه و، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له في أُلوهيته وفي ربوبيته وفي أسمائه وصفاته جل عن الند وعن الشبيه وعن المثيل وعن النظير ليس كمثله شئٌ وهو السميع البصير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله رغّبنا في الطيبات وأمرنا بأكلها وحرّم علينا الخبائث ونهانا عنها صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد فأُوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل فهي ستركم وحصنكم ونجاتكم ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) ()
أيها المسلمون : إن شريعتنا أكملها الله وأتمها ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ) () ، وإن شريعتنا لم تترك طيبا وصالحا إلا أمرتنا به ولم تترك خبيثا وسيئا إلا نهتنا عنه وحذرتنا منه ، فلا خبيث حلال ، ولا مضر حلال ، ولا طيب حرام ( ويُحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ) ()، وإن تحريم الخبائث صيانة للنفوس وحفظ لها ؛ لذا حرّمت الشريعة الاعتداء على الضروريات الخمس الدين والنفس والعقل والمال والنسل ، والدولة لها جهود مشكورة في مكافحة التدخين وشربه فوضعت القيود ووجهت ونصحت وعلمت وفتحت العيادات لعلاج المدخنين.
أيها المؤمنون : من الخبائث التي حرّمتها الشريعة شرب التبغ أو الدخان الذي يأخذه البعض ويتعاطاه للتسلية ويعتقد الصغار أنه طريق الرجولة ثم يُوصله للمخدرات والمهلكات يظنون أنه تفريج للهموم ولا يعلمون أنه غمومٌ وكروبٌKفأسبابه متعددةٌ متنوعةٌ كلها مهلكةٌ محرقةٌ يتساهل بها المتعاطي ولا يدري أنها توقعه في المَرادي والمخازي فمن أسباب التدخين وهي كثيرة :
أولاً: ضعف الإيمان والبعد عن حزب الرحمن فالدين هو الطريق إلى بقاء ودوام القيم الإنسانية والقيم الأخلاقية وإن الأخلاق المستمدة من الدين والشريعة الإسلامية تنظم سلوك الإنسان وتُصيره من حزب الرحمن فمن أراد الله به خيرا حبب إليه الإيمان و زينه في قلبه و كره إليه الكفر و الفسوق و العصيان فصار من الراشدين و من أراد به شر خلى بينه و بين نفسه فاتبعه الشيطان فحبب إليه الكفر و الفسوق و العصيان فكان من الغاوين الحذر الحذر من المعاصي فكم سلبت من نعم و كم جلبت من نقم و كم خربت من ديار و كم أخلت ديارا من أهلها فما بقي منهم دَيارُ . كم أخذت من العصاة بالثار ؟ كم محت لهم من آثار) ؟
أيها المتقون : والسبب الثاني من أسباب التدخين : سوء التربية: إن إهمال الأبناء والبنات وعدم تربيتهم التربية الصالحة لها آثارها السيئة على سلوكهم، يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم-: “كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه” ()، كذلك الإفراط في التدليل يؤدي إلى الانحراف وينشأ ناشي الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه.
ثالثاً: رفقة السوء: لقد حذرنا الله عز وجل من الرفيق السيئ فقال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا) ()، فكم من شاب و فتاة أرادا أن يسيرا في طريق الحق ولكن لم يفلتا من الرفقة السيئة التي تجرهما إلى المعصية ؟ وكم من شاب و فتاة أرادا التوبة ؟ ولكن رفقة السوء كانت لهما بالمرصاد .
أيها المسلمون نشرت دراسة مرجعية أجريت عام 1414هـ في منطقة المدينة المنورة لعدد 625 من مراجعي عيادات مكافحة التدخين خلال عام 1413هـ باسم ” العوامل التي تؤثر في الإقبال أو الإقلاع عن التدخين أظهرت نتائجها أن الأصدقاء واللهو كانوا من الأسباب الرئيسية للبدء في ممارسة التدخين، وأن العوامل الشخصية والاجتماعية والنفسية من أهم أسباب
رابعاً: الإعلام: وللإعلام دور مؤثر في إفساد الشباب والفتيات، خاصة القنوات الفضائية التي تحمل في كثير من برامجها الفساد فكم حسنت من قبيح وقبحت من حسن وكم دعت للرذيلة وأبعدت عن الفضيلة ؟ ولكن نظرتنا للقنوات على أنها من الرقي والتقدم وتركناها ترعى أبناءنا وبناتنا فدمرتهم وحقنتهم بالرذيلة .
أيها الموحدون : والسبب الخامس: ومما ساعد على انتشار التدخين المحاكاة والتقليد فتقليد الخلان والأصدقاء والكبار رجولة ما بعدها رجولة ولن يكون كاملا واثقا من نفسه إلا بالتدخين حتى ظن البعض منهم أن التدخين حلال لا حرمة فيه.
سادساً: الهروب من الواقع والضغوط النفسية والأسرية.
سابعا : انهيار الأسرة من أسباب الوقوع في التدخين استنتج أحد الخبراء الأمريكيين من خلال دراسات وأبحاث خاصة قام بها عن انتشار التدخين في العالم أن انهيار الأسرة هو السبب في إقبال الشباب والفتيات على التدخين و يكون في بعض الأحيان يكون الوالدان سبباً في تحطيم أبنائهم وتدمير حياتهم بطريقتهم الخاطئة في التربية والتوجيه. يقول الدكتور: موريس يولسون وهو طبيب نفساني: تعود أسباب تدخين الشباب والفتيات إلى أنهم لا يجدون في بيوتهم التفهم الصحيح لمشاعرهم وحاجاتهم انتهى كلامه .
أيها الأحبة قد يقول قائل التدخين لماذا هو محرم فنقول الدخان محرم لما فيه من أضرار على البدن والمال، يقول سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز – رحمه الله – الدخان محرم لكونه خبيثاً مشتملاً على أضرار كثيرة، والله سبحانه وتعالى إنما أباح لعباده الطيبات من المطاعم والمشارب وغيرها، وحرم عليهم الخبائث قال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) ().
إخوة العقيدة إن طريق العلاج من هذه الآفة سهل ويسير، يحتاج إلى نية صادقة وعزيمة قوية وجد في الطلب، وإخلاص في القصد للتخلص من هذه العادة السيئة.
أولاً: الخوف من الله سبحانه وتعالى:تجديد العودة إلى الخالق بتوبة من القلب صادقة نصوحة، والتوبة هي طريق المغفرة، وهي الأمل في الغفران والتوبة، كما يقول أبو حامد الغزالي في إحياء علوم الدين لها أركان ثلاثة علم وحال وفعل، فالعلم هو معرفة ضرر الذنب المخالف لأمر الله، والحال هو الشعور بالذنب، والفعل هو ترك الذنب وفعل الخير.
ثانياً: الرفقة الصالحة: الحرص على مصاحبة ومجالسة الأخيار؛ الذين إذا رأيتهم ذكرت الله وإذا حدثوك، حدثوك بكل خير.
ثالثاً: احفظ الله يحفظك:احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، ولنتذكر دوماً أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
رابعاً: الدعاء: الإكثار من الدعاء والإلحاح فيه، لعلك توافق ساعة استجابة.
خامساً: كثرة الاستغفار: إن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يتوب إلى ربه ويستغفره في اليوم أكثر من مائة مرة، فكيف بنا.. أخيرا التدخين عادة ، و الإدمان و العادة هي الأصعب في التحطيم و التخلص منها . و السبل المستخدمة في التوقف عن التدخين هي نفسها التي تستخدم في تحطيم أي عادة أخرى
سادسا : العلاج الطبي في عيادة مكافحة التدخين والتعاون معها ودعمها ماديا ومعنويا .
وكتبه / سعد بن عبدالله السبر
إمام وخطيب جامع الشيخ عبدالله الجارالله
——————————————————————————–
() سورة آل عمران ، آية: 102.
()سورة المائدة ، آية: 3.
()سورة الأعراف ، آية: 157.
()أخرجه البخاري 1358 و 1359 و 1385 و 4775 ومسلم 2658 وأحمد 2/ 393، وابن حبان. وورد أيضا من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة باللفظ المذكور آنفا عند مسلم 2658 ح 23 والترمذي 2138 وأحمد 2/ 253 و 481 والطيالسي 2433 وأبو نعيم في «الحلية» 9/ 96 والبغوي في «شرح السنة» 84..
() سورة الفرقان ، آية:27-29.
()سورة المائدة ، آية: 4.