مقالات الشيخ سعد السبر

الشيخ سعد السبر محذراً الشباب من منتديات التكفير والإرهاب:

الشيخ سعد السبر محذراً الشباب من منتديات التكفير والإرهاب: بعض المتعاملين مع شبكة الإنترنت دخل محتسباً للدعوة ثم انتكس!

العدد 2116 | 20 شوال 1428 هـ

حوار- وهيب الوهيبي:

اعتبر الشيخ سعد بن عبدالله السبر إمام وخطيب جامع الشيخ عبدالله الجارالله والمشرف العام على شبكة السبر الإنترنت من المجالات المهمة للاحتساب والدعوة إلى الله إذا كان من يستخدمها من أهل العلم والمعرفة•

وشدّد في حديثه لـ “الدعوة” أن بعض المتعاملين مع هذه التقنية الحديثة ينبغي لهم الحذر مما يروّجه البعض من مواقع تدعو للكفر والإلحاد والكتابة بأسماء مستعارة تدعو للتحرش بين المسلمين وتفرق صفهم وكلمتهم•

– في بداية سبتمبر عام 9691م أمكن امتداد المعلومات بين جهازي حاسب آلي بينهما بضعة أمتار في كاليفورنيا عن طريق الهاتف، ليدشن ذلك ولادة هذه الشبكة نسيج العنكبوت وكانت قد نشأت كفكرة في مختبرات وزارة الدفاع الأمريكية في جزء من برنامج حظر الهجوم الذي يرمي إلى بناء شبكة لا يوجد لها مركز تصلح للاستخدامات العسكرية، وقد قفز عدد الذين ارتبطوا بهذه الشبكة وتطور أمرها تطوراً سريعاً حتى بلغ عددهم 081 مليون مستخدم مرتبطين عن طريق 53 مليون جهاز حاسب آلي في العالم، فيما اعتبره بعض الناس أهم اختراع في القرن العشرين هذه مقدمة الإنترنت في النشأة• ولا شك أن الإنترنت من نعم الله العظيمة علينا في هذا العصر كما أنها بسبب الاستخدام الخاطئ للبعض هي من الشر العظيم الذي ابتلينا به• فالإنترنت أصبحت وسيلة التواصل والتخاطب وتلقي الأخبار ومعرفة العلوم والثقافات وجعلت العالم قرية صغيرة جميع أطرافها مترابطة• فأهمية الإنترنت للمسلمين في عصرنا تكمن في كونها وسيلة للنقل لأي شيء سواء كان خيراً أو شراً، صالحاً أو طالحاً للمسلمين والكافرين تقرب البعيد وتسهل الصعاب تدخل قعر القلوب والبيوت تهدم وتبني تقلل المسافات وتختصر الساعات• لأجل هذه الصفات في الإنترنت تصبح عنصراً مهماً حيوياً للدعوة ونشر العقيدة الصحيحة السليمة ورد الباطل فيه ودحض الشبهات ووأد الشهوات• دعوة الكفار بشتى مللهم ونحلهم لعرض صورة الإسلام الحسنة بإزالة الشبهات التي ألصقت بالإسلام بأنه دين التعقيد دين الظلام ودين الجهل أيضاً وإزالة الشبهة العصرية وهي شبهة الإرهاب والتكفير والتفجير والإجرام•

تستخدمها للدعوة إلى الله الدعاة ومن يستطيع أن يقدم خدمة لهذا الدين من طلبة العلم والمشايخ ومن هم في عزلة عن الفتن• وليس لأولئك الذين يريدون الفرجة والاستطلاع الزائد• إن حضورنا الإسلامي على هذه الشبكة ضئيل جداً جداً، وهذا أمر محزن بالنسبة لكوننا خير أمة أخرجت للناس، إن العالم مليء بالجرائم والاعتداءات، وهو يعيش فراغاً روحياً بلا شك• عالم يعيش بلا ضوابط ولا حنان ولا أخوة• وإذا كان ديننا الدين الإسلامي هو الدين الذي أنزله الله سبحانه على رسوله صلى الله عليه وسلم، وجعله الدين الذي لا يقبل سواه سبحانه قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ } (19) • وقال سبحانه: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ } (85) • فإنه يجب علينا أن نقوم بواجبنا من تبليغ هذا الدين ونشره في جميع أنحاء العالم• واستخدام جميع الوسائل المتاحة لتبليغ هذا الدين ونحن مأمورون بتبليغ هذا الدين ونشره قال تعالى: { لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ } (143) • وهذا أمر لا مفر منه ولا مجال لنا في تركه إذا أردنا أن نعلي هذا الدين وأن ننشره بطريقة صحيحة بين الناس•

ولا بد لذلك من مخططات وتنظيمات ووضع برامج لتحقيق ذلك الهدف المنشود لنا جميعاً ألا وهو نشر الدين الإسلامي بطريقة واضحة• بهدي القرآن الكريم والسنّة النبوية الصحيحة• والواقع يدل على أن الناس متعطشون لمعرفة الحقائق عن الإسلام، بل إن هناك أعداداً كثيرة دخلت في الإسلام عن طريق الإنترنت• هذا أحدهم يرسل رسالة إلى من تحدث معه عن الإسلام يقول فيها: إنني أسلمت وقد أخبرتك لتشاطرني الفرحة• وآخر يقول: أريد أن أسلم وأمارس لعبة كرة السلة هل يتعارض الإسلام مع لعب كرة السلة؟! وثالث يقول: أريد أن أسلم وأخشى من عدم استطاعتي أداء الصلاة في مكتبي في الشركة• ورابع يقول: أنا من كولومبيا و07% من كولومبيا مخدرات، وأنا متورط في المخدرات وأريد أن أسلم، ما موقف الإسلامي مني؟ وغيرها الكثير من الرسائل التي تحتاج إلى ردود بسيطة ليدخل أصحابها في الإسلام•

أيضاً نشر محاسن الإسلام ومكارمه لتوضيح العقيدة السلفية الصافية للناس ودعوة الفساق من المسلمين لتبين الحق من الباطل وأثر المعاصي والذنوب على الأفراد والمجتمعات أيضاً في طرق التوبة ومعه رحمة الله وأنه يتوب على من تاب• تعليم الجهال ومن هم بعيدون عن الإسلام من المسلمين ممن يعيشون في الغرب فهؤلاء يحتاجون لتعليمهم دينهم والإنترنت توصل المعلومة لهم وهم في بيوتهم• وضع مواقع للعلماء لنشر علمهم وفتاواهم وإفتاء الناس بما يحتاجون أضف إلى ذلك الفائدة العادية من الإنترنت البيع والشراء تسديد الفواتير التعامل مع الحسابات الخاصة البنكية عن طريق البنوك ونشر العلوم الدنيوية والوصول لجميع المراجع العلمية والرسائل الجامعية العلمية والتواصل مع دور المعارف جامعات ومعاهد ومراكز والاطلاع على ثقافات الشعوب ومعارفها بشرط ألا تؤدي بالإنسان للخلط وأن يكون على علم ودين لأن الخوض في الإنترنت والدخول فيه مثل السفر وأشد لأن المسافر قد يسافر لبلد أو بلدتين أما الإنترنت فكل بلاد العالم يزورها في لحظات يجوب فيها الشهوات ويتيه في غياهب الشبهات• منتديات الإنترنت فرصة للتواصل مع الآخرين وعرض الدين بالصورة الصحيحة وهي كحال النبي في عرض نفسه على القبائل في بداية الإسلام، بل هو من وسائل الدعوة المتطورة العصرية•

الدعوة للاحتساب

* بعض الشباب يتحمس للدعوة للاحتساب عبر ساحات ومنتديات وغرف الإنترنت فهل تنصحونه بهذا وبماذا توجهونه؟

– الشباب طاقات وعواطف تسيرهم فالطاقات مطلوبة لكن الموجهة والتي تقبل التوجيه أما العواطف فهي التي تقود الشباب في أكثر الحالات للوقوع في الخطأ خصوصاً في الاحتساب، فالشباب عندما يرون ساحات ومنتديات وغرف الإنترنت وما يطرح فيها وما يعمل يغضبون غضبة يحتسبونها لله ويحاولون الإنكار والتوجيه والإصلاح وربما يوفقون في البداية أو يهانون والمصيبة والطامة أنهم مع الاستمرار يقعون في الخطأ والزلل والضياع لأن كثرة الإمساس تفقد الإحساس•

ومجالسة الكفرة والمبتدعة والفساق دون علم ودين مهلكة، ومفسدة أيما مفسدة والذي يدخل للإنترنت للاحتساب أو الدعوة فيعلم أنه أعظم خطراً أو ضرراً من الذي سيسافر لبلد أو بلدين ولذلك وضع علماؤنا شروطاً للمسافر ذكروا منها أن يكون لديه علم يقيه من الشبهات ودين يعفه من الشهوات فكيف بمن يخالط العالم أجمع كفارهم وفساقهم ومفسديهم والمكفرة من ليس لديه علم ولا دين كيف يحتسب ويدعو وخصوصاً العلم بالله سبحانه ويقول: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي } (108) • وخاطب نبيه {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ } (19) • وبوب البخاري رحمة الله على هذه الآية باب العلم قبل القول والعمل فمشكلتنا أن الشباب باحتسابهم بعواطفهم وليس بعلمهم وهذا الذي يقودهم للضلال في العالم الخارجي يدخلون الإنترنت لأجل أن يبحثوا عن الخير فيها لأن الشر والفساد متيسر في بلدانهم• فلن يتكلفوا عنه في الإنترنت أما نحن فالخير متيسر لنا في بلادنا مساجد وجوامع كلها منارات للخير وتبثه للناس جامعاتنا ومعاهدنا ومدارسنا وسبل الخير الكثيرة لدينا• إذاً الخير في الإنترنت لنا محدود إلا من استخدمه للدعوة وللأمور المباحة أما الأكثر فنحن ندخل نبحث عن الفساد والشر فتنة التكفير والإرهاب الإنترنت هي التي أوقدتها المواقع الإباحية وصلت عام 2002م 02 مليون موقع إباحي إحصائية خرجت في نفس العام على الشباب العربي 07% يدخلون المواقع الإباحية فقط دون غيرها و09% يدخلون المواقع الإباحية والمحرمة بأنواعها سواء شرعاً أو عقلاً أو خلقاً فهذي حالنا فلو سألنا أكثر الداخلين لقال بأني دخلت للدعوة والقلة للفضول وهذه القصة تحكي واقع الشباب الأليم شاب وصل 03 من عمره يدخل الإنترنت لأجل الدعوة ويتعرف على المواقع الطيبة التي هي للصلاح والإصلاح ويبدأ يمكث فيها طويلاً ويتعرف على من فيها ومنهم فتاة سعودية في العشرين ويبدأ التواصل معها لإخبارها عن المحاضرات والدروس وشيئاً فشيئاً حتى تحولت الدعوة عشقاً والعشق فجوراً ثم النتيجة تأتينا تريد تخليصها من هذا الرجل خوفاً من أن يتوب وإذا به يقول دخلت للدعوة وخرجت بالفجور•

نصيحتي للشباب العلم ثم العلم ثم العلم الشرعي عند العلماء الربانيين أمثال سماحة المفتي والشيخ ابن جبرين وكل علمائنا الأفاضل البعد كل البعد عن مواقع الريبة والشبه بحجة الاحتساب فربما محتسباً انزلق في حياض رذيلة النت•

مجالات الاحتساب

* ما مجالات الاحتساب التي تراها عبر الإنترنت؟

– مجالات الاحتساب كثيرة لكن بشرط العلم والدين للمحتسب، فالمواقع الكفرية التي تدعو إليها كثيرة سواء كانت مباشرة أو عن طريق اللمز والطعن في الإسلام والدعوة للكفر، والمنتديات الإباحية العربية التي يشرف عليها مسلمون وعرب ومنتديات الغزل والاختلاط بين النساء والرجال وغرف الحوار في البالتوك والماسنجر والياهو وغيرها من المواقع الخاصة كل هذه مجالات الاحتساب يستطيع المحتسب مناصحة أهلها عن طريق وسائل البريد لكن المنتديات يوجد بها بريد لمن يكتب في هذه المنتديات يستطيع مراسلة أهل هذه المنتديات عن طريقها وأما المواقع الحوارية الصوتية عن طريق الرسائل الخاصة أيضاً دعوة العلماء المصلحين لدخول هذه المواقع لتوجيه أهلها، إرشاد من يرتاد هذه المنتديات إلى المواقع الصالحة الطيبة ومواقع العلماء والمشايخ والدعاة مواقع الفوائد والصلاح والإصلاح والثقافة والمعرفة والعمل الدنيوي•

منكرات ومخالفات

* ما المنكرات والمخالفات الواقعة في النت والمتعاملين بها؟

– المنكرات كثيرة جداً لا تحصى ولا تعد أعظمها الذي ليس بعده ذنب الكفر بالله وللأسف يرتاد بعض شبابنا وبناتنا مواقع ومنتديات تدعو للكفر ولمحادة الله ورسوله ومن المنكرات وجود مواقع تغرس في الشباب عقيدة الخوارج الخروج على ولاة الأمر وتربيهم على التكفير والتفجير مجتمعنا كان مغلقاً على الخير ولما انفتح لم يأته إلا الشر لأننا بخير وما عندنا من الخير العالم يطلبه لكن الانفتاح التقني جلب لنا الشر والمصائب من وقوع التكفير والتفجير والإرهاب التي بعد الإنترنت كثرت في مجتمعنا ومواقع فيها مشايخ لوحات المفاتيح يهيجون الشباب ويحرضونهم فأصبحنا نجني الويلات والمصائب• إن هذه الشبكة مع ما فيها من المنافع إلا أن أضرارها أكبر بكثير من منافعها، وسلبياتها كثيرة جداً جداً، وقد انتبه الكفار لهذه الأشياء حتى على مستوى أطفالهم والإدمان، يقضي الطفل الأمريكي من 6-01 ساعات يومياً على الشبكة، بل العجيب أن بعض الآباء والأمهات هناك لهم رقابة على أطفالهم عند دخول الشبكة أكثر من بعض آبائنا وأمهاتنا على أطفالنا، والأعجب من ذلك أن كثيراً منهم بهتوا وذهلوا عندما رأوا شدة الإباحية والجنس على تلك الشبكة هذا وهم كفار، فكيف بنا نحن المسلمين؟! ومن المنكرات والمخالفات ما يحدث في المواقع الخاصة بالحوارات الصوتية التي تحوي تصويراً فتتعرَّى المرأة أمام من يحادثها ويسلب عقلها ويغريها حتى يرديها في الهلاك ولقد حدثني بعض الإخوة عن حال فتاة تعرَّت أمام الشباب في النت بعد إغرائهم لها بالكلام المعسول الذي به نزعت لباس الحياء وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم “إذا لم تستحي فاصنع ما شئت”• أيضاً مواقع الغزل والاختلاط بين الرجال والنساء والمواقع الإباحية التي ليس فيها حياء ولا مراعاة لأدب أو خلق ومواقع الضحك على الناس وأخذ أموالهم بحجة التجارة وأنك ستصبح غنياً ثم النتيجة لا غنى ولا شيء إنما نصب واحتيال• أما المتعاملون فالمنكرات والمخالفات ما مضى ذكره وقتل أوقاتهم فهم يعكفون عليها ليلهم ونهارهم لا يهتمون لوقت ولا لصلاة أو عبادة تضيع أموالهم وأوقاتهم وبعد ذلك يوم القيامة عنها يسألون وعليها يحاسبون•

* هل من سلبيات تطرأ على مستخدمي الإنترنت في المجال الدعوي والاحتسابي؟

– إن عدد مستخدمي الإنترنت يعد مؤشراً مهماً لتطوير شبكة الإنترنت علماً بأن عدد مستخدمي الإنترنت في العالم وصل إلى 556 مليوناً حتى نهاية العام 2002م وإن عدد مستخدمي الإنترنت في الصين يمثِّل الآن 9% من إجمالي مستخدمي الإنترنت في العالم كله و6،4% من إجمالي تعدداد سكان الصين• ومن المتوقع أن يصل عدد مستخدمي الإنترنت في الصين إلى 3،68% مليون عام 3002م بزيادة 64%•

إذا تحدثنا عن (السلبيات) يمكننا القول إن الإنترنت العربية ليست في أحسن أحوالها: وإذا نظرنا (بغير) عين الرضا فسنقول إن كثيراً من المواقع الإلكترونية التي تتحدث “بلساننا العربي” ما هي إلا شاهد خجول على مشهدنا الفكري والإلكتروني الذي لا يسر الناظرين• ومما يزيد الروح ألماً تنافسنا في إشاعة نتائج استخداماتنا السلبية لهذه التقنية لتتراكم (العورات على العورات) أمام العالم وكأننا قررنا تشييد نصب تاريخي لنقائصنا بوضع كل هذه البشاعة صورة عنا ولنا، والتي هي في نهاية الأمر وديعتنا للأجيال القادمة، فليتنا قدّرنا أي ذكرى تركناها لهم• نعم لقد استكثرنا وشجعنا على تشييد ورواج مواقع إنترنت تخصصت بكل أسف في عرض كل بضاعة هي اليوم سمة حضورنا الثقافي والفكري بين وأمام الأمم في هذا المنتدى العالمي• ومن هنا يحق لنا بعد الدهشة أن نطرح الأسئلة ونقول: هل ولماذا غرف الدردشة الشعوبية، ومنتديات ومواقع الجنس العربية هي أكثر مواقعنا زواراً ومشاركين ولماذا؟ وهل مواقع بث الإشاعات والتحريض والتكفير هي صورة ديننا وقيمنا وحضارتنا؟ ولماذا وهل المنتديات الحوارية التي خصصها بعضنا للنيل من أصول الدين، والتشكيك في الثوابت هي تعريف عرب آخر الزمان لمفهوم الحرية الفكرية؟

نعم تصيبك الحيرة حين تتجول – باحثاً ومدققاً – في دهاليز الشبكة العنكبوتية حين تجد عرباً ومسلمين (لا عمل لهم) إلا (التسكع) ليل نهار في ممرات الإنترنت المظلمة يعرضون كل ما يدغدغ الغرائز بكل فنون الصوت والصورة، ويروّجون (الغلو) باسم النصح والإرشاد، أو (التطرف) باسم الحرية والتنوير، لقد حيّر بعض (عرب هذا الزمان) فلاسفة التربية وعلماء الاجتماع والنفس حين انغمسوا باسم الدين أو الدنيا في ممارسات وسلوكيات لا نجد لها تفسيراً منضبطاً•

وبعض هذه السلوكيات ستظل اليوم – وكل يوم – موضوع النقاش والجدل خاصة فيما يتعلق بسلوك الإنسان الذي (يبدو سوياً) في مجتمعه ثم ينقلب في بعض تصرفاته بشكل عكسي حينما يخلو بنفسه وهواه مع جهاز الإنترنت• وسؤال ملح في هذه القضية يتمحور حول ماهية و (كيمياء) الدوافع والمبررات (الأخلاقية!!) التي يستلهمها بعض مستخدمي الإنترنت ممن يخالف قيماً إنسانية عليا في الشرع والعرف• ومن جهة السلوك الجنائي للفرد الذي يوظف هذه التقنية سلبياً يبدو ألا مجال أمام الباحثين اليوم سوى تطوير وتطويع بعض الفرضيات التي حاولت فهم وتفسير السلوك الشخصي (غير السوي) للفرد، وكنه دوافعه حين يغيب (الرقيب الاجتماعي) ليتعمد ممارسة نشاطات يعدها ضميره (الإنساني) شاذة•

وربما يفضّل ألا تقتصر الجهود العلمية على قطاع الشباب (المتهم أبداً)، فما زالت أسئلة كثيرة وكبيرة تتردد عن (سر انجذاب) بعض المستخدمين من (الكبار) نحو مواقع إنترنت لا تعرف إلا الأفكار والقيم التي (تتصادم كلياً) مع أصول ثقافتهم، ومراجعهم الفكرية• والمشكلة الأبرز هنا لعلها تتعلق بمحددات البيئة الاتصالية الإلكترونية للفرد خاصة مع وضوح صعوبة (تفكيك) عناصر علاقات إنسانية هدفها اجتماعي وميدانها إلكتروني وفضاؤها مفتوح تنشأ عبر لوحة المفاتيح والشاشة بين كيانات (لمجهولين) يتبنون ويروّجون أفكارهم عبر الشبكة دون أن ترى العيون العيون•

وربما يجدر بنا إن أردنا فحص بعض جوانب هذه العلاقات المتشابكة، أن نعي أن عمر الإنترنت في العالم العربي لا يكاد يتعدى العقد من الزمان إلا قليلاً، هذا إذا أخذنا في الاعتبار أن بعض الدول العربية التي بكّرت في استقدام واستخدام الإنترنت لم تشترك في الخدمة إلا في نهاية عام 4991م وبشكل محدود، ثم تدرج الاستخدام بشكل متواضع حتى كان عام 9991م حين باتت معظم الدول العربية خلا العراق والصومال وجيبوتي قريبة أو قادرة على توصيل الشبكة العالمية إلى مواطنيها عن طريق مؤسسات تجارية• ويبقى الإشكال الكبير أمام (المخطط العربي) حقيقة أن كل (تحديات الإنترنت) السياسية والثقافية والاجتماعية (ظهرت جلية ومدوّية) على الرغم من تواضع نسب استخدامات العرب للشبكة قياساً بالمستويات العالمية، فمن بين سكان العالم العربي الذين يكادون يصلون إلى 003 مليون إنسان لا يتجاوز عدد مستخدميها العرب 41 مليون شخص في أكثر الإحصائيات التقديرية تفاؤلاً•

* إذاً وفقاً لما تقدم كيف سيكون حال الإنترنت العربية في قادم الأيام؟

– أما أولى السلبيات خصوصاً لمن قلَّ دينه وعلمه وصغر سنه ضياع الوقت ثم مخالطة النساء وكثرة مجالستهن والتعرف عليهن عن قرب حتى يفقد الإحساس لذا ما أكثر من يدخل محتسباً ثم يتغيَّر حاله لأمور أخرى تسيء لدينه ومجتمعه•

وهاك أخي هذه القصة الواقعية التي تؤكد خطورة الاستخدام السيئ للإنترنت والتي ذكرها فضيلة الشيخ محمد بن صالح المنجد وهي عبارة عن رسالة جاءت إلى الشيخ من امرأة تقول فيها: “لقد كنا في سعادة وهناء دون مشاكل، وكان يغمر منزلنا ذكر الله، كان زوجي لا ينام عن صلاة الفجر وكان يصلي كل فرض في وقته ويخصص يوماً في الأسبوع يتفقد أحوال المساكين ويذهب لزيارة أقربائه، ويتفقد أحوال المساجد، ويرى ماذا ينقص المساجد المجاورة وقد بارك الله له في رزقه وكان يساعد الناس في كل مكان ولكن عندما دخل على الإنترنت ابتلي بابتلاء عظيم عندما رأى تلك الصور الخليعة للفاجرات تغيّر حاله جداً وأصبح لا يعرف صلاة الفجر وكأنها محيت من قاموسه، أما الصلوات الباقية فأصبح يصليها في وقت متأخر، ولا يصلي مع الجماعة، حاولت المستحيل أن أنصحه، وبعدة طرق لكن دون جدوى قلت له: تزوج امرأة أخرى لكنه رفض” أنا حائرة ماذا أفعل؟ وقد يئست منه لأنه قال لي: لن أترك التفرج ولن أستطيع الاستغناء عنها؟ وأصبح كل وقته في ذلك الجهاز لكن المشكلة أن هذا العمل غلبه عليه شيطانه وأنا معي الآن منه ثلاثة أولاد وأريد أن يتربوا تربية صالحة ماذا أفعل؟ والمشكلة تطورت وقال: إنه سيشتري تلفزيوناً ودشاً وسيشترك في القنوات؟ أرجوكم ساعدوني•

لعلك وقفت معي في هذه الوقفة على جزء يسير من مخاطر الاستخدام السيئ للإنترنت، وعلاج تلك المخاطر ليس في إقفال مواقع الشر فحسب، لأنه حسب الإحصائيات في كل ثلاث دقائق يظهر موقع جديد على الشبكة• ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية يقفلون كل يوم مائة موقع إباحي جزاهم الله خيراً، فإذن العلاج الحقيقي هو تقوى الله ومراقبته والإيمان الصادق بأنه يعلم السر وأخفى {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} (19) • وأعلم أخي أن لذة الدنيا زائلة ولا تستمر، فلا تدمر نفسك وإخوانك وأهلك باستخدامك السيئ لهذه الشبكة العنكبوتية• وحذّر كل من يستخدمها ذلك الاستخدام السيئ بسوء العاقبة ومغبة النتيجة والفشل بكل أنواعه كما في القصة السابقة• ومن السلبيات عدم الخوف من الدخول في المواقع الإباحية، واعتقاد حل ما حرم الله، أيضاً الاهتمام بالأمور الثانوية وعدم الاستفادة من المواقع النافعة•

ومن السلبيات إدمان الإنترنت

فالحديث عن الإدمان لم يعد في المخدرات فقط، بل إنه ظهر الآن نوع جديد من أنواع الإدمان ألا وهو إدمان الإنترنت وهو حقيقة ليس بخيال في محاضرة لي شاب بعد أن سمع السلبيات والإدمان وعلامته قال لي أنا مدمن لسبع عشرة ساعة يومياً وإليك بعض صفات المدمن• اشتهاء المدمن موضوع إدمانه دائماً والشغف به – الألم الشديد عند مفارقته – الرجفة واضطراب المزاج والضيق والتأفف وحصول الاصطدام بين المدمن وبين من يعايشونه – فقدان الوظيفة وما أكثر من فصل من عمله بسبب السهر والدخول للنت من مكتبه – الوقوع في الميسر والفواحش• وقد ذكرت دكتورة أمريكية في محاضرة عن إدمان الإنترنت أنها قد وصلت إلى نتيجة بعدة أسئلة تطرح على مستخدم الشبكة، فإذا أجاب على أحدها بالإيجاب فهو مدمن إنترنت، ومن تلك الأسئلة: هل هدد ارتباطك بالإنترنت وظيفتك أو علاقتك الأسرية؟ هل ترى في الإنترنت وسيلة للهرب من مشاكل حياتك اليومية؟ هل تكذب بشأن عدد الساعات التي تمضيها مع الإنترنت؟ إلى غير ذلك من الأسئلة•

أعراض الإدمان

أما أعراض الإدمان: الأرق – إجهاد اليدين – آلام الظهر – آلام المعصم من كثرة العكوف على الجهاز•

أسماء مستعارة

* كثرة في ساحات النت وتحت الأسماء المجهولة والمستعارة إثارة الفتن والتحريش بين المسلمين وتفريق صفهم وكلمتهم والدعوة إلى الخروج على ولاة الأمر والإساءة إلى العلماء ما تفسيركم لذلك؟

– التفسير لهذه الظاهرة: الإنترنت يوجد فيه عالم الأشباح والمجاهيل فهذه الشبكة لا يعرف المتكلم من هو؟ ومن أي البلاد؟ وما هو علمه وما هي حاله؟ لذا كل من له أهداف يستطيع يبثها في هذه النت ومن هو على باطل طريقه النت لأن من على الحق يتكلم بشخصيته الحقيقية ولا يخاف، حتى إن هؤلاء الأشباح جعلوا أنفسهم علماء ومفكرين فسوغوا لأنفسهم الإفتاء والتوجيه والقيادة مقابل ذلك شريحة كبيرة ممن يستمع لهم جهَّال ليس لديهم علم ولا عقل فوافق شن طبقه، شيخ يفتي وجاهل يجني النتيجة هجوم على الولاة والعلماء وتكفير للمسلمين ومن المعلوم أن الفتيا دين فكيف تؤخذ من المجاهيل أصحاب الأسماء المستعارة؟ وكما قيل إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذوا دينكم، أورد مسلم في صحيحه عن سعيد بن المسيب لم يكونوا يسألون عن الرجال فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم، هذا في إسناد الحديث فكيف بالفتيا• وفي عصرنا رجال لا تعرف صورهم ولا أسماؤهم ولا أماكنهم فكيف تأخذ منهم ومما هو متقرر أن من لديه خير يظهر ويُظهره للناس لكن هؤلاء الأشباح لم يخدموا الدين ولا المسلمين، إنما هم خدم للغرب يحققون ما يريد ويطبقون خططه فهم جواد امتطى الغرب صهوته، وحقيقتهم الغائبة عن البعض هم عملاء للغرب للغرب يحققون مخططات اليهود أما التعامل معهم فرد كل ما يقولون وتفنيد كل شبههم والبعد عنهم وتحذير الجهال والصغار منهم وفضحهم في كل المنتديات ووسائل الإعلام•

تحصين المستخدمين

* هل من تحصين وقائي لمستخدم الإنترنت من مغبة الوقوع في الفتن؟

– إذا كنت في غنى عن هذه الشبكة فاستغن عنها ولا تسمح لأولادك بالذهاب إلى مقاهي الإنترنت• وإذا كنت من المضطرين إلى استخدامها فإليك هذه الوصايا: لا تسلِّم هذه الشبكة إلى الصغار والمراهقين والمراهقات فهذا خطر بالغ جداً لا يمكن أن يرضى به مسلم• ويجب أن ينحصر استخدام هذه الشبكة فيمن يستفيد منها، وفيما يفيد مثل: الاستفادة الشرعية (دعوة – نشر علم)، وكذلك أصحاب رسائل الماجستير والدكتوراه، الأطباء، ••إلخ• ويجب أن يُمنع من استخدامها كل من يريد: الفرجة، إثبات القدرة على اختراق المواقع، الفضول، حب الاستطلاع••إلخ، استخدام الإنترنت في البحث عن المواقع الإسلامية الصحيحة العقيدة والمنهج، والاستفادة من تلك المواقع• لا يغرك الشيطان بأن يزيّن لك الاشتراك في الإنترنت بحجة الدعوة إلى الله وأنت غير صادق فيما تقول، وإذا أردت أن تعرف لماذا اشتركت في الإنترنت؟ فانظر في المواقع التي تتصل عليها؟ وما الغالب منها؟ وهل هي المواقع الإسلامية أم أنها مواقع أخرى؟ مراقبة الله تعالى واستشعار قوله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ } (108)• فالله معك يا من تستخدم النت محيط بك مطلع عليك يعلم خائنة العين وما تخفي الصدور فمهما اختفيت عن أعين الناس فمن تستطيع الاختفاء عن عين الله فهل تريده يراك وأنت على معصيته وكل شيء محسوب عليك مكتوب فأين المفر؟! زيادة الإيمان والعلم فكلما زاد إيمانك ثبتك الله أمام الشهوات وكلما زاد علمك زاد خوفك وثبتك الله أمام الشبهات التي هي أخطر شيء على العقيدة والرجوع منها صعب غير يسير، فالعلم سلاح عصرنا وقوة مؤمننا وداعيتنا فمن لا سلاح عنده لا يستطيع قتالاً والإيمان به تعرف الله فتخافه وتحذر عقابه لأن من كان بالله أعرف كان منه أخوف• الحذر ثم الحذر من مواقع التكفير والإرهاب وارتيادها ففيها التهييج ومسح العقول ثم السفول بك أيها المتصفح والحذر من المواقع الإباحية فهي الخراب والدمار والشنار وخصوصاً للنساء وصغار السن من الشباب• حدد هدفك من النت ووجهتك فكما أن في النت شراً ففيها خير لكن مصيب الخير والباحث عنه قليل• احذر من رسائل البريد فهي أول خطوات الشيطان التي توصلك للهاوية ثم تضل فتغوى• الوقت هو العمر وأغلى شيء تملكه عمرك فاعلم أنك عنه مسؤول وعليه محاسب {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (2) • لن تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع••• وذكر منها عن عمره••• وعمرك هو حياتك فكيف تهدم حياتك فكن على وقتك حريصاً وبه شحيحاً•

دقات قلب المرء قائلة له

إن الحياة دقائق وثواني

فكل لحظة تذهب منك على النت ستحاسب عليها فما هو جوابك عند السؤال هل تقول دخلت للتسلية والضياع أم للكفر والمجون أو للفضول فلا يكن دخولك يوم القيامة عليك حسرات وويلات ولات ساعة مندم•

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى