مقالات وخطب الدكتور محمد المصري

الخلايا الجذعية للدكتور محمد المصري

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد:

فإن الخلايا الجذعية هي اللبنات الأولى التي يتكون منها الجنين وبالتالي جميع أنواع خلاياه وأنسجته المختلفة وتبلغ أكثر من 220 نوعاً من الخلايا والأنسجة ، وإن كانت تلك الخلايا تتكون في الجنين الباكر الذي يبلغ من العمر من أربعة إلى ستة أيام ، كما يمكن أخذها من الحبل السري للمولود ومن عظام أجسام بالغة أو من الأضراس أو من غيرها وقد أضحى العلاج بهذه الخلايا أملاً كبيراً لمرضى سرطان الدم والغدد اللمفاوية وفقر الدم والأنيميا المنجلية وغيرها من الأمراض المستعصية ، ولما كانت هذه من النوازل المستجدة فالحكم فيها يدور مع مقدماتها ونتائجها وهي مما يختلف فيها الفقهاء ويظهر لي أنها داخلة في عموم قول النبي  :” ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء ” رواه البخاري ورواه مسلم بلفظ ” لكل داء دواء فإذا صاب دواء الداء برأ بإذن الله ” ولكن لابد من ضوابط تضمن عدم التجاوز فيها وهي مأخوذة من عدد من قرارات المجامع الفقهية منها :

1. تجنب إجهاض جنين من أجل استخدام خلايا ذلك الجنين في إنسان آخر بل يقتصر الإجهاض على الإجهاض الطبيعي غير المتعمد والإجهاض للعذر الشرعي ، ولا يلجأ لإجراء العملية الجراحية لاستخراج الجنين إلا إذا تعينت لإنقاذ حياة الأم .

2. يشترط في المتبرع أن يكون كامل الأهلية ( أي بالغاً عاقلاً مختاراً ).

3. أن ينتفي الضرر عنه لأن القاعدة الفقهية أن الضرر لا يزال بضرر مثله ولا بأشد منه ولأن التبرع حينئذ يكون من قبيل الإلقاء بالنفس إلى التهلكة وهو أمر محرم شرعاً لقول الله تعالى{وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا} (30) سورة النساء

4. يجوز نقل الخلايا من ميت إلى حي تتوقف حياته على نقل تلك الخلايا أو تتوقف سلامة وظيفة أساسية فيه على ذلك بشرط أن يأذن الميت أو ورثته بعد موته أو بشرط موافقة ولي أمر المسلمين إن كان المتوفى مجهول الهوية أو لا ورثة له ولا يعد هذا الشرط إن كانت هذه الخلايا مأخوذة من الحبل السري ؛ لأن مصيره الإتلاف .

5. أن يغلب على الظن انتفاع المريض بهذه الخلايا بأن يكون نجاح عملية الزرع محققاً أو غالباً في العادة .

6. أن لا تكون الخلايا من الأعضاء الناقلة للمورثات الجينية لما يترتب على ذلك من اختلاط الأنساب وهو ما يتعارض مع مقاصد الشريعة الإسلامية .

وهذه الضوابط تضمن بإذن الله عدم تجاوز الطبيب لحدود الله وتجعل العلاج بهذه الطريقة مباحاً بفضل الله والله أعلم.

كتبها

المستشار الشرعي

د . محمد جاد بن أحمد صالح المصري

إمام وخطيب جامع أبي هريرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى