(( تنَّعم وتلذذ ))

أريد العيش بسعادة ، أريد أن استشعر كل لحظة من حياتي ، الحياة جميلة لكن هيهات أن تصفوا على الدوام ، إن سعدت يوماً تعست آخر ، وإن ربحت في التجارة حلت خسارة بي يوماً ، وإن راق لي كل شيء لم أستطع امتلاك قلب من أحب ، لذلك أينما سرت نظرت نظرات الآهات والأمنيات ، نظرت لإحصائية الانتحار فوجدتها تعلوا كل يوم عن اليوم السابق ، لكن دهشت عندما وجدت أن حالات الانتحار، تقل بكثير بل قد تندر عند المسلمين ، بل العجب العجاب على نكبات شعوبهم وبئس حياتهم ، وقلة عيشهم ورغدهم والذي قد لا يتجاوز نصف ما أمتلكه ، إلا أنهم يشعرون اللذة في الحياة والسعادة ، في كثير من المواقف التي أتعرض فيها للإحباط ، أجد أنهم في نفس هذا الموقف يقابلونه بأمل كبير وصبر عظيم وبسمة لا تغادر وجوههم ، تساءلت عن هذا الأمر ، فرد علي أحدهم ، هل تصدق أننا قد نستشعر في أشد الأزمات طعم الراحة والسعادة ، قلت مستغرباً كيف ، قال : العجب أنه كلما تعمق الإنسان في دين الإسلام وجد راحة وسعادة قلبية لا يعكر صفوها أي عارض من عوارض الدنيا ، ذلك أنا وعدنا من عند ربنا أنه ما بعد العسر إلا اليسر ، وأن في البلاء منحة وفرج لا يعلمه إلا الله ، ولو على أقل القليل الوعد والمثوبة التي وعدنها عند الله لمن صبر ، وجنات النعيم والدار الآخرة في يوم الحساب وأقل نتيجة بأمل لها المسلم أن لم تسفر هذه النكبة عن فرجة وتيسير وفرح ، فسوف لن يحرم الأجر والرضى من الله ، لذلك تجد المؤمن أن سرق ماله على يقين بأن الله سيخلفه بخير لما ذهب منه وأن لم يكن ذلك ، فإن السارق لن يفلت من عقاب الله ، وأذكر على سبيل المثال ، هذا رجل تعب وعمل إلى أن جمع مبلغ يشتري به تذكرة طائرة ويريد السفر لبلد عله يجد فيها رزقه ، وفي اليوم الذي حدده للسفر يتأخر عن الرحلة وتقلع الطائرة ويحزن لكنه بإيمانه يحمد الله على كل حال ويرجوا من الله أن يكون فيما كتب الخير ، وإذا بتلك الطائرة تسقط ويموت من كان فيها .
وصدق الله القائل في كتابه :
(( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم ، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون )) .