صنم الرأسمالية أحل قومه دار البوار – خطب الجمعة
شبكة السبر – خطب الجمعه
كتبه د/ سعد بن عبدالله السبر
10/10/1430
إمام وخطيب جامع الشيخ عبدالله الجارالله رحمه الله
الحمد لله باعث الخلق بعد الممات وجامع العظام بعد الفتات واسع الكرم بارئ النعم مزيل النقم خلقنا من عدم وأمرنا بأكل الطيبات وترك المحرمات أحمد وأشكره على جزيل نعمائه ووافر عطائه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في أُلُوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الرحمة على الناس ظهورُه السابق إلى الخلق نورُه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين
أما بعد فأُوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل فهي خير لباس يقي من البأس ويُذهب البأس (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا)
أيها المؤمنون عاش الناس في تيه وظلام وضياع وفساد يُشركون بالله ويعبدون الأصنام ويجعلون لله أنداد , ويأكلون الحرام متبعين لأهل الكتاب متفرقين أحزاب (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً، وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ) سورة النساء ,فأرسل الله محمدا
رحمة للعالمين وضياء ا للراغبين وبرهانا للطائعين ,ليُخرج به الناس من الظلمات إلى النور فأحيا به الله الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دآبة موحدة و شرع به أكمل الشرائع وأفضل الأديان وعاش حتى أكمل الله به الدين وأتم به النعمة ورضي لنا الإسلام دينا , فدينه دين رباني كاملٌ لا نقصَ ولا خللَ فيه ولا قصور يعتريه ولا زلل يوافيه فهو رحمةٌ من الله أكمل به حاجات البشر وليفوزوا به في المحشر فلن يأتي أحدٌ بأفضل وأكملَ منه لأنه دينٌ ممن يعلمُ منْ خلق وهو اللطيف الخبير
أيها المسلمون بعد وفاة محمد
توالت الصيحات والعداوات لدين الإسلام فبدأت حروب الردة والمرتدون يريدون محاربة الإسلام وأهله ولكن الله متم نوره ولو كره المشركون , وكلما جاء عصرٌ خرج فيه أذنابٌ وأبواقٌُ يريدون حرب الإسلام وإظهار قصوره ونقصه وأنه دين التعقيد وكبت الحريات ودين الرجعية والتخلف حتى صوروا الشرك والكفر حقا والتوحيد والإيمان باطلا , فيتبعهم طغام وجهال يخافون أن تصيبهم دائرة ولكن الله يأتي بالفتح دائما فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين
أيها المؤمنون ممن جاء به محمد
في دينه الرباني النظام الإسلامي المالي الكامل الشامل المتكامل فبّين به الحلال ورّغب فيه و أظهر الحرام وحذّر منه فأرشد إلى أكل الحلال ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) وحذّر من الربا الذي هو عارٌ وشنار (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لا تَأْكُلُواْ الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) , وقال
في حجة الوداع مبينا الربا وواضعا له نظاما دقيقا في الحرمة لا الحل وأنه حربٌ لله ولرسوله ,فعن سلمان بن عمرو عن أبيه قال: سمعت رسول الله
في حجة الوداع يقول: ”ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع، لكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون، رواه أبوداود ، وبين أن الربا دمارٌ للأفراد والشعوب ، وإشعالٌ لفتيل الحروب ومبيدٌ القلوب وجالبٌ للذنوب , عن جابر رضي الله عنه قال: ”لعن رسول الله
: آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه“، وقال: ”هم سواء“ رواه مسلم وعن عبد الله عن النبي
قال: ”الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه، وإنَّ أربى الربا عرض الرجل المسلم“ أخرجه ابن ماجه وصححه الألباني ,وجاءت صيحات ونُظم بشرية غربيةٌ كافرة ملحدة بالله رادةٌ لدين الله فأعلنت نظامها الهالك البائد الشيوعي الذي زعموا وبئس ما زعموا أنهم يريدون به إسعاد البشرية , فضلوا وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل ,حتى سقطت شيوعيتهمٌ وتحققت فيهم سنة الله التي لن نجد لها تبديلا ولا تحويلا , وحاولوا وضع صناما بديلا لها فجاؤا بنظام ماليٍ رأسمالي يُحارب الله ورسوله ويُهلك الحرث والنسل , ويقتل الشعوب , ويكثر الفقراء , ويجعل الأغنياء أذلاء وفرضوه على البشرية وأجبروهم عليه وأجلبوا بخيلهم ورجلهم ليُحادوا الله ورسوله ويُعلنونها معاملات ربوية لا إسلامية ,وأكرهوا المسلمين وضيقوا عليهم في بلدانهم ظنا منهم أن المسلمين لا ربا لهم ولاناصر ونسوا أن الله هو القادر الناصر الواحد القهار ,فسار في ركبهم طائفةٌ من الجهال وأحبوا الربا وألِفوه وأعلنوه وباشروه حتى وصلت بنا الغفلة وطغت على قلوبنا فلانعرف معروفا ولاننكر منكرا فأعلنا الحرب أمام الله لقد استجلبنا غضب الرب سبحانه 🙁فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ)
فمسكين كثير من الناس يأكل الربا عالماً بحرمته ، عارفاً بعقوبته ، متذرعاً برحمة الله ومغفرته ، ونسي المسكين أن الله جل جلاله يقول: ” ۗ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ ۖ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ “
لتعلموا بأن آكل الربا لا يستجاب لدعائه إذا دعا ، ولا تفتح له أبواب السماء ، فقد ذكر النبي
الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ، يمد يديه إلى السماء ، يارب ، يارب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب لذلك “فهو شؤم لصاحبه ومزلق إلى الهاوية ,ولقد صمتنا حين توالت هذه السخافات وتهافتت كتهافت الأكلة على قصعتها هاقد ضرب الذل بمرزبة من حديد على هامة الأرض ليكون المال هو الأزمة العالمية والتي كنا نحن اليد الأولى في جلب هذه الرزية حين استسلمنا لأنفسنا وأرخينا الحبل على الغارب
نحن الذين غرسنا في أضلاعنا سيوفنا وعبثنا في روابينا
رماحنا لم تنل إلا أحبتـنا ونارنا لم تنل إلا أهالينا
وأخذنا نخدع بدراهم فنبيع الدين ونملك الدنيا فيا للصفقة الخاسرة إغداق في النعم وتيسير في الدنيا وترف وبذخ ومع كل هذا تغافلنا عن قوله تعالى(سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ )
والآن الآن تحقق قول المصطفى
حيث قال:((ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ من المال، أمن الحلال أم الحرام)) رواه البخاري عن أبي هريرة . لقد أخذ الربا ينهش من عزتنا ويهوي بنا إلى القاع السحيقة والأمم تنظر إلينا ونحن صرنا معهم فيا للعجب أهكذا صنيع الذنوب بدأنا نتتبع الرخص في دروب البنوك بحثا عمن يطلق صفارة الحلال لننطلق كالرعاع ونأكل من جسد أمتنا وما كان حجتنا سوى أن تلك مختلطة وتيك خالصة وتغافلنا عن حديث النعمان بن بشير عنه
أنه قال( إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتهبات فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام ) الحديث متفق عليه .
أما آن للنفوس أن ترتدع وللقلوب أن تنزجر وللعقول أن تنفض غبار الهزيمة وتلتفت إلى ربها وتترك هذه السخافات التي تتهافت علينا ها قد وقعت المطرقة على هامة الأرض فأقبلت أزمة عالمية هزت أركانها وأربكت أطنابها فهانحن نعتصر غصة نحن كان سببها حين جعلنا الحبل على الغارب فسقنا أنفسنا إلى مهاوي الردى ومسارب الذل فهلا تعلمنا الدرس ورجعنا القهقرى وأخذنا نقلب المحن والفتن التي تسربت إلى عقولنا فأزف لها أن تخرج إلى صحراء التيه
أيها الأحبة صنم الرأسمالية الأمريكي يتهاوى ويترنح ويقع على الأرض لأنه نظام ربوي أساسه حرب الله ورسوله ومن يُحارب اللهَ ورسولًه فهو في خُسرانٍ مبين وقوام هذا النظام محاربةٌ الإسلام وبيان أنه دين التخلف والرجعية , وقواده قوما بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار , فهم لم يتعضوا بغيره فهل يتعضون الآن بأنفسهم فقد أراهم الله آياته في الأفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم الحق فهل يرجعُ دعاة المختلط من الربا وأكلته عن حرب الله ورسوله وهل يرجع المرابون وآكلوه عن أكله ويتعظون بما حل بصنم الرأسمالية ؟ أم يدافعون عنه وينافحون ويظنون أنهم لحرب الله ورسوله مطيقون ؟ وعلى ناره صابرون ومتحملون ؟ أم يريدون أن يبدلوا نعمة الله ويُحلوا قومنا دار البوار أم سيرجعون إلى الرأسماليين ليوسعوا عليهم الأرزاق وينسوا الرزاق الذي ( وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ) فأهل الربا نكصوا على أعقابهم يخافون الإفلاس والفقر ولم يرجعوا لربهم ويتوبون إليه ( أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
إخوة العقيدة بيّن علماؤنا ومصلحون حرمة الربا وحذروا منه وحرمة المختلط من الربا وحذّرنا على هذا المنبر ونبهنا من المختلط من الربا في وقت اكتتاب ينساب , فغضب بعضنا واستنكروا كيف نُحرم حلال وجعلوا الربا حلال فأكلوا واكتتبوا وساهموا وقالوا اجعل بينك وبين النار شيخا فحل بهم قبل سنتين الدمار والخراب والفقر فصاروا مساكين بعد أن كانوا أغنياء , و قبل أربعة أيام في يوم الأثنين السادس من شوال في خلال عشر دقائق فقط يخسرون في سوقهم مائة وخمسين مليار فكيف ستكون أحوالهم؟ وأوضاعُهم ؟ فلا إله إلا الله القوي الجبار المنتقم أخذه أليم شديد أنذرنا فما اتعظنا وحذرنا فما ازدجرنا فمتى نتعظ ومتى نتوب ونرجع ؟؟؟ إلى علام الغيوب , ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمةٌ إن أخذه أليمٌ شديد) فهل يظنُ أكلة الربا أنهم رابحون وناجون ؟ وهل يظن المساهمون في المختلط أنهم جاهلون ؟ فليعلموا إن لم يتوبوا إنهم إلى ربهم راجعون وبين يديه موقوفون ومسئولون عن أكلهم المختلط من الربا فما هم قائلون وبماذا يُجيبون بل سيُحال بينهم وبين ما يشتهون كما فُعل بأشياعهم الآ فليرجعوا ويتراجعوا ( فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )


