تفاصيل خطبتي الحرمين الشريفين

واس-أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ أسامة خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه وترك الأمور التي لا تعني المسلم من الأقوال والأفعال .
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد الحرام : إن حرص المسلم على سلامة دينه وحسن إسلامه وصحة إيمانه دليل ظاهر وبرهان على رجاحة عقله واستقامة نهجه وكمال توفيقه فدين المسلم هو دليله وقائده إلى كل سعادة في حياته الدنيا وإلى الفوز ورفعه في الآخرة .
وأضاف قائلا : إن المسلم يتحلى بأدب جامع وخصلة شريفة وخلق كريم يحسن به إسلام المرء ويبلغ به الغاية من رضوان الله ومن ذلك ما جاء في الحديث لقوله صلى الله عليه وسلم: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".
وبين فضيلته أن الإسلام يقتضي فعل الواجبات وترك المحرمات مشيرا إلى أنه إذا حسن إسلام المرء استلزم ترك مالا يعني من المحرمات والشبهات والمكروهات وفضول المباحات وهي القدرة الزائدة عن الحاجة لافتا النظر إلى أنه على عكس ذلك من أضاع نفائس الأوقات باشتغاله فيما لا يعنيه فينصرف عما ينفعه ويرتفع بمقامه ويبلغ به صحيح الغايات وشريف المقاصد وكريم المنازل .
وأوضح فضيلته أنه من الأمور التي يشتغل بها المرء فيما لا يعنيه تعلم ما لا يهم من العلوم وترك الأهم منها مما فيها صلاح قلبه وتزكية نفسه ونفع إخزانه ورفع شأن وطنه ورقي أمته وكذلك عدم حفظ اللسان وتتبع ما لا يهم ولا ينفع مثل تتبع أحبار الناس وأحوالهم وأموالهم ومقدار إنفاقهم وادخارهم وإحصاء ذلك عليهم بغير غرض شرعي .
وأفاد إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ أسامة خياط أن من بين الأمور التي يجب على المرء تركه ما لا يعنيه تكلم المرء فيما لا يحسنه ولا يتقنه مما لا يعرف له اختصاص فيه ولا سابق إلمام وخبرة به وما ذلك إلا لطلب التسلي وإضاعة الوقت وتصدر المجلس وصرف الأنظار إليه وقد يخرج به إلى ذلك في الخوض فيما لا يجوز الخوض فيه من أحاديث الفواحش والشهوات ووصف العورات وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات وبث الشائعات والأكاذيب والجرأة على الباطل في تصويره بصورة الحق .
وحث فضيلته المسلمين على ترك ما لا يعنيهم والانشغال بما هو مفيد ونافع مبينا أن المسلم مسئول عن عمره فيما أفناه وما ينطق به الإنسان بلسانه من قول إلا وهو مسطر في صحائفه مجزئ به يوم الحساب محذرا من التصدر وصرف الأنظار لأن ذلك صفة ذميمة وخصلة مرذولة لا يستفيد من بلي بها إلا المقت من الله ومن اللذين آمنوا .
وفي المدينة المنورة قال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ علي الحذيفي: عباد الله اشكروا نعم الله عليكم واذكروه بهذه النعم الظاهرة والباطنة التي لا يقدر أحد أن يسوقها إليكم غيره كما لا يقدر أحد أن يدفع عنكم العقوبات والنقم غير الله ، قال الله تعالى (( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ )) .
وأوضح أن أعظم ما أنعم الله به على المسلمين الفرائض التي تطهرهم وتزكيهم وتربيهم وترفع درجاتهم وتضاعف حسناتهم وتقربهم إلى مولاهم في جنة الخلد في النعيم المقيم ، كما أنعم عليهم بتحريم المحرمات والمعاصي التي تدنس النفوس وتذل صاحبها وتخزيه في الدنيا والآخرة وتورده المهالك وتنزل به العقوبات العاجلة والآجلة وتوبقه في جهنم في عذاب مقيم فالرب تبارك وتقدس لا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين ، قال الله تعالى (( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)).
وأشار فضيلته إلى أن المسلم نال بشهر رمضان المبارك الخيرات والبركات ورفع الله به درجات وزكى به النفوس وأعظم به الأجور داعيا إلى اتباع الاستقامة فيه بالاستقامة فيما بقي من الأجل والمسارعة دائما إلى صالح العمل لأنه بالاستقامة ينال المسلم كل مرغوب والنجاة من كل شر مرهوب ، قال الله تعالى ((إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ* نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ )). وعن سفيان ابن عبدالله رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله قلي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحد غيركم قال: "قل: آمنت بالله ثم استقم".
وقال : فيا من ذقت حلاوة الإيمان ويا من صفت لك الأوقات في رمضان ويا من تلذذت بمناجاة الرحمن وتلاوة القرآن ويا من أنفقت في أبواب الإحسان لا تتبدل العصيان بطاعة الملك الديان ولا تتبدل الغفلة والاغترار بالدنيا بحياة الجنان وإياك وخطوات الشيطان فقد كان في رمضان مأسوراً ويريد أن يجعل الأعمال بعد انطلاقه هباء منثوراً فرده خائباً مدحوراً بلزوم تقوى الله تبارك وتعالى وكن متمسكاً بالقرآن لتنجو من دار الهوان ويرفعك الله بالتمسك به وبالسنة إلى ما أعد لأهل الإحسان .
وبين الشيح الحذيفي جمال فعل الحسنات بعد الحسنات وقبح فعل السيئات بعد الطاعات فالحسنة بعد الحسنة زيادة في الثواب ورضوان من العزيز الوهاب ، قال الله تعالى (( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ )). والحسنات بعد السيئات تكفير للسيئات وعظيم ثواب للأعمال الصالحات ، قال الله عز وجل (( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ )) ، وعن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اتقِ الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن". والسيئات بعد الحسنات إما أن تبطلها فيحرم العامل الثواب وإما أن تنقص ثوابها ولا بد ، قال الله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ )).
وأضاف فضيلته يقول: لقد ذكر أن السلف كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ويدعون الله ستة أشهر أن يتقبل منهم رمضان ، وقيل لبشر الحافي رحمه الله إن قوماً يجتهدون في رمضان فإذا ولى تركوا فقال: ( بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان ). ورب الشهور هو الواحد الأحد الذي يتقرب إليه العباد بما يحب في كل وقت. يا بن آدم إن الدنيا ليس بدار خلود فما اقصر موتها وما أسرع انقضاء أيامها والرب تبارك اسمه يقول (( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ )). ومقدار هذا الزمن هو مدة بقائهم في قبورهم إلى خروجهم منها بدليل قول الله تعالى (( قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ * قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ )).
وتابع يقول وأما مدة حياة الإنسان قبل الموت فهو يصرفها ويعلم جيداً قدرها القصير إذا نزل به الموت وكأنها لحظة قضاها فإذا كان زمن البرزخ وهو دهور متطاولة وأحقاب متعاقبة ممتدة الآماد لا يحيط بها إلا الله لعظم مدتها إذا كان لبعث الناس في قبورهم كأنه ساعة إلا تجعلوا بقية عمرك في طاعة الله وتقدم لحياتك الأبدية ، قال الله تعالى (( فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ )) . ولكم أعظم الاعتبار فيما مضى من الأعمار هل أغنى متاع الأمس عن اليوم وهل يغني متاع اليوم عن الغد وهل نفع من كان قبلكم ما أوتوا من زهرة الدنيا وما أكلوا من خضرتها وما لبسوا من فروقها وما تمتعوا به من لذتها ، اضمحلت اللذات وبقيت الحسنات والسيئات.
وحذر إمام وخطيب المسجد النبوي المسلم من كل قاطع يقطع عن الرب الرحيم وعن جنات النعيم ويوجب له العذاب الأليم فالنفس الأمارة بالسوء والهوى والبدع والشهوات المحرمة والشبهات المضلة والمال الحرام والدنيا التي تصد عن الآخرة والتهاون بالفرائض كل ذلك من قطاع الطرق عن الجنة ، وفي الحديث: "من صام رمضان ثم أتبعه ست من شوال فكأنما صام الدهر" ، قال الله تعالى (( يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ * فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا )).


