التعداد السكاني& للشيخ سعد السبر

التعداد السكاني
الحمد لله خلق فسوى ، وقدر فهدى ، وأمات وأحيا ، وأضحك وأبكى ، وأسعد وأشقى ، وخلق الذكر والأنثى من نطفة إذا تمني ، أحمده سبحانه وأشِكره على جزيل فضله وسابغ عطائه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك ، هو الأول والآخر ، والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الأمين وأفضل خلقه أجمعين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الغر الميامين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد : فأُوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فهي أمان من الفتن وأمن يوم تطاير الصحف (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون ) .
أيها الناس : إن لولاة الأمور حق السمع والطاعة على رعاياهم قال الله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأُولي الأمر منكم ) .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله : ( اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ) .
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : « عَلَيْكَ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِى عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ » .
قال الأخفش : معلقا على قوله تعالى : (وتعاونوا على البر والتقوى ) ، هو أمر لجميع الخلق بالتعاون على البر والتقوى ، أي ليعن بعضكم بعضا، وتحاثوا على ما أمر الله تعالى وأعملوا به ، وانتهوا عما نهى الله عنه وامتنعوا منه .
قال أنس رضي الله عنه : وتعاونوا على البر والتقوى قال : البر ما أمرت به والتقوى ما نهيت عنه . قال ابن كثير-رحمه الله- : يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات وهو البر ، وترك المنكرات وهو التقوى وينهاهم عن التناصر على الباطل والتعاون على المآثم والمحارم ، قال ابن جرير : الإثم ترك ما أمر الله بفعله والعدوان مجاوزة ما حد الله في دينكم ومجاوزة ما فرض الله عليكم في أنفسكم وفي غيركم .
عباد الله : السمع والطاعة لولاة الأمر عقيدة سار عليها سلفنا في حياتهم سمعاً وطاعةً لمن ولاه الله أمرهم في المعروف ؛ لمصلحتهم ، ولأمنهم وقيام أمر دنياهم وآخرتهم .
أيها المؤمنون : إن ولي أمرنا أمر بالتعداد السكاني الذي أُعدة العدة ؛ لتنفيذه وإنجازه ، وطاعة ولي الأمر في ذلك واجبة ، فلنتعاون لتحقيق هذا الأمر لما فيه من نفع للمسلمين وسد لحاجاتهم وفاقتهم وخلتهم ، وتلمس لمواطن الاحتياج لسدها، وتلمس لمواضع الخلل وإصلاحها
أيها القانتون : يظن عدد كبير من الناس ؛ بأن دور التعداد السكاني : هو بإحصاء عدد السكان و معرفة عددهم بالكامل و هذا الأمر صحيح ، و لكن دور التعداد السكاني و أهميته أكثر من ذلك ، فعن أنس رضي الله عنه قال : ( دعا النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار ليكتب لهم بالبحرين فقالوا لا والله حتى تكتب لإخواننا من قريش بمثلها) فالنبي كان يتلمس مواطن الحاجة ؛ ليسدها ، وموضع الخلل ويصلحه ، وهذا لن يكون إلا بمعرفة السكان وأعدادهم .
إخوة الدين : في الدول المتقدمة يعتبر التعداد السكاني أمر مهم و حساس و تستفيد منه جهات عديدة في البلاد للتنمية والتطوير والمياه والبنية التحتية ، فيجب علينا أن نعرف أموراً تتعلق بالتعداد السكاني ؛ لكي تتضح الصورة للجميع ، توقعات للمستقبل عن طريق معرفة الحاضر ، أموال وجهود تُبذل ؛ ليست للضياع ، ن أو العقاب والحساب ، إنما للإستعداد ، ففي مجال العمل و البطالة يفيد التعداد السكاني بمعرفة عدد العاملين و كذلك العاطلين عن العمل ، و معرفة الأماكن الأكثر انتشار للبطالة بين صفوف السكان ، فإذا عرفنا بأن عدد العاطلين أوجد الولاة لهم وظائف تُعينهم على دينهم ودنياهم ، وفي المجال الصحي إذا قمنا بعمل تعداد علمي ، فأننا يجب أن نطالب بوثيقة التعداد شرح مفصل لوضع المواطن من الناحية الصحية ؛ حيث إذا قمنا بمعرفة أعداد المصابين بمرض السكر على سبيل المثال فإننا نستطيع أن نطلب من وزارة الصحة كميات الأدوية اللازمة لهذا المرض ، ولا نكلف وزارة الصحة أموال طائلة لشراء أدوية ليس للمواطن حاجة بها، وفي المجال الأسري معرفة عدد الأسرة والتغير في عددهم ؛ يساعد على تلمس احتياجهم ، والاستفادة من عقولهم ، معرفة الوافدين ، وأعدادهم للاستفادة منهم ، وقس سائر الأمور الأخرى في الحياة التي يحتاج الولاة ؛ لدراستها لإعداد العدة لها وفق الله الجهود وسدد الخطى ، وأنار الطريق ؛ إنه المسؤول والمأمل والمرجو ، وهو أهل البر والتقوى .
وكتبه
سعد بن عبدالله السبر
إمام وخطيب جامع الشيخ عبدالله السبر
www.alsaber.net
salsaber@hotmail.com
0504250193
خطبة الجمعة 16/5/1431
سورة آل عمرن،آية:102.
سورة النساء آية:59.
أخرجه البخاري في كتاب كتاب الأحكام باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية رقم الحديث 7142 (18 / 52).
صحيح مسلم –في كتاب الأمارة باب وُجُوبِ طَاعَةِ الأُمَرَاءِ فِى غَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَتَحْرِيمِهَا فِى الْمَعْصِيَةِ4860رقم الحديث (6 / 14)
سورة المائدة، آية:2.
تفسير القرطبي (6 / 46).
الدر المنثور (3 / 11).
تفسير ابن كثير / دار الفكر – (2 / 10)
أخرجه البخاري في كتاب الجزية باب ما أقطع النبي صلى الله عليه وسلم من البحرين وما وعد من مال البحرين والجزية ولمن يقسم الفيء والجزية 3163 (8 / 191).


