الايادي الخبيثة تذيبها طيبة
الحمد لله أتم علينا نعمه، وأتم شهر الصيام والقيام ، وفضح أعداء التوحيد والوطن.
أحمده سبحانه وأشكره على نعمه العِظام، والآءه الجِسام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبدُهُ ورسُولُهُ خيرُ الورى وأفضلُ الأنامِ، وعلى آله وصحبه الكِرامِ، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد فأُوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله حق واخشوه، فأيام أعمارِكم تنقضي، وكلُ يومٍ يُقرِبُكُم من القبرِ. قال الله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (1)
أيها المؤمنون: إن الله سبحانه وتعالى أمَّنَّ بلادَ الحرمين بفضله سبحانه وتعالى، ثم بدعوة إبراهيم علي السلام، قال الله عز وجل (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ….) (2) و قال الله تعالى (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) (3) ، فاستجاب الله سبحانه دعوته فصار بلداً آمنا، لذا قال الله تعالى (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) (4)، وإن النبي ﷺ حرّم المدينة ، فعَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لِأَهْلِهَا، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَإِنِّي دَعَوْتُ فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا بِمِثْلَيْ مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ لِأَهْلِ مَكَّةَ» متفق عليه (5) ، فإذا تقرر ذلك، فما قام به الدواعش الخوارج كلاب أهل النار عبيد الفرس المجوس الإيرانيين و اليهود و النصارى من تفجيرٍ، في جدة و المدينة المنورة والقطيف في شهر رمضان المبارك ، و ترويعٍ للآمنين، و محاولةٍ لقتلِ الأنفسِ المعصومةِ بغيرِ حقٍ، ما هو إلا تنفيذاً لمخططات أعداء ديننا، و بلادنا، وَ ولاتنا، و يزعمون أنهم مسلمون وهم يُخالفون الدين بتنفيذهم لمخططات الأعداء، و يُحاربون التوحيد والموحدين وبلاد الحرمين، فأي دينٍ يحملون ويعتقدون؟ وكما قال النبي ﷺ (يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ) متفق عليه (6)، بل ويقتلون والديَهم وأقارَبهم، ويتقربون لشياطِينهم بالقتلِ ، وكلُ محاولاتهم باءت بالفشل؛ لأنّهم يُحاربون دولةً موحدةً، وحكومةً موحدةً منذ أسسها الملك عبدالعزيز رحمه الله، ومن بعده أبناؤه البررة رحم الله الأموات، وحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي أولى الحرمين عناية فائقة، فهو يعمل على تهيئة الأجواء الإيمانية في الحرمين، وفي كل السعودية؛ ليصوموا، ويقوموا، ويتعبدوا في أمن وأمان، ويبذلون الغالي والرخيص؛ لخدمة المواطنين والزوار والمسلمين، فهم موحدون، ويخدمون التوحيد وأهله، ولن يُؤثر فيهم ما يقوم به أعداء الدين من محاولة للمساس بأمن بلاد التوحيد، ومعلوم جهود سمو ولي العهد وزير الداخلية ضد الإرهاب والإرهابيين التي بذلها حفظه الله لقمع هؤلاء الإرهابيين نصره الله، ونصر حكومتنا عليهم، فقد أغاظهم نجاح بلادنا وولاتنا، فيحاولون المساس وهيهات لهم، فنحن كلنا صفٌ واحدٌ مع حكومتنا وولاتنا، ضد كل مفسدٍ، وإرهابيٍ ومفجرٍ وداعشيٍ وقاعديٍ، ومن أيِ طائفةٍ، يريد إفساد بلادنا، كائنًا من كان.
أيها المتقون: إن عمل ووجود هؤلاء الدواعشِ المجرمين إلى زوالٍ؛ فجريمتهم هذه التي نفذوها في طيبةَ الطيبة إِيذانٌ بزوالهم؛ لأنهم وصلوا المدينة التي جاء عَنْ عَائِشَةَ هِيَ بِنْتُ سَعْدٍ، قَالَتْ: سَمِعْتُ سَعْدًا ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ ، يَقُولُ: «لاَ يَكِيدُ أَهْلَ المَدِينَةِ أَحَدٌ، إِلَّا انْمَاعَ كَمَا يَنْمَاعُ المِلْحُ فِي المَاءِ» متفق عليه (7)، و في لفظ مسلم قال ﷺ «وَلَا يُرِيدُ أَحَدٌ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِسُوءٍ إِلَّا أَذَابَهُ اللهُ فِي النَّارِ ذَوْبَ الرَّصَاصِ، أَوْ ذَوْبَ الْمِلْحِ فِي الْمَاءِ» رواه مسلم (8) ، و عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى ﷺ ، قَالَ: (المَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا، لاَ يُقْطَعُ شَجَرُهَا، وَلاَ يُحْدَثُ فِيهَا حَدَثٌ، مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) متفق عليه (9)، وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺأَنَّهُ قَالَ: «اللَّهُمَّ مَنْ ظَلَمَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ وَأَخَافَهُمْ فَأَخِفْهُ، وَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ» لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، إِلَّا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، تَفَرَّدَ بِهِ: اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ” رواه الطبراني وصححه الألباني (10)
إخوة الدين والعقيدة: هؤلاءِ الفجارُ الخوارجُ الدواعشُ الإرهابيون إلى زوالٍ بقوة الله، والواجبُ علينا كشفُ كلِ متعاطفٍ، وكلِ متعاونٍ، وكلِ متخاذلٍ، وكلِ داعمٍ، وكلِ مخططٍ، و يجبُ أن نكون خطَ الدفاعِ الأولِ ضدَ كلِ الإرهابيين، والمفسدين، والدواعشِ، والخوارجِ، والفرسِ المجوسِ، وتنظيمِ القاعدة، وجبهة النصرةِ؛ لحفظ بِلادِنا وتوحيِدِنا، فالأعداءُ يُخططون ويمكرون واللهُ خيرُ الماكرين حفظَ اللهُ بلادَنا وولاتِنا وعلماءَنا وشبابَنا، وتوحيدَنا إِنَّه خيرُ الحافظين، وعلينا أن نبلغ في مَنْ ارتبنا في أمره، ولو كان من أبناءنا فدماءُ المسلمين، والأنفسِ المعصومةِ، وبلادُ التوحيد، أغلى وأهمُ من أن نتركَ فاجراً داعشياً أو خارجياً من أي صنفٍ، ومن أي طائفة، يعبثُ في الدماء، والوطنِ، ولو كان أَقربَ قريبٍ، وأحبَ حبيبٍ .
أيها الموحدون: تابعوا الصالحاتِ ، وأكثروا من الجسناتٍ، فحافظوا على أعمالِكم في رمضان، وتابعوا الصيام والقيام والصلاة، فصوموا ستاً من شوال؛ لحديث أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» (11) فصوموها بعد القضاء ، ويجوز تقديم صيام الست من شوال على قضاء رمضان؛ لعموم قول الله تعالى(فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (12) ، وعَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تَقُولُ: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ» ، قَالَ يَحْيَى: الشُّغْلُ مِنَ النَّبِيِّ أَوْ بِالنَّبِيِّ ﷺ متفق عليه(13) .
وكتبه/
د. سعد بن عبدالله السبر
جوال :0504250193
salsaber@hotmail.com
_______________________
(1) سورة آل عمران، آية: 102.
(2) سورة البقرة، آية: 126.
(3)سورة إبراهيم، آية:35.
(4)سورة آل عمران، آية:97.
(5) رواه البخاري بَابُ بَرَكَةِ صَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُدِّهِ حديث رقم 2129 صحيح البخاري (3 / 67)، رواه مسلم بَابُ فَضْلِ الْمَدِينَةِ، وَدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا بِالْبَرَكَةِ، وَبَيَانِ تَحْرِيمِهَا، وَتَحْرِيمِ صَيْدِهَا وَشَجَرِهَا، وَبَيَانِ حُدُودِ حَرَمِهَا حديث رقم 1360 صحيح مسلم (2 / 991)
(6) رواه البخاري بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ} [الحاقة: 6] : شَدِيدَةٍ، {عَاتِيَةٍ} [الحاقة: 6] قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَتَتْ عَلَى الخُزَّانِ {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} [الحاقة: 7] «مُتَتَابِعَةً» {فَتَرَى القَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: 7] «أُصُولُهَا» {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} [الحاقة: 8] «بَقِيَّةٍ» حديث رقم 3344 ( صحيح البخاري (4 / 137)، ورواه مسلم بَابُ ذِكْرِ الْخَوَارِجِ وَصِفَاتِهِمْ حديث رقم 1064 صحيح مسلم (2 / 741) .
(7) رواه البخاري بَابُ إِثْمِ مَنْ كَادَ أَهْلَ المَدِينَةِ حديث رقم 1877 صحيح البخاري (3 / 21) ، ورواه مسلم بَابُ فَضْلِ الْمَدِينَةِ، وَدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا بِالْبَرَكَةِ، وَبَيَانِ تَحْرِيمِهَا، وَتَحْرِيمِ صَيْدِهَا وَشَجَرِهَا، وَبَيَانِ حُدُودِ حَرَمِهَا حديث رقم 1363 صحيح مسلم (2 / 992).
(8) رواه مسلم بَابُ فَضْلِ الْمَدِينَةِ، وَدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا بِالْبَرَكَةِ، وَبَيَانِ تَحْرِيمِهَا، وَتَحْرِيمِ صَيْدِهَا وَشَجَرِهَا، وَبَيَانِ حُدُودِ حَرَمِهَا حديث رقم 1363 صحيح مسلم (2 / 992).
(9)رواه البخاري بَابُ حَرَمِ المَدِينَةِ حديث رقم 1867صحيح البخاري (3 / 20)، ورواه مسلم بَابُ فَضْلِ الْمَدِينَةِ، وَدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا بِالْبَرَكَةِ، وَبَيَانِ تَحْرِيمِهَا، وَتَحْرِيمِ صَيْدِهَا وَشَجَرِهَا، وَبَيَانِ حُدُودِ حَرَمِهَا حديث رقم 1366 صحيح مسلم (2 / 994).
(10)رواه الطبراني بَابُ الرَّاءِ مَنِ اسْمُهُ رَوْحٌ حديث رقم 3589 المعجم الأوسط (4 / 53) . قال الألباني رحمه الله: قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير روح بن الفرج وهو ثقة
> كما في ” التقريب “. سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (1 / 686).
(11) رواه مسلم بَابُ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ إِتْبَاعًا لِرَمَضَانَ حديث رقم 1164 صحيح مسلم (2 / 822).
(12) سورة البقرة، آية: 184.
(13)رواه البخاري بَابٌ: مَتَى يُقْضَى قَضَاءُ رَمَضَانَ حديث رقم 1950صحيح البخاري (3 / 35)، ورواه مسلم بَابُ قَضَاءِ رَمَضَانَ فِي شَعْبَانَ حديث رقم 1146 صحيح مسلم (2 / 802).