مقالات الدكتور فارس العنزي

أسرار المناعة للدكتور فارس العنزي

نحن نعلم تمام العلم أننا نملك داخل أجسادنا جهازاً رائعاً يقوم على حمايتنا هو جهاز المناعة(Immune system) هذا الجهاز مصمم للدفاع عنا ضد ملايين البكتيريا والميكروبات والفيروسات و الطفيليات التي تود أن تدخل إلى أجسامنا وتغزوه ، إن أجسامنا وجهازنا المناعي يحتويان ترسانة أسلحه (Arsenal of weapons) التي تمثل خطوط الدفاع والهجوم من خلال آليات محكمه للتخلص من هذه الكائنات الممرضة في جميع مراحلها تتكاتف فيها معظم خلايانا المناعية في الحرب ضدها وتكون نتيجة هذه الحرب إما لصالح العائل (الإنسان أو الحيوان) بالقضاء عليها أو لصالح مسببات الأمراض بإضعاف العائل و إمراضه.

والمناعة (Immunity) هى حالة الجسم السليم التى تمكنة من مقاومة الغزاه ، تكون الخلايا الليمفاوية هى المسيطرة و المسئولة عن إنتاج مكونات مختلفة وتنشيط هذه المكونات لتكون بمثابة الرسول بين أنواع الخلايا المختلفة لتلعب الدور الرسمى لها دون إفراط أو تفريط ففى كلاهما تنتج الأمراض المناعية. والجهاز المناعى جعله الله سبحانة وتعالى له القدرة العجيبة على أن يميز مابين ما هو ذاتى (أى المكونات المختلفة داخل أجسامنا) وما بين ما هو غير ذاتى (أى الأجسام الغريبة التى تدخل أجسامنا مثل الجراثيم) ، هذه المقدرة تجعله يقظاً طوال الوقت لمحاربة الدخلاء، وأقرب مثال على ذلك زراعة الأعضاء فمع أن التحاليل المختلفة والأبحاث التى تجرى على المتبرع الذى يعطى العضو والتى تجرى للمستقبل لهذا العضو ليكون هناك تطابق أو تماثل فى العديد منها إلا أن هذا العضو يكون مصيره الرفض عادة إن لم يكن هناك أدوية تثبط المناعة لتجبر الجسم على قبول العضو المزروع مثل الكلية أو الكبد.

ولعلنا نذكر أن الفضل يرجع إلى علم المناعة (Immunology) فى كثير من الإسهامات فى مجال الطب فى تشخيص وعلاج الأمراض فى خلال القرنين الماضيين إلى يومنا هذا. فعلى سبيل المثال كان هناك الكثير والكثير ممن أسهموا فى هذا المجال مثل إدوارد جنر فى القرن الثامن عشر (1796 ) هذا الطبيب الإنجليزى الفذ الذى توصل إلى الوقاية من الجدرى فى الإنسان من خلال التحصين ببثور جدرى البقر، والتحصين ضد الجمرة الخبيثة (لويس باستير 1885 ) وضد شلل الأطفال (سولك 1955 وسابين 1961) والتحصين ضد الإلتهاب الكبدى الوبائى (المستخرج من البلازما البشرية 1975 والمنتج بالهندسة الوراثية 1986). وعلاوة على ذلك هناك كثير من الأمراض تشخص فى وقتنا الحالى بطرق مناعية مختلفة مثل البلهارسيا والأيدز و فيروسات إلتهاب الكبد والتيفود و التكسوبلازما (داء المقوسات الذى يسبب التشوهات فى الجنين) وغيرهم الكثير.

إيليا متشنكوف باول إيرليش

إيلي متشنكوف الروسى الجنسية (يمين) وباول إيرليش الألمانى (يسار) مؤسسى علم المناعة الحائزان على جائزة نوبل للطب العام 1908 الأول لإكتشافه عملية البلعمة والثانى لإكتشافاته فى الإستجابة الخلطية وكيفية تقدير كمية الأنتيجين.

و الخلايا الأساسية فى الجهاز المناعى تسمى بالخلايا الليمفاوية (Lymphocytes) ، هذه الخلايا هى إحدى مكونات كريات الدم البيضاء، وكما نعلم فإن الدم يتكون من مكونات خلوية وأخرى غير خلوية، المكونات الخلوية وهى كريات الدم الحمراء والصفائح الدموية وكريات الدم البيضاء ، كريات الدم البيضاء تنقسم إلى خلايا محببة (أى تحتوى حبيبات فى السيتوبلازم) وهى كريات الدم القاعدية والحامضية والمتعادلة وأخرى غير محببة وهى وحيدات النواه والخلايا الليمفاوية – التى نتكلم عنها- والمكونات الغير خلوية للدم هى سائل البلازما الذى تسبح فية الخلايا ويتكون هذا السائل من الماء و مكونات عضوية مثل الدهون والبروتينات وأخرى غير عضوية مثل الصوديوم والكالسيوم. تنتج الخلايا الدموية من النخاع العظمى المنتشر فى عظام الجسم(Bone Marrow) من خلايا أولية تسمى الخلايا الجذعية(Stem cells).

ونرجع إلى الخلايا الليمفاوية فهذه الخلايا تنقسم إلى نوعين هامين الأول وهو الخلايا الليمفاوية البائية (B-Lymphocytes) والثانى هو الخلايا الليمفاوية التائية (T-Lymphocytes) ، الأولى تنتج الأجسام المضادة أو المضدات (Antibodies) وهى المسئولة عن مايسمى بالمناعة الخلطية (Humoral) والثانية مسئولة المناعة الخلوية (Cellular) و لذلك فالإستجابة المناعية إما خلطية أو خلوية ، الخلطية للدفاع و مقاومة الميكروبات التى تعيش خارج الخلايا والخلوية لمقاومة الجراثيم التى تعيش بداخل الخلايا مثل بكتريا الدرن. عندما تكون الإستجابة المناعية للميكروب خلوية تنشط الخلايا التائية وتتكاثر وتكون النتيجة الحتمية هى قتل الخلية كاملة با تحوية من ميكروبات بواسطة الخلايا التائية القاتلة (Cytotoxic T cells) واذا كانت الإستجابة المناعية خلطية أى أن المهمة هنا أن تقضى على الميكروب خارج الخلايا وما ينتجة من سموم تنشط الخلايا البائية وتتحول إلى خلايا بلازمية (Plasma cells) تنتج الأجسام المضادة التى لها القدرة على أن تتحد مع المستضدات – جزيئات قليلة أو قطع من الميكروب الغازى أو مايسمى بالأنتيجين (Antigen) ، ولا بد أن ننوه أن الأجسام المضادة تفرز لقطع صغيرة جداً من المستضد ولا تنتج هذه الخلايا مضاد واحد للميكروب الواحد بل ملايين المضدات لملايين القطع أو الأجزاء من الميكروبات – وتكون نتيجة هذا الإتحاد أن تلتهم الميكروب الخلايا البلعمية الكبيرة (Macrophage) ( أصلها وحيدات النوى) و تسمى هذه العملية (الطهاية أو (Opsonization أو تكون نتيجة إتحاد الجسم المضاد مع أجزاء من سم الميكروب أن تتعطل وتتلاشى فاعليتة وتسمى هذه العملية بالتعادل أو المعادلة (Neutralization) وأخير أً من الممكن أن ينشط إتحاد الجسم المضاد مع المستضد مايسمى بجهاز المتممة (Complement) ومن نتائج هذا تنشيط هذا الجهاز أن يؤدى إلى أن يخترق غشاء الميكروب ويؤدى إلى تدمير الميكروب وتحلله وإلتهام أجزاؤة بواسطة الخلايا الكانسة أو الأكولة (Phagocytes) أو بواسطة الخلايا البلعمية.

والجهاز المناعى يتكون من أعضاء أساسية مثل الغدة الصعترية أو التوتية (Thymus) وفيها يتم نضج الخلايا التائية والطحال وفيه يتم تنشيط الخلايا الليمفاوية البائية لإنتاج الأجسام المضادة ، وهناك الأعضاء الثانوية مثل العقد الليمفاوية المنتشرة فى الجسم وخصوصاً تحت الإبط والرقبة ومنطقة الجهاز الهضمى.

الخلايا الليمفاوية

الخلايا الليمفاوية وهى المسئولة عن المناعة الخلوية لأنها تفرز مواد تدعى Lymphokines تعمل على تحريض الخلايا البلعمية على القيام بعملها من البلعمة وتوجد هذه الخلايا فى المنطقة القشرية العميقة للعقد اللمفاوية أما حياتها فتعيش من شهر إلى سنوات ، اللمفاويات B وهى مسئولة عن المناعة الخلطية عن طريق إفراز الأجسام المضادة (Immunoglobulins) تتدخل فى التفاعلات المناعية مباشرة ، وتوجد هذه الخلايا فى المنطقة القشرية السطحية فى العقد اللمفاوية. أما حياتها فهي حوالى بضع أيام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى