خطب الشيخ سعد السبر

حلاوةالايمان __ للشيخ سعد السبر

اللهم لك الحمد اللهم لك الشكر اللهم لك الثناء عز جاهك وجلّ ثناؤك وتقدست أسمائك ولا إله إلا أنت سبحانك في السماء عرشك وفي الأرض سلطانك وفي البحر عظمتك وفي الجنة رحمتك وفي النار سطوتك وفي كل شيء حكمتك وآيتك لك الحمد ما حثت لمجد ركائبي وما هملجت كالصافنات مراكبي لك الحمد ما غنى الحمام ورجعت على ثمن غصن لحون نوادب لك الحمد ما مد الضياء شراعه وما بزغت شمس على كل سارب لأنك محمود على كل حالة ً لكرب ترجى أو لنيل الرغائب فأنت الذي يستاهل الحمد كله بلهجة شادٍ أو بطاعة كاتب وأنت الذي لو جمع المدح كله لما كان إلا الجزء من كل واجب وتا الله لو سطرت بالدمع مدحتي وخطت على خدي حروف المناقب وأسعفت حباً من دمي في مدادها لقصرت في مدح وكلت مواهبي فلك الحمد عدد نجوم السماء وقطرات الندى وحبات الثرى لك الحمد ماتحركت شفاه وسجدت جباه وسبح تقاه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد أيها الإخوة المستمعون عنواننا هذه الليلة طعم الإيمان أو حلاوة الإيمان الإيمان له حلاوة له مذاق جميل قال فيه صلى الله عليه وسلم كما روى مسلم في صحيحه ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً نعم إن للإيمان مذاق خاص هذا الإيمان العجيب الذي قال الله تبارك للإنسان أوى من كان ميتاً فأحييناه كان ميتاً في بعده عن الله في ظلاله في فساده في انحرافه في كفره لكنه أصبح حياً بالإيمان كان ميتاً بالظلال والبعد والكفر والجهالة وأصبح حياً لما أنار الله بصيرته بالإيمان ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً هذه يسميها العلماء الأصول الثلاثة هذه أول ثلاثة أسئلة أول ثلاثة أسئلة يحاسب يسأل عنها العبد في قبره يسأل من ربك وما دينك ومن نبيك فيذوق طعم الإيمان الذي يرضى بربه وبدينه وبنبيه عليه الصلاة والسلام

.وإذا أمن الإنسان إيماناً صادقاً حقيقياً يرزقه الله تبارك وتعالى حلاوة الإيمان قيل لبلال ابن رباح رضي الله عنه وأرضاه كيف صبرت على ذلك التعذيب الشديد الذي كان يلقاه من كفار قريش كانوا يظهرونه في حرارة الشمس في حرارة مكة ويضعون الحجارة المحماة على ظهره ويضعون صدره على الرمضاء وهو لا يردد إلا أحد احد قالوا كيف صبرت على هذا العذاب قال رضي الله عنه وأرضاه مزجت مرارة العذاب بحلاوة الإيمان فطغت حلاوة الإيمان على مرارة العذاب فما أحسست بعذاب وذاك خبيب ابن عدي رضي الله عنه الذي تربى على سمع محمد عليه الصلاة والسلام

وبصره خبيب ابن عدي أخذه المشركون وعذبوه وأذوه وأخذه بني الحارث ليقتلوه بأبيهم لأن خبيب قتل أباهم في بدر ثم أرادوا أن يخرجوا به إلى الحل ليقتلوه فستأذن منهم قبل أن يرفعوه على المشنقة يستأذن أن يصلي لله لأنه لا يأنس إلا بقربه من الله لا يأنس إلا حينما يضع جبهته ساجداً للعلي الأعلى جل في علاه فصلى ركعتين وقل لولا إني خشيت أن تقولوا أطال في الصلاة جزعاً من الموت لأطلتهما ثم وقف رضي الله عنه وأرضاه وهو ينظر إلى هذه الحشود الحاشدة كل من حوله من المشركين ينظر إليهم كلهم من الأعداء حتى اخذ يقول لقد جمع الأعداء حولي وألبوا قبائلهم واستجمعوا كل مجمعي وكلهم مبدي العداوة جاهداً علي لأني في وثاق بمطبعي وقد جمعوا أبنائهم ونسائهم وقربت من جزع طويل ممنع إلى الله أشكوا غربتي ثم كربتي وما أرصد الأعداء لي عند مصرعي فدا العرش صبرني على ما يراد بي فقد بضعوا لحمي ويأس مطمعي ولست أبالي حين يقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي وذالك في ذات إله وإن يشأ يبارك على أوصال شلوا منزع حلاوة الإيمان قال فيها صلى الله عليه وسلم ثلاث منكن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان ما هي أخوتي المستمعون ما هي أخوتي المشاهدون:

هذه الثلاث أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء ما يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار أما خبيب رضي الله عنه وأرضاه فذاق طعم الإيمان وحلاوة الإيمان وسعادة الإيمان فلم يبالي بها هؤلاء الأعداء نظر إليهم وإذا كلهم من الأعداء لسان حاله كما قال الأول أطاعن خيلاً من فوارسها الدهر وحيداً وما قولي كذا ومعي الصبر وأشجع مني كل يوم من سلامتي وما ثبتت إلا وما في نفسها أمر وكم من جبال جبت تشهد أنني الجبال وبحر شاهد أنني بحر فأقدمت إقدام الأتي كأنني سوى المهجة أو كان لي عندها وتر هذا خبيب رضي الله عنه فوضعوه على المشنقة فأخذ يقول اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبقي منهم أحدا اللهم بلغ رسولك عليه الصلاة والسلام سلامي فيسألونه وهو على خشبة المشنقة أترجوا وترضى أن يكون محمد مكاناً قال لا والله لا أرضى أن يصاب عليه الصلاة والسلام بشوكة وأنني معزز مكرم في أهلي هذا هو الإيمان أيها الإخوة المؤمنون

ثم لما قتل جاء خبره إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فأرسل اثنين من أصحابه فلما أنزلا خبيب عن خشبته وإذا جرحه يثعب دماً اللون لون الدم والريح ريح المسك يقول الزبير ابن العوام رضي الله عنه فلما أنزلناه وإذا جسمه يتطوى وجرحه يثعب دماً اللون لون الدم والريح ريح المسك وهو وكأنه مات الآن وله منذ مات أربعين يوماً لا إله إلا الله علوا في الحياة وفي الممات بحق تلك إحدى المكرومات فرد ثياب الموت حمراً ثم أتى لها الليل إلا وهي من سندس خضر فتى كلما فاضت عيون قبيلة دماً ضحكت الأحاديث والذكر هكذا الإيمان يصنع الأعاجيب يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة وكان يقول رحمه إن كان أهل الجنة فيما أنا فيه من نعيم إنهم لفي نعيم يحبس ويؤذى ويعذب يقول ماذا يصنع أعدائي بي أنا جنتي وبستاني في صدري أما سرت فهي معي أما قتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة وحبسي خلوة يخلوا بالله تبارك وتعالى فكان يخرج أحياناً من البلدة ويقول وأخرج من بين البيوت لعلني أحدث عنك النفس بالسر خالية وإني لأستخشي مابي خشوه لعل خيال منك يلقى خياليا إنها حلاوة الإيمان أيها الإخوة المؤمنون عندما يجدها المؤمن يقو الجنيد رحمه الله لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من السعادة لجلدونا عليها بالسيوف أي سعادة لا يملكون من الدنيا شيئاً لا يملكون من الدنيا مناصب ولا أموال وإنما يملكون إيماناً يجدون حلاوته في قلوبهم جاء إعرابي إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قال:

إلى ما تدعوا قال إلى لا إله إلا الله وأني رسول الله فشهد على ذلك قال مالي إذا مت على ذلك مالي إذا مت على ذلك قال عليه الصلاة والسلام لك الجنة جنة عرضها السماوات والأرض فدخل الإيمان في قلبه من أوسع أبوابه فدخل يجاهد في سبيل الله فلا انتهت المعركة أراد أن يعطيه الرسول صلى الله عليه وسلم شيئاً من الغنائم قال لا أريد هذا أريد أن أقتل في سبيل الله أريد أن يأتيني سهم من هنا ويخرج من هنا أشار إلى نحره ثم قال له صلى الله عليه وسلم إن تصدق الله يصدقك فقاتل فجاء سهم فوقع في نحره فمات شهيداً في سبيل الله فوجده عليه الصلاة والسلام وأخذ يرفعه بين كفيه ويقول صدق الله فصدقه الله صدق الله فصدقه الله أرواحنا يا ربي فوق أكفنا نرجو ثوابك مغنماً وجواراً فوزاً بجناة النعيم فإنها نعم المقر لحامل الإيمان فيها الهناء ولا ترى أبدا بها شيئاً من التكدير والنقصان لكن لماذا لا نشعر أيها الإخوة بطعم الإيمان أولاً لكثرة الذنوب والمعاصي يقول ابن المبارك رحمه الله رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها لا نشعر بلذة الإيمان لأننا قصرنا في طاعة الله ومنها أيضاً أيها الإخوة عدم استشعارنا وتفكيرنا في العبادة الله تبارك وتعالى يقول إنما أعدكم بواحدة أنت تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا قال العلماء المعنى أنه يعظ قومه بموعظة واحدة أن يقوموا بعبادة الله حق القيام ثم يتفكروا أخي المسلم إذا قمت بالصلاة إذا أديت الصلاة تفكر بعدها هل أديتها كما أمر الله هل أذدت إيمانا ً ونوراً و هداية هل نهتك هذه الصلاة عن الفحشاء والمنكر كما أمر الله أم لا راجع نفسك وحاسب نفسك عامر ابن عبد الله ابن الزبير رضي الله عنه وأرضاه رحمه الله يقول كان يكثر من الدعاء بعد صلاة العشاء وليلة ما أكثر من الدعاء قالوا فذهب إلى بيته بعد العشاء فتذكر الدعاء قبل أن يطرق باب أهله فرفع يديه وجعل يدعوا الله فما أفاق إلا وهو يؤذن لصلاة الفجر هكذا إخوتي المؤمنون يجدون السعادة والنور والهدايا أسأل الله أن يفتح على قلوبنا وقلوبكم وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه وإلى لقاء أخر استودعكم الله والسلام عليكم ورحمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى