صرخة معلمة – خطب الجمعة
شبكة السبر – خطب الجمعه
كتبه د/ سعد بن عبدالله السبر
12/1/1433
إمام وخطيب جامع الشيخ عبدالله الجارالله رحمه الله
الحمد لله خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وسلط على الخلق شهوة اضطرهم بها الحراثة جبرا واستبقى بهم نسلهم إقهارا ، أحمده سبحانه وأشكره على سابغ فضله وواسع عطائه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تنزه عن الأشباه ، وعن الأمثال وعن الأنداد وعن النظائر ، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من صلى وصام وطاف بالبيت الحرام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام وسلم وتسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد فأُوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله جل وعز فهي شعار المقسطين ودليل العادلين ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(1)
أيها الناس إن المرأة وحقوقها قضية يتحدث عنها الناس ويتحدث عنها الإعلام ويُنظّر لها ، وكل يتكلم ويطلب ويُنظّر، وهم يريدون حقوقها في ظاهر كلامهم وباطنه يريدون عُريها وخروجها وتبرجها ، وجعلها مرحاضا يلغ فيه فاجرٍ وخبيثٍ يردونها سلعة تُباع بها السلع وتُروج ها المجلات وتربح بها المستشفيات (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) (2)
أيها المؤمنون الإعلام يريد ضياعا ودمارا لنساء المؤمنين ، وهم يُغلّفون دعواهم بأن المرأة النصف الأسود الضعيف المظلوم ، ويريدون أن يصادموا حكم الله وحكمته يعترضون على حكم الله في ملكه وقدره في كونه ، وهم في الحقيقة يُضيعون حقوق المرأة ويفسدون دورها ، يردونها بدلا أن تكون أماً حنونا ومنبعا للود والدفء للزوج والابن والبنت والبيت ، يريدونها أن تكون ولاجةً خراجةً كاسياتً عاريةً مائلةً مميلةً فاسدةً مفسدةً ضالةً مضلةً .
أيها المسلمون إن حقوق المرأة حفظها الإسلام وأمر بها الله وأكدها نبيه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، ولكن الإعلام دمر حقوقها وضياع مطالبها فالصحافة والإعلام منعوا ميراثها وتملكها وبيعها وشراءها ، وجعلوا حقوقها تبرجا وفجورا وزنا وخمورا وسفورا .
أيها الإخوة معلمة تصرخ وتبكي وتقول إن أبي منعني الزواج لأنه يريد راتبي ويسيطر عليه وبطاقة الصراف تحت ملكه وتصرفه ويضطرني للسرقة من جيبه فهل فعلي حرام ؟؟ ثم تُكمل وتقول بلغت الخامسة والأربعين وأبي يمنعني الزواج لعدم وجود الكفء !!!!!! والأخرى تقول إن أبي يمنع الأزواج حتى قاربت الخمسين !! والثالثة تقول إن أبي يأخذ راتبي ويشتري به المخدرات ويمنعني النكاح !! والرابعة تقول إن أبي أخذ قرضا بستمائة ألف ثم بحث لي عن زوج بعد أن بلغت الأربعين !!والخامسة وقعت في الزنا وأزني لأن أبي لا يريد أن يزوجني لأجل أن لا يخسر راتبي !!!!! والسادسة تقول من يقدر أن يزوجني لأن أبي يمنعني الزواج لأجل راتبي فما الحل والعلاج ؟؟ إن تكلمت قتلني وإن سكت وقعت في الزنا !!!! والسابعة إن أخي استولى على ميراثنا ومنعني من النكاح ، والثامنة أخواتي يريدن نكاحا والأخ يمنعهن حتى ينتهي الأمر بأن يقتل عمنا أخانا لكي نتزوجن ، والتاسعة تقول منعني أبي الزواج فتوجهت لعلاقة محرمة والآن أريد الخلاص منها ولكن كم أخشى من أهلي، فأنا أتوقع منهم أن يقتلوني خشية الفضيحة والسمعة ؛ لأن أبي وأمي متدينان ومسلمان، وإذا عرفا بأني أحب شاباً وأكلمه فسوف يقتلانني! أنا لا أعرف ماذا أفعل؟ أنا خائفة جداً. أريد الهداية. أريد العيش مطمئنة وسعيدة. مللت الخوف والتفكير. أرجوكم ساعدوني، وبسبب هذه المشكلة تركت الصلاة، وتركت العبادة؛ لأني يئست من الحياة، مللت منها، أود الموت اليوم قبل الغد، لو ظللت عائشة على هذه الحياة فسوف يتحطم مستقبلي، ومستقبل أخواتي، وتشوه سمعتهن.
أريد تركه لكني أخشى من فضحه لي؛ لأنه سيُعاود الاتصال؟ كيف أمنعه من ذلك؟ أريد العودة إلى الله فهل سيغفر لي ربي؟ كيف التوبة وما شروطها؟
إخوة العقيدة إن العرب في الجاهلية كانت لهم غيرة ، ولما جاء الإسلام أكد هذه الغيرة وطورها لذا إن سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه وأرضاه عندما تزوج وأركب زوجته فرسا يوصلها بيته نحر الفرس بعد أوصلها بيته وقال أخاف أن يركب الفرس أحد بعدها ، غيرةٌ عظيمةٌ وشيمةٌ كريمةٌ ، وأين من يغار وله غيره ويبيع ماله لأجل عرضه قال حسان بن ثابت الأنصاري :
أصون عرضي بمالي لا أدنسه … لا بارك الله بعد العرض في المال
أحتال للمال إن أودى فأكسبه … ولست للعرض إن أودى بمحتال
قال ابن القيم رحمه الله متى خلت الغيرة من القلب خلا من الدين، والغيرة تصفي القلب وتخرج خبثه كما يخرج الكير خبث الحديد (3) قال الله تعالى: ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) (4) . و عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله
: (ما أحدٌ أغير من الله تعالى، ومن غيرته حرَّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن )
و عن أبي سلمة: أن أبا هريرة، رضي الله عنه، حدَّثهم أن رسول الله
قال: ( إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله تعالى أن يتي العبد المؤمن ما حرَّم الله عليه ) وقال سعد رضي الله عنه يا رسول الله لو وجدت مع أهلي رجلاً أمهله حتى آتي بأربعة شهداء فقال –
– نعم، فقال كلا والذي بعثك بالحق، إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك، فقال –
– : «اسمعوا على ما يقول سيدكم، إنه لغيور وأنا أغير منه والله أغير مني».وإذا لم يغضب الإنسان لعرضه، ضاعت الأنساب، واختلطت الأولاد، وكل أمة تموت الغيرة فيهم لا بد وأن تضيع العفة، والصيانة من نسائها،
أيها الأحبة : إن شريعة الإسلام منعت عضل البنات من النكاح قال تعالى ( فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ) (5) ، دلت هذه الآية على تحريم عضل البنات ومنعهن من النكاح ، ومعلوم أن العلماء اتفقوا على تحريم عضل المرأة عن نكاح الكفؤ. (6)
قال ابن قدامة ومعنى العضل منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك ورغب كل واحد منهما في صاحبه (7) …. إلى أن قال: فإن رغبت في كفء بعينه وأراد تزويجها لغيره من أكفائها، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته كان عاضلاً لها، فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها فله منعها من ذلك، ولا يكون عاضلاً لها بهذا، لأنه لو زوجت من غير كفئها كان له فسخ النكاح، فلأن تمنع منه ابتداء أولى. (8) انتهى. وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إذا منع الولي تزويج امرأة بخاطب كفء في دينه وخلقه، فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من الأقرباء العصبة، الأَوْلى فالأولى، فإن أبوا أن يزوجوا كما هو الغالب، فإن الولاية تنتقل إلى الحاكم الشرعي، ويزوج المرأة الحاكم الشرعي (9) . قال عمر رضي الله عنه لا يمنع من النكاح إلا عجز أو فجور (10) ،وقال ابن عباس رضي الله عنهما لا يتم نسك الناسك حتى يتزوج (11)
إخوة الدين تبين لنا بعد هذا أن منع البنات من الزواج لأجل رواتبهن وأموالهن وليس خوفا عليهن بل لإيقاعهن في الرذيلة وتركهن مرحاضا لذئاب الرذيلة ، فهل نصحو أن أن أفئدتنا غير صاحية ، أم أننا لن نفيق إلا بعد أن يلغ الكلاب في أعراضنا
أيها الأب: أنت تنام مع زوجتك قرير العين وتقضي وطرك وابنتك تنام في فراشها يهاجمها الشيطان وحزبه وأعوانه من كل مكان من القنوات الفضائية والانترنت والهاتف النقال ومن المدرسة والجامعة والشارع فأين المفر ؟؟؟؟؟؟؟ تب لربك وزوج ابنتك واعلم أنها خصمك يوم القيامة والله خصيمك فويلك ثم ويلك إن لم تتب وترجع وتزوج ابنتك لماذا تخون الأمانة وتضيع الديانة ؟؟؟
——————————————————————————–
(1) سورة آل عمران آية : 102.
(2) سورة الأنفال ، آية 30 .
(3)روضة المحبين (ص302).
(4) سورة الأعراف ، آية : 33 .
(5) سورة البقرة ، آية : 232.
(6)تشنيف الأسماع ببعض مسائل الإجماع (ص: 48)
(7)رواه البخاري
(8) المغني 7/ 368
(9)فتاوى نور على الدرب ص 43
(10) إحياء علوم الدين 2/ 23
(11)إحياء علوم الدين 2/ 23


