مقالات الشيخ سعد السبر

لقد كان الناس في شرك وتيهٍ وظلام وعبادةٍ للأوثان

لقد كان الناس في شرك وتيهٍ وظلام وعبادةٍ للأوثان ,فكانوا يعبدون الأحجار والأشجار حتى أن أحدهم يصنع من تمره صنما ليعبُده ثم إذا جاع أكله ويعبدون والأخشاب فجاء الله بالخير العام الذي أظل الكون وعم الناس فأشرقت السموات والأرضون وخرج الناس من الظلمات إلى النور فعٌبدَ الخالقُ وكُفر بالمخلوق وجميعِ الأصنام و جاء الإسلام ليحفظ للناس دينهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم وعقولهم، وجعل هذه الضرورات الخمس قواعد الخلق في رعاية مصالحهم ودفع مضارهم، فحرّم كل اعتداء عليها، فحرّمَ الكفرَ والردةَ لإخلالها بأصل الدين، وحرم قتل النفس بغير حق، وحرّم الاعتداء على الأموال والأعراض والأنساب، وحرّم الاعتداء على العقول بكافة أنواع المسكرات الحسية والمعنوية .

أيها المسلمون كلما تقدم بالناس الزمان وطال بهم العمرُ وكثُر فيهم العلمُ قست قلوبُهم وكثُرت فيهم المنكراتُ والشركياتُ اتجهوا لمحاولة معرفة الغيبيات ظنا منهم أنهم يصلون للغيب ويستطيعون إلى ذلك سبيلا وإنما الذي يحدونه دجلَ كذابين وشعوذة عرّافيين وطلسمة سحرة وهؤلاء كذابون لا يستطيعون للغيب روماً ولا وصولا ( فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب مالبثوا في العذاب المهين ) إخوة الدين في هذه الأيام والليالي ونحن نعيش في نعم من الله متتابعة اتجه شريحةٌ من الناس يبحثون عن الكفر والشرك بالله في ليلهم ونهارهم عند السحرة والدجاجلة في قنواتهم التي تُحادُ الله ورسوله ,فيتصلون عليهم ويسألونهم على الهواء مباشرة حتى صار للسحرة روادٌ يريدون العلاج وهم يُشركون تحت قاعدة الضرورةُ تُبيح المحرمات وهذا صحيح الضرورة تُبيح المحرمات ولكنها لا تبُيح الشرك بالله (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ) فأصبح للسحرة دوروٌ وقنواتٌ يتصلون عليهم يريدون علاجا وهم يُعطونهم شركا يقولون لهم كفريات ويضنونها علاجا فيُخبرونهم بأمور عن طريق الشيطان فيظنها الجهلة من الناس أنها من الغيب ولا يعلمون أنها عن طريق القرناء من الجن يُخبرونهم بذلك يأمرونهم بشركيات من استغاثة بالشياطين ويستغيث هؤلاء السحرة بالشياطين على الهواء مباشرة ويأمرونهم بقراءة آيةِ في سورة وفي عدة سور من القرآن والذي يأمرم بذلك الشيطان على لسان هؤلاء السحرة فيُلبسون عليهم بذلك ويقولون الشفاء من الله فيصدق الجهلة أنهم مشائخ وهم كفارٌ سحرةٌ فجرةٌ يلحنون في كتاب الله ويجعلونه لعبةً لهم فكيف يصدق جهالنا من لا يعرف قراءة القرآن وهم يكفرون بالرحمن

أيها المسلمون الخطبُ عظيم والجريح كبيرٌ ولا ينفع فيه التعوذ من ذلك فقط لأن النساءُ أكثرُ ضحايا قنوات السحر والشعوذة فالقنوات في البيوت والبنات والأبناء والزوجات يجلسون الساعات الطوال يشاهدونهم ويسألونهم ونحن خارج بيوتنا لا نعلم شيئا فقنوات السحر أصبحت تغزو المنازل دون رقيب ولا حسيب حاملة معها أفكاراً ومعتقدات طالما حاربها ديننا الحنيف، موجدة لنفسها عبر من ضاقت بهم الأرزاق وتكالبت عليهم هموم الحياة مكاناً ومتنفساً، حتى أصبحت هذه القنوات ببرامجها ميدان منافسة فيما بينها فرصدت لهذه الأموال وساعات البث المتواصل والتنوع في استضافتها لأكثر من شخصية مشعوذة وساحرة. الذين جعلوا الدين ستارا يمارسون خلفه تدجيلهم على المشاهد حيث تتجلى حقيقة هؤلاء المشعوذين أن لديهم طرقاً وأساليب عدة في الالتفاف على الناس والإيقاع بهم فريسة سهلة عن طريق إقناعهم بصدقهم بعد إسماعهم أمورا لا يخلو منها مجتمع ولا أسرة، كالانتظار لأمر ما، أو رزق، أو وظيفة، أو غير ذلك مما يهم كل إنسان. حتى صار التعامل مع السحرة والذهاب إليهم من الأمور التي لابأس بها فاتصل علي شاب يقول لقد ذهبت لأحدهم ليعالجني فأمرني بالصلاة في الحمام أجلكم الله والبول على المصحف فتعافيتُ ثم عاد إليّ المرض فهل علي من شئ والشاب يعلمُ انه كفر بالله ويسأل

أيها الأحبة السحر في الشرع فهو: عبارة عن عزائم ورقى وعقد وأدوية وتدخينات تؤثر في القلوب وفي الأبدان، فتمرض وتقتل وتفرق بين المرء وزوجه؛ والسحر من أخلاق اليهود قال -سبحانه وتعالى- في وصف اليهود: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا قال عمر -رضي الله عنه-: “الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان، والجبت تطلق على السحر وعلى كل ما لا خير فيه، وقال جابر -رضي الله عنه- الطواغيت: الكهان، كان ينزل عليهم الشيطان في كل حي واحد فالساحر كافر من جهتين: الأولى أنه فعل الشرك، الشركيات التي فعلها: بالتقرب إلى الشيطان بما يحب أو صرف نوع من أنواع العبادة لغير الله، ومن جهة دعواه علم الغيب أنه يعلم الغيب، ومن ادعى علم الغيب فهو كافر، قال الله تعالى: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ فلا غرو حينئذ أن يقف الإسلام من السحر وأهله موقفا صارماً فقد حرم تعلمه وتعليمه، وأوجب كف الساحر عن سحره، وإقامة الحد عليه تطهيرا للمجتمع من شره ودجله، وحرم على الناس الذهاب إلى السحرة والاستعانة بهم . ولقد اتفق العلماء على أن تعلم السحر وتعليمه وممارسته حرام، قال ابن قدامة – رحمه الله – في “المغني” “…فإن تعلُم السحر وتعليمه حرام لا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم” وقال الإمام النووي رحمه الله في “شرح مسلم”: ” وأما تعلمه – أي السحر – وتعليمه فحرام “.ولقد ذهب جمهور العلماء الأمام مالك وأبو حنيفة وأصحاب أحمد وغيرهم إلى تكفير فاعل السحر .واستدل الجمهور بقوله تعالى: { وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر } قال الحافظ في “الفتح”: ” فإن ظاهرها أنهم كفروا بذلك، ولا يكفر بتعليم الشيء إلا وذلك الشيء كفر، وكذا قوله في الآية على لسان الملكين: { إنما نحن فتنة فلا تكفر } فإن فيه إشارة إلى أن تعلم السحر كفر فيكون العمل به كفرا وهذا كله واضح “.

أيها الناس ولأجل خطورة السحر وضع العلماء عقوبة للساحر فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن الساحر يُقتل . روي عن عمر رضي الله عنه أنه كتب كتاباً قبل موته بسنة ” أن اقتلوا كل ساحر وساحرة ” قال الراوي: فقتلنا ثلاث سواحر في يوم . رواه أحمد وأبو داود . كما روي قتل السحرة عن عدد من الصحابة منهم عثمان وابن عمر وأبي موسى وقيس بن سعد ، ومن التابعين سبعة منهم عمر بن عبد العزيز

أيها المسلمون، إياكم والذهاب إلى السحرة والكهان والمشعوذين والرَمَّالين والعرافين والمنجمين، وأهل الأبراج وقراءة الكف والفنجان والحازرين، الذين يدعون علم المغيبات، والكشف على المضمرات، فإنهم أهل غش وتدليس، وخداع وتلبيس، ونمنمات وتمتمات، وخرافات وخزعبلات، واستعانة بالجن واستغاثات، وحُجب تحوي حروفاً وأرقاماً وإشارات، بل إنهم يطلبون ممن يأتيهم ذبح حيوانات بألوان وصفات، يلطخون بدمها الأجساد والحيطان والعتبات، وهم في ذلك يتقربون للجان، ويعبدون الشيطان، ويشركون بالرحمن، وقد قال : ((لعن الله من ذبح لغير الله)) رواه مسلم. ومن تلبيسهم وتدليسهم إعطاؤهم من يأتي إليهم أشياء تدفن وتغرق، وأخرى تُسجر وتُحرق، إلى غير ذلك من دخائلهم الكدرة، ودفائنهم القذرة، فاحذروا عباد الله إتيانهم أو سؤالهم أو تصديقهم، فقد قال الصادق المصدوق : ((من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)) رواه مسلم وقال عليه الصلاة والسلام: ((من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد )) رواه أحمد وعن عمران بن حصين مرفوعاً: ((ليس منا من تطير أو تُطير له، أو تكهن أو تُكهن له، أو سحر أو سُحر له)) رواه البزار

إخوة الدين لقد حذر العلماء من هذه القنوات وخطرها فوصف سماحة الشيخ عبد العزيز آل شيخ المفتي العام للمملكة قنوات السحر والشعوذة بأنها قنوات شيطانية لعينة لا خير فيها، وقاتل الله من أنشأها واعدها، وإنها قنوات تفسد الدين والعقيدة، ،و لا خير في مشاهدتها، ولا خير في النظر إليها فالناظر إليها مرتكب وعيدا شديدا، وإثما عظيما،

وقال سماحته: انه لا يحل لأي جهة كائنة أن تعيد قنوات السحر أو تسهل الاتصال بها، فان من سهل الاتصال بهذه القنوات فهو شريك لهم في الإثم والعدوان

وقال العلامة ابن فوزان الدخول لمشاهدة هذه القنوات سواء للطلب العلاج أو السؤال كفرٌ بالله العظيم وقال ابن جبرين والشيخ البراك والراجحي حفظهم الله ما تبثه هذه القنوات من علم السحر والشعوذة والكهانة من أعظم المنكرات ومن أعظم الفساد، وإضلال الناس . وهي علوم تقوم على الكذب والدجل ودعوى علم الغيب بما يدعونه من النظر في النجوم والطوالع كما يقولون ، أو مما يتلقونه من أصحابهم من شياطين الجن ، وقد لا تكون لهم خبرة في هذه العلوم الشيطانية ولكنهم يدعونها كذباً وزوراً لكسب المال ..وهذه العلوم لا تروج إلا على الجهال والمغفلين وضعفاء الدين..وقد ذم الله السحر والسحرة والكّهان كما قال الله تعالى {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى }وقال {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ } وقال تعالى في سحرة فرعون { قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ } وثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من أتى كاهنا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً )) وجاء في السنن (( من أتى كاهناً أو عرافاً فسأله عن شيء فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد )) وسواء ذهب السائل إليهم ببدنه أو أتصل عليهم بواسطة الهاتف الحكم واحد . وعلى هذا فيجب الحذر من مشاهدة هذه البرامج فمشاهدتها ولو لمجرد الفرجة حرام وأما الاتصال على أصحاب هذه البرامج لسؤالهم ففيه الوعيد المتقدم .

أيها الأحبة لنكن حصونا أمام السحرة وأعوانهم ولنبتعد عن الشرك والفساد ولنلزم طريق الرشاد والفلاح ولنبلغ عن كل ساحر وساحرة وفاجر وفاجرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى