ما الحكمة من تعدد المذاهب الفقهية ؟ -فتاوى واحكام

ما الحكمة من تعدد المذاهب الفقهية ؟ – فتاوى واحكام
سائل يسأل ويقول :
ما الحكمة من إنقسام الأمة إلي مذاهب في الفروع كالمذهب الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي؟ فما توجيهكم بارك الله فيكم في هذه المسألة ؟خاصة أنه يقول أنهم متفقون في الأصول لكن الإختلاف في الفروع ؟
يجيب فضيلة الشيخ الدكتور سعد السبر ويقول :
أولاً كما ذكرهم إختلفوا في الفروع وليس في الأصول وإختلاف الفروع معلوم أن هناك قاعدة شرعية أن المسائل التي يسوغ فيها الخلاف أو الإجتهاد هي التي لا دليل فيها . فالمسائل التي لا دليل فيها جعلت الإختلاف بسبب إجتهاد كلي لإمام من الأئمة ومن الأمور التي أوقعت الإختلاف عدم ثبوت الحديث عند إمام أو عدم وصول الحديث إلي إمام دون إمام فوقع الإختلاف في هذه المسألة . أيضاً تعدد الفتوي والرأي للإمام ، فالإمام أحمد له ثلاثة أقوال أو أربعة أو خمسة أو ستة أقوال بل أكثر من ذلك في المسألة الواحدة ، الشافعي – رحمة الله عليه – له القديم وله الجديد ونجد أن الروايات عند الحنفية متعددة ومتنوعة وكذلك عند المالكي – رحم الله أئمتنا – فهم لا يختلفون في شيء فيه دليل قاطع ، إنما يختلفون في شيء فيه دليل ضمني الدلالة وليس قطعي الدلالة فهم يجتهدون ، فمثلاً عندما نأتي نتأمل قول الحنابلة – رحمهم الله تعالي – في أن التسمية في الوضوء واجبة ويستدلون في جزء من الحديث ضعيف ” لا صلاة لمن لا وضوء له ، ولا وضوء لمن لم يبدأ ببسم الله ” . هذه الزيادة في هذا الحديث ضعيفة ، فيستدل بها الحنابلة علي الوجوب فالجمهور قالوا بالسنية وهو القول الراجح والصحيح ، فلا نقول بأن الحنابلة خالفوا واستدلوا بالقول الضعيف ، إنما معلوم شروط الاستدلال بالحديث الضعيف وأصول المذهب الحنبلي لماذا استخدموا ؟ مع أن قولهم مرجوح في هذه المسألة . فإذاً هي مسألة تدور حول الإجتهاد في إعمال الحديث الضعيف وعدم إعمال الحديث الضعيف ، في إعمال أصول المذهب ، فالمذهب الحنفي له أصول وكذلك المالكي والشافعي والحنبلي له أصول ، فاختلاف هذه الأصول عند المذاهب جعلتهم يختلفون . أيضاً إختلافهم رحمة من الله – عز وجل – فلو حمل الناس علي مذهب واحد وعلي رأي واحد لما وسع لنا ولوقعوا في العمت ولكن هذه رحمة من الله – عز وجل – أيضاً تدل علي سعة هذا الدين أن الكل يعمل بما لديه من علم وقواعد ، يُعمِل التفكير فيها يستنبط للأمة من العلماء الربانيون الذين أعطاهم الله العلم والأئمة الأربعة ، فهم يستنبطون ويخرجون القواعد ؛ فلذلك الشافعي – رحمه الله – أتي الأمة بأعظم وأفضل الأمور هذا الكتاب وهو علم أصول الفقه كتاب ( الرسالة ) ألفه – رحمه الله – ، من أين أتي به الشافعي ؟ لأنه تتلمذ عند تلامذة الإمام أبو حنيفة ( محمد بن حسن ) الذي تتلمذ عند مالك والشافعي قرأ علي مالك والشافعي إلتقي به الإمام أحمد وجلس معه وكلهم يزكي الآخر ويثني علي الآخر ، فإذاً جملة هذه الأفكار الخليط اكتسبها الشافعي من الله ثم من هذه المجالس ثم أخرج للأمة هذا العلم الذي دعي الله أن يرزقه إياه فرزقه الله – عز وجل – بكتابه الرسالة من أفضل وأجمل وأجل العلوم التي سُطٍرَت وهو علم أصول الفقه . فإذاً المسألة فيها خير للأمة وفيها نعمة للأمة وتدل علي عدم جمود الدين وأن النصوص الإعمال والفكر فيها للذين لديهم القواعد تجعل الدين لا يقف عند نازلة ، الآن عندنا نازلة الصلاة وعندنا نوازل الصيام ونحن في برنامج واسئلوا أهل الذكر عندنا النوازل الطبية الجديدة وكل أمر في الدين له نوازل والآن المصارف البنكية فيه نوازل وأحكام ورسائل تخرج ولله الحمد ،وكل هذه ترجع إلي أسس وأصول الدين ويستنبط منها الأحكام
للاستماع ومشاهدة الفتوى :