مكتبة الشيخ سعد السبر

موت الخلايا المبرمج وعلاقتها بحدوث الأمراض && د. فارس قليل العنزي

لقد أصبح من الواضح بشكل متزايد أن موت الخلايا المبرمج (الطبيعي او الفسيولوجي) يلعب دوراً رئيسياً في الإمراضية المتعلقة بالعديد الأمراض التي تصيب الإنسان، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: أعتلالات الأعصاب و السرطان. وعليه فإن موت الخلايا المبرمج قد يكون هدفاً علاجياً تتم من خلاله معالجة كثير من الأمراض. في هذا المقال سوف نقوم بمراجعة مختصرة لعملية تنظيم موت الخلايا المبرمج وعلاقته بالعديد من آليات الإمراضية في العديد من ويستعرض هذا المقال لفترة وجيزة تنظيم وأهمية سريرية آليات أفكارك في العديد من الأمراض البشرية المختلفة.

خلفية مختصرة:

هناك نوعان رئيسيان من موت الخلايا المبرمج: أحدهما التنخر والثاني موت الخلايا المبرمج. وعلى العكس من موت الخلايا المبرمج، فإن التنخر لا يحدث بصورة طبيعية في أي مساق من مساقات النمو، كما لا يحتاج إلى أي ظهور بروتينات معينة. إن التنخر يحدث بسبب عوامل خارجية: كنقص الأكسجين والسموم والحرارة الشديدة و الاشعة. وعندما تموت الخلايا فإنه تخرج منها محتويات الليزوزوم والحبيبات، وتؤدي هذه الإفرازات إلى حدوث عملية الالتهاب. على العكس من التنخر فإن الموت المبرمج للخلايا لا يسبب الالتهاب وتقوم الخلايا البالعة وحيدات النوى بابتلاع الخلايا الميتة بالموت المبرمج للخلايا، ولذلك فأن دور موت الخلايا المبرمج هو إزالة الخلايا الضارة أوالتالفة أو غير المرغوب فيها. إن موت الخلايا المبرمج هو عملية خلوية نشطة ومعقدة ومنظمة بإحكام. كما ويصاحب كل مرحلة من مراحل الموت المبرمج للخلايا عدد من التغيرات الشكلية المعروفة تماماً لدى العلماء و الباحثين، وتشمل هذه التغيرات: انكماش النواة، وانهيار السيتوبلازم إلى أهلة على طول الغلاف النووي، وفقاعات في الغشاء البلازمي و أخيرا أبتلاعها من الخلايا البالعة الكبيرة.

مسارات :

هناك مساران رئيسيان موت الخلايا المبرمج هما المسار الداخلي والمسار الخارجي. يتمركز المسار الداخلي حول الميتوكوندريا باعتبارها نقطة بداية موت الخلايا المبرمج. تلتقي في الميتوكوندريا عدة إشارات منها تلف الحمض النووي، ونقص الأكسجة والتوتر التأكسدي، تؤدي هذه الإشارات إلى إفراز السايتوكروم-سي (cyt c) من غشاء الميتوكوندريا وتفعيل بروتينات اخرى للموت المبرمج للخلايا والموجودة أيضا بالسيتوبلازم. وعندما يتم إفراز هذه البروتينات في السيتوبلازم يقوم السيتوكروم-سي بالارتباط بعامل تحفيز موت الخلايا المبرمج (أباف-1) (Apaf-1). وذلك يؤدي إلى تبلمر(تحول) أباف-1 إلى مركب معقد سباعي الأجزاء، ثم يرتبط هذا المركب بكاسبيز-9. وبهذا يتم تكوين بروتين متعدد يسمى أبوبتوسوم (apoptosome). و في الاخير يؤدي لتفعيل لكسر وتنشيط عدة انزيمات فاعلة في التحلل البروتيني.

وفي المقابل، فإن المسار الخارجي موت الخلايا المبرمج يعتمد على مستقبلات عامل تنخر الورمى (TNF) من أجل تحفيز موت الخلايا المبرمج. وعندما ترتبط هذه المستقبلات بنظيراتها داخل الخلايا تنشط كاسبيز-9 و 10 مؤديا لتكوين مركب معقد لبداية الإشارة لحدوث الموت الخلوي وتنشيط الانزيمات الهدامة.

هناك توازن دقيق بين العوامل المنظمة موت الخلايا المبرمج بمساراته المختلفة سواء العوامل قبل حدوث الموت الخلوي المبرمج والعوامل المضادة للموت الخلوي المبرمج وهذا التوازن قائم وفي حالة مستمرة، ويهدف إلى ضمان بقاء الخلايا طويلة الأمد والتخلص من الخلايا قصيرة الأجل مختلف أنواع الأنسجة، بما في ذلك نخاع العظام والغدة الصعترية. إن حدوث اختلال في هذا التوازن الدقيق للبروتينات المؤيدة والمضادة لموت الخلايا المبرمج ، يحدث في العديد من سيناريوهات الأمراض بما في ذلك السرطان حيث الغلبة هي للبروتينات المضادة لموت الخلايا المبرمج ، ومنح الخلايا ميزة البقاء الانتقائي التي تعزز حدوث الأورام السرطانية الخبيثة.

تنظيم الموت الخلايا المبرمج:

1. بواسطة البروتينات المثبطة لبروتين فلايس (FLICE) والتي تسمى لعائلة فلب (FLIPs):

تم التعرف مؤخرا على بعض بروتينات الهربس والتي سميت بالبروتينات الفيروسية المثبطة فلايس (FLICE)، وذلك نظراً لقدرتها على تثبيط أرتباط فاز/ و المستقبل الخاص به فاز-أل و بالتالي منع تنشيط فلايس (FLICE). وحديثا قامت عدة مجموعات بحثية بأمريكا و أوربا باكتشاف اثنين من البروتينات المماثلة للبروتينات الفيروسية لدى الإنسان وأصبحت تعرف بعدة أسماء منها: فاد (FADD) و فلب (v-FLIPs) وكلارب (CLARP)

2. تنظيم موت الخلايا المبرمج الذي تسببه الميتوكوندريا:

تقوم عائلة بروتينات الورم اللمفاوي لخلية الدم البيضاء بي-2 (Bcl-2) مسار الموت الخلوي عبر الميتوكونديريا. حيث تتمركز بروتينات (Bcl-2) على الشبكة الإندوبلازمية والغشاء النووي وغشاء الميتوكونديريا الخارجي. هناك نظريتان بشأن العلاقة بين بروتين (Bcl-2) والنقل النشط عبر الغشاء الميتوكونديري. النظرية الأولى تقول بأن بروتينات (Bcl-2) و (Bcl-xL) قادران على تثبيط اختلال الميتوكوندريا، بما في ذلك فقدان طاقة غشاء الميتوكوندريا (m)، وتغير النفاذية مما يثبط إفراز البروتينات المسببة للموت المبرمج للخلايا، و بالتالي منع أفراز السايتوكروم-سي وهو العامل البادئ لموت الخلايا المبرمج ، وفي نهاية المطاف إيقاف تنشيط الانزيمات الهدامة.

فيما تنص النظرية الثانية على أن عائلة البروتينات (Bcl-2) تقوم بشيئين، بمنع إفراز السايتوكروم-سي ومنع تنشيط أباف-1 لأن (Bcl-xL) يرتبط بالأباف-1 فيمنع بذلك ارتباطه بالسايتوكروم-سي. و عايه فأن النظرية الأولى هي الأقرب للصواب لأن (Bcl-2) تتقوقع حول أغشية الميتوكوندريا على الرغم من وجوب أخذ النظرية الثانية في الحسبان حتى يتم تفنيدها بشكل قاطع.

الأمراض المرتبطة بانخفاض موت الخلايا المبرمج:

أولاً: أمراض المناعة الذاتية:

إن الخلل في آلية التخلص من خلايا الدم البيضاء اللمفاوية من نوع (تي) المعيبة بعيب حيث تتفاعل ضد بروتينات أجسامنا، يلعب هذا الخلل دوراً حاسماً في ابتداء واستمرار العديد من أمراض المناعة الذاتية. تصاب الفئران (التي تم حذف جين الفاز منها) – وهو الجين الفعال في موت الخلايا المبرمج – بمقاومة الخلايا اللمفاوية للموت المبرمج مؤديا أيضا إلى حدوث تكاثر الخلايا اللمفاوية مصحوباً بمرض المناعة الذاتية. هذه الفئران تصاب باععتلال الغدد اللمفاوية وبمرض مناعة ذاتية مشابه لمرض الذئبة الحمراء. لقد ثبت أن السلالات المختلفة من فئران لبر تصاب بأنماط مختلفة من الأجسام المضادة ضد ذات الجسم، مما يدل على تأثير عدد من العوامل الوراثية الأخرى غير المعروفة. تتميز الذئبة الحمراء والتهاب المفاصل الروماتويدي بسمات مشتركة وهي عدم التوازن بين إنتاج وفقدان الخلايا الليمفاوية. وتجدر الإشارة إلى أن جميع المسببات المحتملة للموت المبرمج للخلايا مثل الستيرويدات والسيكلوفوسفاميد هي من بين العلاجات المعروفة لأمراض المناعة الذاتية.

من المرجح أن يكون الداء السكري المعتمد على الإنسولين (IDDM) مرتبطاً بتثبيط الموت المبرمج للخلايا. لقد تم مؤخراً اكتشاف أن مقاومة الخلايا اللمفاوية تي للموت المبرمج للخلايا لدى الفئران غير البدينة والمصابة بالسكري و كان مرتبطا بتغير ترتيب بروتين(Bcl-xL) المضاد للموت المبرمج للخلايا لدى الخلايا تي. إن هذا الاكتشاف لدى الفئران غير السمينة قد يفتح مجالاً جديداً للأبحاث حول الجينات التي تؤدي إلى قابلية الإنسان للداء السكري المعتمد على الإنسولين (IDDM). ولقد وجد العلماء أن كلاً من الخلايا اللمفاوية نوعي (تي) و (بي) المأخوذة من المصابين بالداء السكري المعتمد على الإنسولين (IDDM) والمعرضين لخطر الإصابة بهذا المرض أن كلا الفئتين تفتقدان لوجود جين فاز. وأدى هذا إلى افتراض أن فقدان تحمل السكر لدى مرضى السكري قد يمكن تفسيره جزئياً من خلال عدم وجود جين فاز. يتم تدمير الخلايا اللمفاوية بي بواسطة الخلايا اللمفاوية تي المسممة للخلايا باستخدام البيرفورين أو القرانزيم كجزيئات مؤثرة.

ثانيا: سرطانات الدم:

لقد لوحظ بأن التثبيط الشديد لموت الخلايا المبرمج يمنع التوازن الطبيعي ويؤدي إلى تكون الأورام في مختلف الأنسجة. أحد أهم الإشارات التسلسلية المتميزة للموت المبرمج للخلايا هو ارتباط جزئ فاز بمستقبله (مكمله) فاز- أل. تم اكتشاف زيادة في وجود جزئ فاز في الخلايا الجذعية لدى مرضى سرطان الدم المزمن، ومرضى فقر الدم اللاتنسجي، ومرضى خلل التنسج النخاعي بالمقارنة مع الخلايا الجذعية الطبيعية.

كما وجد الباحثين بأن وجود جزئ (Bcl-2) له ارتباط مع ضعف الاستجابة للعلاج الكيميائي في سرطان الدم الحاد. و لذلك فالعلاج بواسطة العقاقير المحتوية على مضادات ل (Bcl-2) مع قليلات النيكلوتايدات (المادة النووية) يؤدي إلى تحسس الخلايا للدخول في الموت المبرمج للخلايا. كما وجدت دراسة حديثة بأن وجود كميات كبيرة من البروتين المضاد لموت الخلايا المبرمج (Mcl-1) ترتبط ارتباطاً وثيقاً بفترات تحسن المرض. ومن المثير للاهتمام أن وجود (Bcl-2) ينخفض بعد العلاج (أس تي أي )المستخدم حديثا لمعالجة مرضى سرطان الدم المزمن.

يعتبر بروتين p53 مثبطا للأورام والذي يمكن تعطيله إما عن طريق الحذف أو الطفرة الجينية في العديد من السرطانات التي تصيب الإنسان. وقد لوحظ اما حذف أو وجود طفرة جينية p53 في العديد من أمراض الدم منها: سرطان الدم المزمن وسرطان الدم اللمفاوي المزمن. عند أخذ خلايا جذعية من p53 تكون مقاومة لموت الخلايا المبرمج بعد تعرضها لحرارة عالية أوأشعة جاما. وينتشر تعطيل الجين p53 لدى حوالي 40 ٪ من مرضى سرطان الدم اللمفاوي المزمن. ومثل الأورام الأخرى، فإن الطفرة في الجين p53 تترافق مع زيادة شدة المرض.

إن أستقلاب الكروموسومات الواقع بين الكروموسومين (9 و 22) هو السمة المميزة لسرطان الدم النخاعي المزمن مكونا بروتينا جديدا يعرف باسم كروموسوم فيلادلفيا (Ph+). يلاحظ وجود هذا الجين في 30 ٪ من مرضى سرطان الدم اللمفاوي الحاد. تعتبر التأثيرات المضادة لموت الخلايا المبرمج ، وزيادة تكاثر الخلايا، و الخلل في آلية الالتصاق بين الخلايا البدائية الأجداد وبين خلايا النسيج الضام، تأثيرات ناجمة عن وجود هذا البروتين في الخلايا الجذعية الغير طبيعية لدى المرضى. ولذلك يمكن اعتباره مسؤولا عن التكاثر النخاعي والذي يشمل عيوب الالتصاق، التجديد الذاتي، وعدم الاستجابة إلى كل من التنظيم السلبي وعيوب في موت الخلايا المبرمج.

ثالثاً: العدوى الفيروسية:

قد تسبب العدوى الفيروسية أيضاً موت الخلايا المبرمج من خلال التسميم الفيروسي المباشر للخلايا، أو التسميم بإدخال عامل تنخر الورم (TNF)، أو إحداث إشارات متضاربة للسيطرة على نمو الخلايا. وقد وجد العلماء بأن موت الخلايا المبرمج هو جزء من إمراضية الفيروسات وذلك في حالات الفيروسات الغددية وفيروسات الإنفلونزا، بينما هناك غيرها من الفيروسات يمكن أن تمنع موت الخلايا المبرمج على سبيل المثال الفيروسات العصوية الجين p35. وكما هو حال الفيروسات العصوية فإن فيروس الجدري يقوم بإلغاء موت الخلايا المبرمج عن طريق إنتاج مثبطات لإنزيم الإنترلوكين-1 ، ومثله كذلك جين جدري البقر(crm-A) فإنه يعمل كمثبط لإنزيم الإنترلوكين-1.

وبصورة استثنائية، فإن موت الخلايا المبرمج هو ظاهرة عامة في متلازمة الالتهاب الرئوى الحاد (سارس) وحيث في هذا المرض تكون الخلايا الغازية في الأنسجة المرضية هي في المقام الأول وحيدات النوى، مما يشير إلى أن موت الخلايا المبرمج وغزو وحيدات النوى يلعبان دوراً هاماً في تطور مرض سارس الفيروسي. إن موت الخلايا المبرمج ، وانخفاض عدد خلايا الدم البيضاء اللمفاوية بنوعيها (تي، و بي) في الرئتين و الطحال والغدد اللمفاوية، كل ذلك يشير إلى أن فيروس السارس يمارس قتل الخلايا المناعية إلى حد كبير خلال مراحل إمراضيته.

الأمراض المرتبطة بزيادة موت الخلايا المبرمج:

أولا: الإيدز:

إن التسبب في موت خلوي مبرمج غير متوازن لخلايا تي ذات (CD4+) والتي يسببها فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) قد يكون ذا صلة كبيرة في التسبب بمرض الإيدز. ولقد أثبت علميا بأن جين النسخ الفيروسي (تات) يؤثر على نسخ الحمض الريبوسي (أم أر أن أي) لبعض الجينات التي تساهم في بقاء الخلية. وعلاوة على ذلك فقد تم تحديد أن الجين (تات) هو من يقوم بإعادة ترتيب وجود بروتين (Bcl-2) سابق الذكر، وبالتالي يمنع موت الخلايا المبرمج. لقد أظهرت الدراسات المبكرة بأن موت الخلايا المبرمج وإمراضية الإيدز أن خلايا الدم البيضاء اللمفاوية نوع (تي) المأخوذة من عينات الدم للأفراد مصابين بالإيدز كانت حساسة للغاية لموت الخلايا المسبب في المختبر. أصبح من الواضح الان ، أنه ليس فقط الخلايا اللمفاوية نوع (CD4) هي المستهدفة بالموت الخلايا المبرمج في عدوى فيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، ولكن أيضا الخلايا اللمفاوية نوع (CD8).

ثانياً: أمراض الأعصاب الانحلالية:

إن أمراض الأعصاب الحادة والمزمنة هي أمراض مرتبطة بمعدل مرتفع من إحصائيات الإمراضيات والوفيات. إن موت الخلايا العصبية هو الخاصية المميزة لهذه الأمراض بما فيها: السكتة الدماغية و إصابات الدماغ وإصابات الحبل الشوكي والتصلب الوحشي الضموري ومرض هنتنغتون ومرض الزهايمر ومرض باركنسون. وبالنظر إلى أن قدرة أنسجة الجهاز العصبي المركزي على التجدد محدودة للغاية، فإنه من الأهمية القصوى الحد من الأضرار الناجمة عن موت الخلايا العصبية. هناك عاملان هامان المسببة: أولاً وجود كميات كبيرة من بروتين (Bcl-2) و ثانياً: وجود عامل النمو العصبي والنسيجي خارج الخلية مما يؤثران على موت الخلايا العصبية.

تلعب الكاسبيزات (الانزيمات الهدامة) دوراً محورياً في حدوث مجموعة من الاضطرابات العصبية. ففي الأمراض العصبية الحادة يحدث كل من التنخر وموت الخلايا المبرمج بواسطة الكاسبيز. على النقيض من ذلك نجد أنه في أمراض الأعصاب المزمنة، تكون غالبية موت الخلايا بسبب الموت المبرمج للخلايا المسبب بوساطة الكاسبيز. الفرق الأساسي بين الأمراض العصبية الحادة والمزمنة هو حجم المحفزات التي تسبب موت الخلية. فزيادة كمية المحفزات في الأمراض الحادة تؤدي إلى موت الخلايا بالطريقتين المبرمجة والتنخرية، بينما كمية أقل من المحفزات في الأمراض المزمنة تؤدي إلى الموت المبرمج للخلايا فقط. إن التدخل العلاجي في المراحل الأولى لموت الخلايا المبرمج بواسطة مضادات لموت الخلايا المبرمج قد ينقذ الخلايا العصبية من ناحيتي التركيب والوظيفية. وفي المقابل، فإن تثبيط مرحلة تنفيذ موت الخلايا المبرمج، مثلاً عن طريق تثبيط الكاسبيزات قد يوقف أو يؤخر موت الخلايا وبالتالي أمكانية استعادة وظائف الخلايا العصبية. ومن المرجح أنه في السنوات القليلة القادمة، سوف تصبح مثبطات موت الخلايا المبرمج جزءاً من الممارسة اليومية للأطباء الذين يعالجون الأمراض العصبية التي تنطوي على خلل الخلايا وموت الخلايا المسبب بواسطة الكاسبيزات.

ويرتبط مرض الزهايمر بالتراكم المستمر للببتيد بيتا أميلويد. وقد وجد عدة باحثين مؤخراً أن بروتينات بيتا أميلويد تحفز الخلايا العصبية نحو موت الخلايا المبرمج. وكشف تحليل التركيبة الخلوية العصبية أنها بدأت التغيرات الشكلية للموت المبرمج للخلايا بعد تعرضها لبروتين بيتا أميلويد. إن تعرض الخلايا العصبية المزروعة في المختبر لتنشيط وتثبيط الكاسبيز يحمي الخلايا العصبية من الموت المبرمج للخلايا بما يتفق مع دور متتاليات موت الخلايا المبرمج في أمراض الأعصاب الانحلالية المسببة بوساطة بيتا أميلويد.

ثالثاً: تصلب (أحتشاء) عضلة القلب:

يعتقد أن موت الخلايا المبرمج هو السبب الوحيد لموت الخلية في تصلب عضلة القلب لدى الإنسان، كما لوحظ موت الخلايا المبرمج في ثلاث مناطق مختلفة: (أ) في لب منطقة التصلب بالقلب، (ب) في المنطقة الحدودية للاحتشاء، (ج) في عضلة القلب الحية بعيداً عن منطقة التصلب. وقد تبين في النموذج الحيواني أن زيادة الموت المبرمج للخلايا في المناطق البعيدة عن منطقة الاحتشاء يرتبط مع زيادة في التعبير عن البروتينات المشاركة في مرحلة ما قبل الموت المبرمج للخلايا مثل: (p53)، و كاسبيز-3.

دكتور فارس العنزي

استشاري وأستاذ علم المناعة المشارك بجامعة الخرج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى