عبد الله بن سعد السبر

وأحل الله البيع وحرم الربا

الحمد لله الذي أحل البيع وحرم الربا , وبسط الرزق لعباده , وقبض عمن شاء منهم , ومنحهم من خيرات الدنيا , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك , وأشهد أن محمد عبده ورسوله , صلى الله عليه وعلى آله وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :

فاتقوا الله عباد الله فإن تقواه طريق للرزق وطريق إلى مرضاته والفوز بجناته( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71))

أيها المؤمنون :

في زمن أصبح المال هو عصب الحياة واكسيرها,وتهافت الدنيا على أهلها , وفتحت عليهم فتحاً عظيماً , وأصبحت مقامات الأشخاص تحدد على قدر أرصدتهم وما يملكون من أموال, نعم ياعباد الله في هذا الزمن الذي أصبح التعامل بالربا سمتا لكثير من المسلمين , و صار الربا هو المحرك للإقتصاد , فأصبح الفقير لا يستدين إلا بدين ربوي , ولا يقضي هذا الدين إلا بدين ربوي آخر , وأصبحت محاربة الله ورسوله أمراً سهلاً عند كثير من المسلمين, وحورت المسميات عن أسمائها الحقيقة فالربا يمسى بفوائد,وانتشرت العينة ولكن أيها المؤمنون هذه وقفة تذكر واعتبار لنفسي ولكم مع هذا الأمر المنكر الذي استشر في المجتمع ونخر فيه.

عباد الله

لقد كان الربا موجودا فيمن قبلنا وقد أخبر سبحانه عن اليهود وحيلتهم في التعامل بالربا فقال سبحانه {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً، وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ} قال الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: “إن الله قد نهاهم – أي اليهود – عن الربا، فتناولوه، وأخذوه، واحتالوا عليه بأنواع الحيل، وصنوف من الشبه، وأكلوا أموال الناس بالباطل”

أيها المؤمنون

قد ورد في التحذير من الربا نصوص كثيرة من نصوص الكتاب والسنة، ، فقال الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} وقال سبحانه وتعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} قال ابن عباس – رضي الله عنهما – (هذه آخر آية نزلت على النبي صلّى الله عليه وسلّم) . وعن جابر رضي الله عنه قال: “لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه”، وقال: “هم سواء,وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: “ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة” . فأين من يتعامل بالربا ويدعي الضرورة في الاقتراض لشراء سيارة او منزل أو ربما استدان لكي يصطاف في دولة أوروبية , إنه يكاد أن يطبق على بعض المسلمين قول المصطفى الأمين صلوات ربي وسلامه عليه “ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمِن الحلال أم مِنَ الحرام” , وأين هم من قول النبي صلى الله عليه وسلم “درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشدُّ من ستٍّ وثلاثين زنية”

أيها المؤمنون : لا يشك المسلم في أن الله عز وجل لا يأمر بأمر ولا ينهى عن شيء، إلا وله فيه حكمة عظيمة، ومن أهم حكم تحريم الربا ,أن الربا ظلم والله حرم الظلم, وفيه تحريمه قطع الطريق على أصحاب النفوس المريضة, والربا أيضا فيه الربا فيه غبن, وكما حرم أيضا للمحافظة على المعيار الذي تقوم به السلع. و الربا له أضرار أخلاقية وروحية؛ لأننا لا نجد من يتعامل بالربا إلا إنساناً منطبعاً في نفسه البخل، وضيق الصدر، وتحجر القلب، والعبودية للمال، والتكالب على المادة وما إلى ذلك من الصفات الرذيلة.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد الثقلين

الخطبة الثانية

الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد , تعالى عن الشبيه والنظير والولد , وصلى الله على الني المختار وعلى آله الأطهار وأصحابه من المهاجرين والأنصار, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم التناد أما بعد

قال السرخسي في المبسوط: (وقد ذكر الله تعالى لآكل الربا خمسا من العقوبات).

الأولى: التخبط قال تعالى:

الثانية: المحق قال تعالى:(1).

الثالثة: الحرب قال تعالى: (2).

الرابعة: الكفر، قال الله تعالى: (3).

وقال تعالى: (4).

الخامسة: الخلود في النار، قال تعالى:

——————————————————————————–

سورة النساء، الآيتان: 160، 161.

تفسير ابن كثير 1/584.

فتح الباري بشرح صحيح البخاري 4/314.

مسلم 3/1218 برقم 1597.

سنن ابن ماجه 2/765 برقم 2279 وقال الشيخ ناصر الدين الألباني في صحيح الجامع الصغير 5/120 “إنه حديث صحيح”.

البخاري مع الفتح 4/313 برقم 2083 و4/296، برقم 2059 باب من لم يبال من حيث كسب المال.

) أخرجه أحمد 5/225، قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين، انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة، 2/29، برقم 1033

انظر الربا وأثره على المجتمع الإنساني للدكتور/ عمر بن سليمان الأشقر ص93.

المبسوط للسرخسي: ج12 ص109ـ 110

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى